الكومبس – خاص: تصاعد الجدل مؤخراً، حول الأسباب التي تدفع بدائرة الشؤون الاجتماعية، أو ما يُطلق عليه بـ “السوسيال”، أخذ الأطفال من عوائلهم.

وكانت “الكومبس” نشرت عدة مرات، قصص عوائل، أصبحت ضحية هذه المشكلة، وعرضت أراء محامين وباحثين اجتماعين في مجال تربية الأطفال، لتوضيح وجهات النظر القانونية التي تدفع بالدولة الى أخذ الأطفال.

وفي هذا اللقاء الذي كانت الكومبس قد أجرته سابقاً مع المسؤولية الاجتماعية آن غارديستروم من الوحدة الاستراتيجية في قسم الشؤون الاجتماعية ببلدية ستوكهولم، تتحدث غارديستروم عن الأسباب التي تدفع بـ “السوسيال” الى أخذ الأطفال.

وقالت ان قانون الخدمات الإجتماعية، يركز أولاً وأخيراً على رعاية الأطفال وحمايتهم ومساعدة الأهل، موضحة إن التفكير بأخذ طفل من والديه، اخر شيء يمكن ان تقدم عليه الخدمات الإجتماعية (السوسيال) وان هذا الأمر، يحدث فقط عند عدم التوصل الى اتفاق مع العائلة وعندما تكون الأوضاع سيئة بشكل حقيقي على الأطفال.

وتشرح غارديستروم، ان السوسيال، مسؤول عن بدأ التحقيق في مثل هذه القضايا عندما يتقدم شخصاً ما لطلب الدعم، سواءَ أكان أحد الوالدين او كلاهما او شخص ثالث، يشك بوجود خطورة على الطفل، وذلك وفقاً للفصل 14 من قانون الرعاية الإجتماعية (14 kap 1 § Socialtjänstlagen)، وان ما يفعله السوسيال هو تطبيق القانون.

ووفقاً لـ غارديستروم، فإن مهمة أخذ الأطفال من عوائلهم، تمر بمراحل عدة، يجري خلالها لقاء أصحاب الشأن جميعهم، الأبناء والوالدين والمقربين إليهم والتأكد بشكل دقيق من الأوضاع التي يعيشها الطفل في كنف والديه، لافتة الى أن الأمر لا يحدث بين ليلة وضحاها، وان التشريع القانوني وضع ليحمي الاطفال ويقدم الدعم للوالدين أيضاً.

تختلف أسس تربية الأطفال في السويد بشكل جذري عن مثيلاتها في البلدان الأخرى، وبالأخص الشرقية والشرق أوسطية، لذا فإن كثير من اللاجئين المنحدرين من تلك الأصول، يواجهون صعوبات حقيقية في التكيف مع تلك الأسس والتماشي معها، اذ يبقون متمسكين بالأعراف الموروثة من أجدادهم والتي من الصعب ان تجد قبولاً في مجتمع كالمجتمع السويدي، يواكب أحدث الطرق التربوية في تنشئة الأطفال ولا يكتفي بالموروث، رغم الكثير الذي يملكه من ذلك.

تقول غارديستروم، ان جميع العاملين في مجالات تتيح لهم الاحتكاك مع الأطفال، كالمدارس والمستشفيات تقع عليهم مسؤولية الإبلاغ إذا ما وجدوا أن طفلاً ما يتعرض للأذى او هناك مخاطر من تعرضه لذلك، وفي حال حدوث ذلك، يُفتح تحقيقاً بالأمر، يمكنه له أن يستغرق أربعة أشهر أو أكثر في حال وجود أسباب قوية لذلك.

وتبين غارديستروم، إنه وخلال مدة التحقيق، يلتقي السوسيال بجميع الأشخاص المهمين من المحيطين بالطفل، كالوالدين والاقارب، لأخذ فكرة حول احتياجات الطفل والظروف البيئة والأسرية التي يعيشها ونوعية الدعم الذي يحتاجه وقدرة الوالدين على تربيته، بعدها تُقدم الخدمات الاجتماعية مقترحاتها في شكل المساعدة التي يمكن تقديمها، ويتم الحديث حول ذلك مع الوالدين والأبناء (الأطفال والمراهقين دون سن الثامنة عشر) حول المقترح الذي يرونه مناسباً، لأخذ القرار.

ماذا لو رفضت العائلة؟

تجيب غارديستروم، إنه في حال رفض الوالدين او الأطفال الذين تزيد أعمارهم عن 15 عاماً، المقترح الذي تقدم به السوسيال، يُنهي السوسيال اتصاله بهم، لكن فقط في حال لم يكن هناك مخاطر كبيرة على الأطفال من بقاءهم على حالهم، حينها يكون من الضروري اتخاذ إجراء ما، حيث تتقدم الخدمات الاجتماعية بطلب الى المحكمة بخصوص رعاية الأطفال، وفق قانون رعاية الأحداث LVU، وللمحكمة القرار في ذلك.

وتوضح غارديستروم ما يحدث في المحكمة بعد ذلك وكيف يكون لكل طرف، الأطفال والوالدين والسوسيال، ممثلاً قانونياً مخول بالحديث عنهم، اذ يتحدث كل طرف بما لديه، فيما تبرز السوسيال الخدمات الإجتماعية، تحقيقاتها، مبينة الأسباب التي ترجئ إليها الحاجة لرعاية الطفل/ الأطفال، رغم عدم اعتقادهم ووالديهم بذلك، بعد ذلك تصدر المحكمة حكماً، قابلاً للاستئناف.

وتلفت غارديستورم الى إنه يمكن في بعض المرات ان يجري تطبيق قرار المحكمة بشكل فوري، فيما إذا كان هناك خطر حقيقي على الفرد، كأن يكون معرضاً للعنف او الاعتداء الجنسي او الجرائم الجنائية او الإدمان. ما يعني ان اللجنة الاجتماعية او سياسيي اللجنة او رئيسها، يمكنهم أخذ قرار فيما إذا هناك حاجة فورية للمساعدة، وحينها يتطلب تطبيق القرار أربعة أسابيع، لحين قيام الخدمات الاجتماعية بتحقيقاتها والتوصل الى مقترح بهذا الخصوص.

وسحب حضانة الأطفال من والديهم في السويد، أمرٌ ليس موجهاً ضد اللاجئين فقط، بل ينطبق على الجميع. اذ ما ثبت ان هناك قصوراً بشأن تربية الأطفال ورعايتهم بما يضمن لهم حقوقهم الإنسانية، لكن بفارق اختلاف الأسباب، ففيما ترتكز الأسباب لدى غالبية السويديين المنحدرين من أصول شرقية وشرق أوسطية بالضغط على الأبناء في التزام العادات والتقاليد، تتمثل لدى السويديين المنحدرين من أصول سويدية بالإدمان والمخدرات وأمور على هذه الشاكلة.

وتؤكد غارديستروم على أن غالبية الأطفال والمراهقين الذين لديهم اتصال مع الخدمات الاجتماعية (السوسيال)، لا يُوضعون خارج منازلهم، بل يتلقون المساعدة أثناء عيشهم في المنزل مع ولي أو أولياء امورهم.

هل يمكن استرجاع الأطفال؟

تجيب، غارديستروم “نعم”. وتوضح قائلة: ” التشريع القانوني يهدف الى إعادة الأطفال الى منازلهم إذا كان ذلك ممكناً وبأسرع وقت ممكن. حيث إن الخدمات الإجتماعية مسؤولة عن تقديم المساعدة للأطفال وأولياء الأمور، لخلق أفضل وضعية مناسبة للأطفال في المنزل وعلى الوالدين والأبناء أن يعبروا عن ما يرونه مناسباً لهم، لكن ما يحصل أحياناً ان الأطفال لا يملكون رغبة العودة الى منازلهم من جديد”.

وتعتقد بعض العائلات أن سحب الطفل/ الأطفال من حضانة الوالدين هو تدخل سافر في حياة الفرد العائلية والشخصية، وان على أولياء الأمور ان يربوا أبناءهم بالطريقة التي يجدونها مناسبة.

وحول ذلك، تجيب غارديستروم، قائلة: ان العاملين في السوسيال كأفراد ليسوا من أوجدوا ذلك. بل الجهة المنفذة للقانون.

وتعتقد غارديستروم، ان الأمر ليس سهلاً. حيث من المهم إحترام حقيقة ان الناس قد يشعرون بالإهانة اذا ما تدخل احد ما في محيطهم الخاص، لذا يجب الإستماع بتواضع الى كيف تشعر تلك العوائل وإعطاءهم الفرصة للتوضيح وشرح نظرتهم حول تنشئة الطفل.

لكنها ومقابل ذلك، تؤكد مجدداً أن الأمر لا يجري بهذه السهولة، وهناك دائما حق إستنئاف القرار، لكن من الضروري ان نتذكر دائماً ان للأطفال حقوقاً وعلى المجتمع إلتزاماً بحمايتهم.

لينا سياوش