هل هناك حرب ثقافية في السويد؟

: 3/17/23, 9:23 AM
Updated: 3/17/23, 9:23 AM

هل هناك اليوم حرب ثقافية في السويد؟

وما هي حدود حرية التعبير وما هو مفهوم التهديد والكراهية والتشهير في وسائل الاعلام؟ وكيف يمكن سحب مناقشة المواضيع الهامة من منصات التيكتوك الى الحوارات المحترمة والهادئة؟

هذه الأسئلة وغيرها كانت محور ندوة شاركت بها الكومبس

على هامش القمة الاعلاميةالسويدية

أهلا بكم
شاركت الكومبس أمس الأربعاء، في ندوة على هامش القمة الإعلامية السويدية للعام الحالي. اسم هذه الفعالية السنوية بالسويدية Media Summit 2023 ولأنها قمة فهي تبحث مواضيع الصحافة والإعلام بشكل شامل يتضمن النواحي التجارية والسياسية بحضور المشاركين في صناعة الإعلام. هنا في السويد وكما يعلم الجميع لا توجد مؤسسة يمكن أن تستمر بدون فكرة قائمة على البزنس أو على الأعمال، لا يمكن لوسيلة إعلامية خاصة أن تستمر إذا لم تكن تمول نفسها بنفسها، ولا يمكن أن تعتمد فقط على المساعدات التي تقدمها عادة الحكومة لوسائل الإعلام لدعم استقلاليتها، تماماً كما تقدم الحكومة السويدية دعماً للجمعيات الأخرى كالمساجد والكنائس. إذاً يبقى هاجس الاستمرار مرتبط بمدى قوة الأفكار التي تضمن تمويلاً ذاتياً بالدرجة الأولى، في الفترات الأخيرة أُغلقت العديد من الصحف ووسائل الإعلام بسبب عدم قدرتها المالية على الاستمرار، بينما انتعشت صحف أخرى لأنها وجدت طرقاً تجارية تتلاءم مع تطورات التكنولوجيا وحاجات القراء. طبعا يمكن قول لك قائل: نعم يوجد وسائل إعلام تخسر الملايين سنويا ومستمرة، هذا الكلام إلى حد ما صحيح في دول أخرى عندما يتحد أباطرة المال مع رمز. إعلامية لتمرير لهم سياسات ودعم لوبيات وتشكيل رأي عام، وقتها هم يخسرون المال ظاهريا لكنهم يربحون سياسة وترويج وغسيل أدمغة.
إذا قمة الإعلام السويدية بحثت بشكل عام ما تعيشه صناعة الإعلام من تحول مستمر، بسبب التطور التكنولوجي وطبيعة الجهات الفاعلة الجديدة والسلوكيات المتغيرة للمتابعين. بحثت أيضا الضغط المستمر على الوكالات الإعلامية وطرحت أسئلة من نوع: كيف يبدو طريق الصحافة والإعلام إلى المستقبل؟ كيف ستستمر الرقمنة في التأثير على طريقتنا في الاستهلاك وإنشاء المحتوى؟ ما هي الجهات الفاعلة والخدمات الجديدة التي تغير الأعمال المستقبلية لصناعة الإعلام؟ إضافة إلى مدى قابلية المشتركين على الدفع لقراءة مقالات ومواد مغلقة، وما هو مصير البث التلفزيوني، والراديو، والبودكاست والأعمال الصوتية والإعلانية.
كما ترون مواضيع كبيرة وأسئلة تعتبر مناقشتها بصورة مسبقة أمراً مهما لمستقبل صناعة الإعلام ومدى تأثيره على الناس وعلى حياتهم اليومية.
كما قلنا في البداية الكومبس شاركت في إحدى ندوات القمة، وكان إلى جانب مديرة الكومبس، مديرة تلفزيون SVT ورئيس تحرير صحيفة DN ورئيس تحرير صحيفة كفارتال. الندوة كانت بعنوان: التهديدات والكراهية والحرب الثقافية (ضمن وسائل الإعلام طبعا) كما أثير السؤال: من هم أكثر الناشرين التزاما فعلا بالكلمة الحرة؟ خصوصاً أثناء الحديث والتغطية المتعلقة بعملية انضمام السويد للناتو؟
سؤال جريء كما تلاحظون: من التزم بحرية الكلمة من الناشرين، طالما أننا نقول عن الإعلام في السويد أنه حر؟ ومن أعطى المجال للرأي الآخر لكي يقول مثلاً إن مصلحة السويد ليست بالانضمام إلى الناتو؟ أو دعونا لا نخيف الشعب فقط، دعونا نناقش ونتحاور بفوائد ومضار عضوية الناتو؟
النقاش حول هذه النقطة كان حاداً وغنياً، وكانت هناك اختلافات بوجهات النظر، حول اللجوء. إلى الصمت أحيانا حفاظاً على الكلمة الحرة، وحول دور الإعلام إجمالاً في الأزمات وعند وقوع مخاطر وطنية.

ناقشت هذه الندوة أيضاً الإجراءات التي صيغت في السنوات الأخيرة، على شكل قوانين وتعليمات يمكن أن تحد من عمل الصحفي، مثل القيود الواردة في قانون السرية،

سؤال مباشرة وجهه مدير الندوة إلى مديرة الكومبس: هل توافقين على وصف أن هناك حرباً ثقافية في السويد اليوم؟ أو كيف يمكن التعبير عما يجري؟ من الطبيعي أننا لا نوافق على استخدام تعبير “الحرب الثقافية” لما قد يحتويه هذا التعبير من ألغام عنصرية، الجواب كان كالتالي: لا يوجد ثقافة أفضل من ثقافة، وليس كل من ينتمون إلى ثقافة معينة هم ضد المجتمع الذي يعيشون فيه، من الممكن أن يكون هناك صراع على القيم، هناك من يريد تغيير قيم المجتمع من نازيين ومتطرفين سويديين ومن متطرفين أجانب غير سويديين، لذلك نحن نشهد حرباً على القيم أو حرب معلومات بين المعلومة الصحيحة والمعلومة المضللة.
وهذا ما جعلنا كجهة إعلامية محايدة تبحث عن الحقيقة وتقدم المعلومة الصحيحة، في خط المواجهة مع أصحاب خط التضليل من جميع الجهات التي لا تؤمن بالديمقراطية وبقيم المجتمع السويدي إجمالاً. انتهت الإجابة.
من الطبيعي أن نجد معارضين لنا من المجموعة التي تتابعنا. على مدار 11 سنة، من عمر الكومبس، واجهنا المتطرفين العنصريين لأنهم يدعون بأن ثقافة السويدي أعلى وأرقى من ثقافة العرب والمهاجرين عموماً، وواجهنا المتطرفين داخل مجموعتنا ممن لا يريدون ويرفضون الاندماج بحجة أن ثقافتهم أفضل من الثقافة السويدية المنحلة. كلاهما لا يريدان للإنسان البسيط أن يندمج بالحد الأدنى بالمجتمع الجديد.
لدينا مثال واضح، عندما دخلت الكومبس وبجدارة نطاق المساعدات العامة المخصصة للإعلام وضع المتطرفون العنصريون شعارات إسلامية على صور موقعنا وروجوا بأن موقعاً إسلامياً يتلقى مساعدات من دافعي الضرائب، موقع يروج للدعاية الإسلامية حسب ادعائهم.
نفس الهجوم شنه علينا حتى قبل أيام صاحب موقع شؤون إسلامية مجهول الهوية حين اتهم الكومبس بأنها موالية وبوق للحكومة السويدية. وطبعا هو قدم ذلك بدراما وأكشن وكأنه اكتشف أمريكا، أن الكومبس تلقت مليون كرون مساعدة سنوية، نريد هنا فقط أن نصحح له، نحن تلقينا هذا العام مليون و300 ألف كرون ومن الممكن أن نتلقى أكثر من ذلك العام المقبل، وهذا ليس سراً وليس عيبا، هذا فخر بأن يتم وضع صحيفة ناطقة بغير السويدية لأول مرة بتاريخ السويد ضمن المساعدات التي تتلقاها كبريات الصحف السويدية مثل الافتنبلادت وغيرها. نحن لدينا 15 زميل موظف بدوام كامل أو جزئي، وحجم دخلنا السنوي يقترب من 20 مليون كرون، لذلك الكومبس ليست مرتبط بالمساعدات، وللعلم أيضا المجتمع يعطي هذه المساعدات لوسائل الإعلام من أجل زيادة استقلاليتها وترسيخ مهنيتها، وليس مقابل أي شيء آخر. والدليل أن هناك صفحات تصف نفسها بالإعلام الرسمي، وأنها الأكبر والأضخم والأكتر والأفضل إلى ما هنالك…طبعا عندما يكون الإعلام رسمي فهو بوق للدولة والحكومة لأنه ملتزم فقط بالرواية الرسمية، لذلك لا يوجد شيء في السويد اسمه إعلام رسمي ولا تحتاج السويد أو. الحكومة إلى مثل هذا. الإعلام..وهذا للعلم فقط.
هناك موقع آخر يدعي أنه مركز سويدي للمعلومات، لا أحد على الإطلاق يعرف من هم؟ ومن هو المدير أو الشخص أو الأشخاص الذين يكتبون فيه أو يديرونه، وما هو مكانهم؟ مؤخرا كتب أسماء بعض الأشخاص كلها أسماء وهمية، والأدهى من ذلك قادت وقاحة هذا الشخص المسؤول عن هذا الموقع إلى أن يضع عنوان صفحته نفس عنوان الكومبس في ستوكهولم، وتصله رسائل عديدة على عنواننا، خاصة ممن يطالبونه بدفع غرامات على الصور التي يسرقها من المواقع الأخرى، إضافة إلى سرقة أغلب ما نكتبه نحن ليقوم بتحويره وتغييره وتوظيفه ضد السويد والمجتمع السويدي، فهل هؤلاء نعتبره يمثلون ثقافة في مواجهة ثقافة السويد؟
طبعا لا هؤلاء مصيبة على الثقافة العربية والإسلامية وعار على الإعلام ككل.
شاركت الكومبس بالإجابة والنقاش حول عدة أسئلة أخرى من الممكن أن نعرضها بمادة أخرى قريبا، وجرت مناقشة لحدود حرية التعبير ولمفاهيم التهديد والكراهية والتشهير ..وهل حرية التعبير يمكن أن تتأثر في بيئات نشر الكراهية والمعلومات المضللة؟
قد يكون غريبا بالنسبة للبعض أن القانون السويدي وبسبب قدسية حرية التعبير يحمي حتى المروجين للكذب وللمعلومات المضللة، يعني هؤلاء رواد التيكتوك الذين يشتمون ويروجون للكذب أن السويد تخطف الأطفال وأن السوسيال مافيا، لا يستطيع القانون أن يطالهم طالما لا يهددون شخص معين تهديدا فيزيائيا بل يمكنهم حتى نشر الكراهية كما يريدون… السبب أن السويد لم تتعود بعد على هذا النوع من الردح الرخيص، وأن السويد تعول دائما على وعي وفهم الناس، الآن تحاول السويد التصدي لهؤلاء بنشر أكثر وأوسع للحقائق والمعلومات الصحيحة هذا أقصى ما يمكن أن يردوا به على رواد وقادة وزعامات حملة التضليل التيكتوكية
من الضروري التطرق إلى موضوع أخير، طُرح في الندوة وهو لماذا يمكن أن تخرج بعض المواضيع إلى الاستقطاب على السوشيل ميدا على شكل حملات قوية من الدعايات والمعلومات المضللة، بدل أن تكون ضمن دوائر الحوار المحترم والنقاش العقلاني؟ لعل ما حدث ويحدث بموضوع قانون الرعاية القسرية للأطفال LVU من استقطابات ودخول أشخاص للاصطياد بالمياه العكرة لتمرير رسائل كراهية للسويد والمجتمع السويدي هو خير مثال للإجابة عن هذا السؤال.
نعم لقد أغفلت السويد ومؤسساتها وأحزابها وحتى وسائل إعلامها وجود مشكلة حقيقة تفاقمت وتفاقمت قبل أن تُخطف من قبل جهات غير مؤهلة لحلها وغير قادرة على إيصالها للمجتمع بل وحتى وبشكل مقصود تريد استغلالها لشق المجتمع السويدي.
تأجيل هذه المشكلة وعدم النظر إليها كحالة اجتماعية تحتاج إلى معالجة عقلانية هو من جعلها تتصدر التيكتوك ووسائل التواصل الأخرى بشكل مشوه وغير صحيح.
الطبيعة تكره الفراغ، والفراغ الذي تركه السوسيال والصحافة ملأته جهات سيئة جرت الويل للعائلات وللجاليات العربية والإسلامية وحتى للسويد ككل، كان من الأحرى، والآن الوقت ليس متأخرا، أن يتم تقبل حقيقة أن هذا الأب أو هذه الأم أو العائلة بحاجة إلى وقت وموارد إضافية لكي يعرفوا كيف يتصرفون بالقانون مع أطفالهم، وما هي حقوقهم وما هي حقوق أطفالهم، وأن يعطوهم فرصاً أكثر لتصحيح أخطائهم التي يمكن أن تصحح.
الآن يجب سحب البساط من تحت الغوغائيين والمنتفعين في السويد وخارجها من موضوع سحب الأطفال والعودة إلى حوارات ونقاشات هادئة ومحترمة كما جاء في متن السؤال.
مرة أخرى لا يوجد حرب ثقافية في السويد، الحرب بين الخير والشر بين الجهل والعلم بين الحق والباطل وبين المعلومة الصحيحة والمعلومة الكاذبة والمضللة، وللحديث بقية ولكن إلى اللقاء

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.