أدين ابنها بـ”قضية المقبرة”.. أم تتحول إلى ضحية لـ”الوصمة” الاجتماعية

: 9/25/21, 8:29 AM
Updated: 9/25/21, 8:29 AM
سارة سيفو مع "سمية" وهو أسم وهمي للسيدة التي تتحدث عن الظروف التي رافقتها وتعاني منها الآن بسبب إدانة ابنها
سارة سيفو مع "سمية" وهو أسم وهمي للسيدة التي تتحدث عن الظروف التي رافقتها وتعاني منها الآن بسبب إدانة ابنها

خاطبت الأسر المهاجرة: لا تجعلوا أولادكم كبش فداء

هذا ما حدث في ليلة المقبرة كما يرويه الجاني

هزت القضية التي عرفت باسم “قضية المقبرة” السويد العام الماضي.. شابان عمرهما 18 و20 سنة على التوالي خطفا مراهقين قاصرين عمرها 15 و17 عاماً. احتجزاهما في مقبرة في منطقة سولنا شمال ستوكهولم وقاما بتعذيبهما واغتصابهما طوال الليل كما جاء في اتهامات الادعاء العام التي أيدتها المحكمة فحكمت على الجانيين بعقوبة السجن لمدد طويلة وصلت إلى 9 أعوام للأكبر سناً، و5 أعوام للأصغر.

تابع الجميع فصول القضية عبر وسائل الإعلام. كان التركيز منصباً على الضحيتين اللذين تعرضا للتعذيب دون مبرر وكذلك على أهاليهما. أما الجانيان فغابت أصواتهما عن الإعلام، وهذا طبيعي. كان صوتهما حاضراً بالتأكيد في المحكمة التي استمعت لأقوالهما ودفاع محاميهما. غير أن ضحية أخرى ظلت بعيدة عن المشهد. أم الجاني الرئيسي في القضية. كانت ضحية ما فعله ابنها أولاً، وضحية نظرة عدائية قالت إنها ناتجة عما تعتبره “تضخيماً إعلامياً” للقضية.

حازت القضية على اهتمام إعلامي كبير ليس مستغرباً في مثل هذه القضايا التي تتحول إلى قضايا رأي عام بسبب غرابتها وحجم بشاعتها ربما.

غير أن الأم التي لا تنفي أن ابنها ارتكب فعلاً شائناً ترى أن “التضخيم الإعلامي” لما تعتبره “شجاراً عنيفاً بين شباب” أثّر على حياتها وحياة أسرتها، خصوصاً ان القضية جرى “استغلالها” من قبل النائب عن حزب المحافظين حنيف بالي المعروف بموقفه المتشدد إزاء المهاجرين. حيث نظم حملة جمع خلالها مليوني كرون للضحايا، حين كانت عواطف الجمهور ملتهبة إزاء الحادثة، “مستغلاً” بذلك أن أحد طرفي القضية كان من المهاجرين، حسب تعبير الأم.

القضية نظر فيها القضاء السويدي في النهاية. ورأى أن ظروفها كانت مشددة لأن الصبيين تعرضا لتعذيب ليس له مبرر. ونحن لسنا هنا في وارد منافشة أحكام القضاء، فذلك أروقته المحاكم والقانون الذي يعلو فوق الجميع في السويد. لكننا في الكومبس اعتدنا أن نكون صوت من لا صوت له. لهذا نفسح المساحة للأم التي نطلق عليها اسم “سمية” حتى تروي القصة من جانب أهالي الجناة، حيث تقول إنها تعرضت للضرب والإهانة والخوف جراء حملة تعتبرها “ظالمة”.

لكن لنتعرف أولاً على “جريمة المقبرة” كما روتها الصحافة وأحدثت ضجة في الرأي العام السويدي

في 23 اب/ أغسطس من العام 2020، قام شابان أعمارهما في ذاك الوقت 18 و21 عاماً بخطف صبيين قاصرين في عمر 15و17 عاما ووضعهما في مقبرة في منطقة سولنا شمال ستوكهولم، ليقوما بتعذيبهما واغتصابهما طيلة الليل، كما جاء في حيثيات التحقيق. وبالصدفة اكتشف أحد المارة الضحيتين ليقوم بإنقاذهما والاتصال بالشرطة.

الأحكام التي حصل عليها المدانان البالغان وصلت إلى 9 أعوام للأكبر سناً و5 أعوام للأصغر. وذكرت الصحف أن الضحيتين وأهاليهم كانوا راضين نسبياً عن الحكم.

وبحسب لائحة الاتهام، فإن الضحيتين تعرضا للضرب والركل والجرح بالسكاكين والحرق بالنار أو الجمر. وتم خلع ملابسهما وربطهما.

ويعتقد الادعاء العام أن الدافع الأساسي للجريمة كان المال، لكن التعذيب والعنف الشديد ليس لهما تفسير. التصنيف الجنائي للقضية كان “الخطف والاعتداء الجسيم”. ولم يفصح الادعاء عن أي علاقة محتملة بين الجانيين والمجني عليهما، احتراماً للضحايا.

في حين تقول سمية إن ابنها يعرف أحد المجني عليهما حيث كانا يلعبان كرة القدم في فريق واحد، وفارق العمر بينهم ليس كبيراً، فابنها كان قد تجاوز الـ18 من عمره بخمسة أشهر فقط، بينما أحد المجني عليهما كان عمره 17 عاماً. لذلك ترى أن وصف الإعلام للمراهقين بأنهما طفلين أساء إلى القضية وصورها كأنها اعتداء من رجلين على طفلين.

وتعتقد الأم بأن مصطلح “اغتصاب” مبالغ فيه، حيث أخبرها ابنها أنه لم يكن “اغتصاباً” بمعنى ممارسة الجنس. وتظن الأم أن المحكمة تأثرت في حكمها بالزخم الذي حظيت به القضية إعلامياً.

الكومبس تواصلت مع مكتب قانوني، لتوضيح بعض النقاط، فأوضح أن القانون السويدي يعتبر أي أعمال لها طابع جنسي تمارس على شخص دون إرادته بمثابة “اغتصاب”، وأن القانون يعتبر كل من هم تحت سن الـ 18 أشخاص قصّر، مؤكداً أن المحاكم في السويد لا تتأثر عادة بما ينشره الإعلام.

رواية الجاني

الكومبس سألت سمية كيف حصلت الحادثة كما رواها ابنها؟

لم تكن حادثة اختطاف، حيث كان ابني في طريقه إلى بيت والده الذي يقع في الطرف الآخر من المقبرة. وهو يسلك عبر المقبرة طريقاً مختصرة يسلكها كثير من الناس. وفي هذا الطريق التقى ابني بالشابين صدفة وكان على معرفة قديمة بأحدهما حيث كانا في فريق رياضي واحد. وأخبرني ابني أن كل ماجرى لم يكن سوى كلام أدى إلى مشادة ثم مشاجرة بين الشبان. كما أن ابني غادر المكان ثم عاد إلى هناك مرة أخرى في حين نُشر في الإعلام أن المجني عليهما تعرضا للتعذيب طوال الليل.

كما أن ما نشره الإعلام يقول إن أحد المارة رأى المجني عليهما صدفة واتصل بالشرطة، بينما قال ابني إنهما ذهبا برجليهما واستوقفا هذا الشخص، وأن ابني لم يهرب من المكان أصلاً لأن ما جرى لم يثر خوفه حيث كان شجاراً بين شبان. لكن المحكمة لم تأخذ بأقواله.

لماذا هرب ابنك من الشرطة إذاً؟

لا أريد إظهار ابني وكأنه ملاك بريء وأنه لم يرتكب أي خطأ يحاسب عليه. كل ما أريده إعادة النظر في الحكم بعيداً عن التضخيم الإعلامي. اسمعوا ابني بشكل عادل فنحن نعاني منذ وقت طويل. أما لماذ هرب من الشرطة فلأن لديه ردة فعل منهم وخوف من رؤيتهم ليس إلا.

قلتِ إنكم تعانون منذ وقت طويل. كيف ذلك؟

تعرضنا لمواقف كثيرة في السابق لأننا من أصول مهاجرة وقام السوسيال بأخذ ابني عندما كان طفلاً رغم رفضه ذلك ورغبته في البقاء مع أسرته.

قدمنا بلاغات للشرطة في السابق حول عنصرية تعرضنا لها ولم تؤخذ على محمل الجد. وحتى عند احتجاز ابني أعتقد باني عوملت بشكل سيئ ومنعتني الشرطة من التكلم عن القضية مع ابني. وحتى المحامي اضطررنا إلى تغييره بسبب رفض الأول الاستمرار في القضية. الموضوع أصبح أكثر سوءاً بعد دخول ابني السجن أصبحت صوره منتشرة في شوارع ستوكهولم باسم “المغتصب”، دمروا مستقبله بهذه التهمة المشينة. كما تلقيت كثيراً من رسائل التهديد التي تصفني وابني بأبشع الأوصاف. وتعرضت للضرب من قبل أحدى السيدات بسبب هذه القضية، وقدمت بلاغاً للشرطة دون جدوى.

أنا أكافح هنا وأعمل في التنظيف لتأمين حياة جيدة لأبنائي لوحدي منذ 18 سنة بعد انفصالي عن زوجي. ولا أستحق كل ذلك.

كلمة للأسر المهاجرة

ماذا تودين القول في النهاية؟

كلمة أخيرة أريد أن أوجهها خاصة لمن هم من أصول مهاجرة مثلي: أرجو من كل عائلة أن تحافظ على رباطها الأسري وأن يتجنبوا الانفصال قدر الإمكان لحماية أطفالهم من الوقوع بالمشاكل. وإن حدث الانفصال فلا تجعلوا أطفالكم كبش فداء. لا تخسروهم وتتركوا الآخرين يربونهم فيدفعون الثمن ويصبحون لقمة سائغة. لا تسلموهم بأيديكم للضياع والانحراف.

متابعة سارة سيفو

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.