كان أسبوعاً من أصعب الأيام على السويد وحكومتها. عضوية الناتو التي يقاتل من أجلها السويديون باتت في مهب الريح، فيما يزداد العداء للسويد في العالم الإسلامي بعد حادثة حرق المصحف.
كل الأطراف خرجت من متوالية الأحداث هذه رابحة تقريباً، إلا السويد. أردوغان وجد حجة بوزن أخلاقي ثقيل ليضع الطلب السويدي على الرف إلى ما بعد الانتخابات التركية. اليمين المتطرف حصل على التأجيج الذي يطلبه. واليسار المتشدد الرافض لعضوية الناتو لسان حاله يقول: بيد اليمين لا بيدي. فيما يكمل بالودان سيرك استعراضه الذي يفضل.
ليس حرق المصحف سببباً لرفض تركيا عضوية السويد في الحلف، فتشدد أردوغان في المسألة سابق لذلك ومرتبط بشروط تتعلق بالأكراد لا باليمين المتطرف، بل إن تصريحات وزير الخارجية التركي المرحبة بحكومة اليمين الجديدة في السويد كانت أكثر بشاشة من مثيلاتها حين التعامل مع حكومة اليسار. غير أن في حرق المصحف ما يغري أردوغان في العزف على الوتر الديني على أبواب انتخابات قريبة.
ردة الفعل الدولية والإعلامية الواسعة لا تنطلق أيضاً من دوافع الخوف على مشاعر المسلمين أو احترام معتقداتهم، وإن أوحت بذلك، فبالودان أحرق المصحف وأشعل السويد قبل شهور فقط، وكان التفاعل حينذاك في أدنى مستوياته حتى عربياً وإسلامياً، لكنها السياسة، وحين تطل السياسة برأسها فعلى إعلام هذه الدول أن يسن حناجره.
الخاسر الحقيقي كان السويد. الانقسام داخل المجتمع يزداد ضراوة، وشعور كثير من المسلمين بأن المجتمع يمارس إزاءهم معايير مزدوجة، لم تخفف تصريحات أولف كريسترشون من حدته. والحكومة بمجملها بات السويديون يرونها ضعيفة أمام تحديات جسيمة، وأمام “ثعلب” كأردوغان. الشرخ وصل حتى إلى الائتلاف الحكومي حين بدا أن جيمي أوكيسون وحزبه يقيمان وزناً أكبر لانتقاد الإسلام من عضوية الناتو نفسها.
من سخرية الصورة ربما أن يتعلق دخول السويد إلى الحلف من عدمه بشخص كبالودان. وأن يستطيع هذا البالودان تغيير التحالفات في المنطقة.
على السويد ربما أن تلجأ إلى سياسة البرود كثلجها وأن تترك مهمة إقناع أردوغان لكبار الناتو، ففي انضمام السويد وفنلندا مصلحة ليس للبلدين وحدهما.
وحتى ذلك الحين، فإن حدود “حرية التعبير” ستظل تحرج السويد إلى أن ينتج عن جدل نخبها ما يسد ثغراتٍ يشعل فيها اليمين المتطرف النيران ويهدد بحرق البلد.