نجت رئيسة حزب المسيحيين الديمقراطيين إيبا بوش من السقوط في الانتخابات الأوروبية يونيو الماضي. كثيرون رأوا في تصريحاتها بانتقاد الإسلام حبل نجاة تمسكت به بوش لتجذب أصوات حليفها، حزب SD .
كانت بوش حينها مهددة بترك رئاسة الحزب لو فشل في تجاوز عتبة الأربعة بالمئة المطلوبة لدخول البرلمان، لكنه تجاوز الخمسة بالمئة في نتائج الانتخابات.
قبل أسبوعين من الانتخابات خرجت بوش بتصريحها الشهير الذي تدعو فيه إلى إعادة المسلمين الذين لا يتكيفون مع القيم الأوروبية إلى بلدانهم الأصلية، متهمة بشكل مبطن بعض المسلمين الموجودين في السويد بتأييد رجم النساء ورمي المثليين من الأماكن الشاهقة. فيما اتهمها كثير من السياسيين بأنها تبحث عن مصالح حزبها الخاصة على حساب مشاعر المسلمين، فتسهم في تقسيم المجتمع.
بعد الانتخابات، تحسنت أرقام بوش في استطلاعات الرأي. وفي أسبوع ألميدالين أواخر يونيو ركزت بوش على القيم السويدية واصفة من يمارسون الاضطهاد المرتبط بالشرف بـ”البهائم”، ومعتبرة أنه لا يكفي تعلم اللغة أو الحصول على عمل أو اتباع سياسة هجرة صارمة، بل إن “هؤلاء الأشخاص بحاجة إلى التكيف مع الثقافة السائدة في السويد”، وفق تعبيرها.
بعد عطلة الصيف عادت بوش لتضرب على الوتر نفسه، وخرجت أمس بتسجيل مصور علّقت عليه بالقول إن الإسلام يجب أن يتكيف مع القيم السويدية، معتبرة أن كثيراً من الناس يمارسون الإسلام في السويد وأوروبا كما يفعلون في الدول الشمولية.
بوش قالت إن هناك حالة من الجبن في انتقاد أشكال مختلفة من الإسلام، مركزة على ما أسمته “الإسلام الشمولي” الذي يمارَس في الأوطان الأصلية للمسلمين وأصبح يمارس في السويد أيضاً.
تنضم نائبة رئيس الحكومة إلى التيار الذي يخوّف الأوروبيين من انتشار قيم غريبة عنهم، ويركز تحديداً على الإسلام والمسلمين. تصريحاتها تتساوق مع جو عام تنتشر فيه الإسلاموفوبيا، وتتحدث فيه أحزاب مثل SD عن “استبدال سكاني”، بينما تزداد شعبية اليمين المتطرف في عموم أوروبا على حساب العداء للمسلمين بمسميات مختلفة وتحت ذرائع متعددة.
تسوّق رئيسة المسيحيين الديمقراطيين انتقادها بدعوى الدفاع عن المسلمين السويديين الذين لا يريدون العيش تحت الاضطهاد الذي هربوا منه في بلدانهم الأصلية، غير أن السياق العام للتصريحات الخاصة بالإسلام من سياسيين سويديين يحوّل المسلمين إلى مشكلة وخطراً على السويد وقيمها، الأمر الذي يزيد العزلة والانقسام، ويشجع الأفكار المتطرفة، وفق ما يرى سياسيون من أحزاب المعارضة. فهل تحاول تصريحات نائبة رئيس الحكومة المتكررة وضع اليد على الجرح “بجرأة” كما تسميها، أم أن انتقاد الإسلام تحول إلى موضوع مزايدة في سوق اليمين حتى لو أدى ذلك إلى خراب روما؟