افتتاحية الكومبس

الفائز الأول في يوروفيجن.. فلسطين

: 5/9/24, 5:32 PM
Updated: 5/9/24, 5:32 PM
الفائز الأول في يوروفيجن.. فلسطين

شاركت إسرائيل في “يوروفيجن” لكن الحاضر الأكبر كان فلسطين. الأخضر والأحمر ملأا مالمو، وشكلت المسابقة فرصة جيدة للتذكير بما ترتكبه إسرائيل في غزة.

في نصف النهائي الأول من المسابقة فازت 10 دول، لكن الفائز الأكبر كان إريك سعادة، المغني السويدي الفلسطيني الذي لفّ كوفية حول معصمه وأصبح حديث الإعلام والجمهور.

شعر اتحاد البث الأوروبي والتلفزيون السويدي بـ”الأسف” معتبرين الكوفية “رمزاً سياسياً”، لا زياً شعبياً كالزي السويدي التقليدي الذي يفخر به السويديون.

“أشعر بالخجل لموقف اتحاد البث والتلفزيون السويدي” يقول الكاتب في صحيفة إكسبريسن ماتياس بيركفيست، معتبراً أن سعادة يلفت الانتباه لمعاناة أطفال غزة ويطبق شعار “يوروفيجن” “نحن متحدون بالموسيقى”، لو كان في الرؤوس عقول.

من غير المعروف حين ساعة كتابة هذا المقال (الخميس عصراً) كيف سارت الأمور في نصف النهائي الثاني من المسابقة بمشاركة المغنية الإسرائيلية، لكن صيحات الاستهجان التي قابلتها خلال تقديم تجارب الأداء في اليوم الذي سبقه تقول الكثير.

لم يعد أحد يتحمل “الضوء الأخضر” الذي منحته حكومات غربية لإسرائيل لتفعل ما تشاء بعد هجوم السابع من أكتوبر، ناهيك عن تحمله ما ترتكبه تل أبيب من فظائع. انظروا إلى ما يفعله طلاب الجامعات الأمريكية في حركة تنحاز إلى الجانب الأخلاقي من التاريخ متحدّين المصالح والسياسات.

يحتج منظمو يوروفيجن بأن المسابقة حدث ثقافي لا علاقة له بالسياسة، فهل الثقافة والسياسة منفصلان حقاً؟ وهل ما يواجه أطفال غزة اليوم قضية سياسية، أم قضية إنسانية أخلاقية؟ وهل كانت مسابقة يورفيجن موسيقية فقط طيلة تاريخها؟

النسخة الأولى من المسابقة أقيمت في العام 1956 في مدينة لوغانو السويسرية، بهدف تعزيز التفاهم بين الشعوب. حملت الثقافة طابعاً سياسياً منذ البداية، فالدول المشاركة في النسخة الأولى كانت قد دمرت بعضها قبل عشر سنوات فقط في الحرب العالمية الثانية.

ومنذ البداية ظهرت الخلافات السياسية، بعد أن قرر ممثل إسبانيا الغناء باللغة الكتالونية، الأمر الذي استفز نظام فرانكو الحاكم آنذاك، فأرسل ممثلة أخرى لإسبانيا وفازت بالمركز الأول.

وفي العام 1975 قاطعت اليونان المسابقة بسبب مشاركة تركيا. وفي العام الذي تلاه لم تشارك تركيا، بسبب توتر العلاقات بين البلدين بعد تقسيم حزيرة قبرص.

وفي ذروة الحرب الباردة العام 1982، وقفت المغنية الألمانية نيكول على خشبة المسرح وهي تحمل قيثارة بيضاء. وغنت أغنية بعنوان “قليل من السلام”، وفازت بالمسابقة.

لم ينجح اتحاد البث الأوروبي في إبقاء الموسيقى بعيدة عن السياسة، حيث استبعد جورجيا من المشاركة في العام 2009، بسبب تلاعب بالكلمات اعتبر معادياً لروسيا في عنوان الأغنية “We Don’t Wanna Put In” . وفي 2021، لم يُسمح لبيلاروسيا بالمشاركة لأن الفرقة التي تمثل البلاد كانت تدعم الرئيس ألكسندر لوكاشينكو. وقبل عامين فقط استُبعدت روسيا بعد هجومها على أوكرانيا.

كما أن اتحاد البث لم ينجح دائماً في إبعاد ما يعتبره “رموزاً سياسية” عن المسابقة. ففي العام 2019 وفي قلب تل أبيب رفعت فرقة هاتاري الأيسلندية العلم الفلسطيني لدى إعلان النتائج. ودفعت هيئة الإذاعة الأيسلندية غرامة مالية لاتحاد البث.

لا يمكن فصل الثقافة عن السياسة حين تكون الإنسانية موجوعة في ضميرها وهي تشاهد أطفالاً يقضون يومياً تحت القصف والرصاص. وإن كان هناك فصل حقاً، فأقنعوا تلك الجموع بأنه يمكنها أن تغمض أعينها وتتمايل على صوت المغنية الإسرائيلية وكان شيئاً لم يحدث.

من غير المعروف من سيفوز بالنسخة الـ68 من مسابقة الأغنية الأوروبية، لكن حتى لو فازت الأغنية الإسرائيلية المثيرة للجدل التي حملت عنوان “مطر أكتوبر” قبل أن يتغير اسمها إلى “إعصار”، وهو في الحالين اسم سياسي، فإن فلسطين فازت بالمسابقة قبل إعلان النتائج.

مهند أبو زيتون

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.