قطة كريسترشون و”تطبيع” العنصرية ضد المهاجرين

: 4/14/23, 10:41 AM
Updated: 4/14/23, 10:41 AM
قطة كريسترشون و”تطبيع” العنصرية ضد المهاجرين
Foto: Moderaterna

فجأة أصبحت القطة حاضراً رئيساً في كثير من فيديوهات المشاهير على وسائل التواصل. بعد اللقطة العفوية التي جابت العالم لقطة تداعب إماماً جزائرياً خلال الصلاة، أصبح حضور القطة واضحاً في الفيديوهات، ربما بغرض تقليد الإمام في عالم بات محكوماً بـ”التريند”.

رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترشون استعان بقطة أيضاً. صورته يحمل قطة في عيد الفصح أريد لها ربما أن تُظهر بساطته في الاحتفال. غير أن الكاتبة في صحيفة أفتونبلادت يونا سيما رأت في الأمر محاولة دعائية مخططاً لها لخداع الشعب باستخدام أقدم حيلة معروفة في الإنترنت: ظهور القطط يبعث في نفس المشاهد شعوراً بالراحة والطمأنينة. يفعل كريسترشون ذلك والقلق يجتاح السويديين في وقت يشهد مخاوف اقتصادية حقيقية.

ابتسامة كريسترشون مع القطة تشبه ابتسامته وهو يسمع ما يكيله ممثلو حزب SD في البرلمان من هجوم على حق اللجوء المنصوص عليه في الدستور السويدي وقوانين الاتحاد الأوروبي، معتبرينه نوعاً من “الاحتيال المنظم”.

حق اللجوء الذي منح ملايين البشر الهاربين من الحرب والموت فرصة جديدة للحياة، أصبح المتهم الرئيس في الخراب الذي يحذّر منه SD أو ربما يبشر به. حق اللجوء الذي يعتبر واحداً من أقوى تمثلات تطور المجتمعات الغربية باعتباره حقاً إنسانياً، أصبح “احتيالاً” على مرأى ومسمع من رئيس الوزراء وهو يوزع ابتسامات بلهاء، تشبه ابتسماته وهو يحمل قطته، يأويها ويطعمها ويمنحها حق الإقامة الدائمة في بيته.

يبدو التعاطف الإنساني مع الحيوان أحياناً ضرباً من النفاق حين يتجاهل المرء أنيناً يفوق في قسوته مواء قطة جائعة.

ليست بلاهةً تلك التي تدفع حزباً كالمحافظين، بأيديولوجيته الليبرالية، لتبني مقولات SD وهي تصم مجموعة كاملة من البشر، بل إنها حسابات الأصوات، ورغبة الواصلين إلى السلطة على أكتاف SD بسحب الناخبين منه، خصوصاً أن استطلاعات الرأي الأخيرة أظهرت أنهم يحققون بعض المكاسب في هذا الاتجاه.

لا يرى المحافظون، ومعهم الليبراليون، أبعد من أنوفهم وهم يظنون أنهم يحققون مكاسب انتخابية على حساب SD. “تطبيع” العنصرية في السويد ينطوي على مخاطر عميقة وبعيدة المدى تمس أركان مجتمع يشكل المهاجرون أكثر من ربعه.

لم تعد تعبيرات SD العنصرية التي تملأ صفحات التواصل تحظى بالاستهجان. بل إن الحزب يسعى إلى وقف جهود مكافحتها عبر اقتراح إغلاق معهد حقوق الإنسان ووقف تمويل أنشطة محاربة العنصرية والتمييز، بدعوى عدم وجود العنصرية في السويد.

العنصرية موجودة في السويد كما هي في كل المجتمعات، بل هي أشد بين مجتمعات المهاجرين أنفسهم، غير أن القانون والرأي العام في البلاد شكّلا دائماً سداً قوياً في مواجهتها. وما يحاوله SD الآن هو تحييد القانون، وتطبيع علاقة المجتمع بالعنصرية.

لا مصلحة لأحد في أن تصبح التعبيرات العنصرية “طبيعية” في المجتمع السويدي، سوى للمتطرفين من اليمين، أو أولئك الذي يريدون تصفية حساباتهم مع الغرب عبر السويد.

لا تبدو العنصرية كقطة أليفة بل كذئب جريح لا يمكن لأحد السيطرة عليه إن أفلت من عقاله إلا بإطلاق النار. والرصاصة إن خرجت لن يستطيع أحد التنبؤ بمآلاتها. فهل يعي من يجلسون أعلى هرم السلطة مخاطر ما يفعلون؟!

مهند أبو زيتون

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.