الكومبس – خاص: لدى “نون ألف”، كما أراد أن نسميه في حديثه مع الكومبس، شغف بالطيور ولقرب عيد ملاد ابنته، التي تحب الطيور أيضاً قرر الأب شراء طائراً كهدية لها، ولكن الأب لم يكن يعلم أن هذه الهدية ستكلفه أضعاف ثمنها وسيتم الاحتيال عليه ببراعة.
وجد ن أ في منتصف شهر يونيو الماضي إعلان على الفيسبوك لسيدة، على ما بدى له أنها سويدية، تريد بيع طائر الببغاء الخاص بها لعدم قدرتها على الاعتناء به. وعرض الأب على السيدة شراء الطائر وارسلت له البائعة صوراً ومقاطع فيديو وقالت له إنها مريضة ولا تستطيع الاعتناء به وإنها ممتنة في حال وجدت له “أسرة جديدة” تتحمل مسؤوليته.
لم يتفق الطرفان على مبلغ معين بل قالت البائعة، إن، ن أ يستطيع تحديد المبلغ عند وصول الببغاء، فكل ما تريده هو أن تؤمن مالك جديد للحيوان الأليف.
وعندما حان الوقت للاتفاق على تفاصيل التسليم كان هناك معضلة واحدة، أن صاحبة الطير من مقيمي السويد ولكنها حين اجراء الصفقة كانت وطيرها في النمسا ولذلك يتوجب على نون ألف دفع رسوم شحنه إلى السويد.
ذهبت السيدة واجرت فحوصات طبية للطائر كما زعمت وكانت ترسل صورا ومستندات مختومة باستمرار إلى الأب.

انتهى التواصل مع صاحبة الطائر على منصة الماسنجر بمجرد أن سلمت الطائر الى شركة الشحن التي تولت مهمة التواصل مع نون عبر تطبيق الواتساب.
إلى هنا لم يدفع نون ألف كروناً واحداً ولكن سرعان ما طلب منه عميل شركة النقل الكاميرونية دفع ثمن شحن الطائر وهو مبلغ قدره 2650 كرون سويدي. نون لم يقم بعملية التحويل مباشرةً، بل أنه حاول أولا التأكد من وجود هذه الشركة واستفسر من العميل على التفاصيل. وبالفعل وجد نون موقع الشركة الالكتروني الذي بدا له كأي موقع رسمي مما جعله يشعر بالثقة ويرسل رسوم الشحن التي استلم لاحقاً إيصالاً بأنه دفعها.

بعد بضع ساعات من إرساله للمبلغ تواصل عميل شركة الشحن مرّة أخرى مع نون ليخبره أن الطائر بحاجة إلى تأمين، وللمرة الثانية تردد المشتري أن يدفع مبلغ التامين الذي يبلغ 5749 كرون ولكن العميل شرح لنون أن المبلغ سيعود له بمجرد وصول الطرد لصاحبه وأنها مجرد إجراءات روتينية مرسلاً له لائحة بها أسعار تأمينات مختلف أنواع الحيوانات.
الأب اقتنع بكلام العميل وقام بتحويل مبلغ التأمين ولكن الأمر لم ينته عند هذا الحد.
بعد مدة أرسل العميل لنون صورا ومقاطع من المفترض أنها من مطار هامبورغ. كانت الصور لحيوانات محتجزة في اقفاص بانتظار شحنها إلى وجهتها القادمة. شركة الشحن أخبرت نون أن الطائر نُقل في صندوق من النمسا إلى المانيا وأنهم في مطار هامبورغ يشترطون أن يتم تخزين الحيوانات في أقفاص الكترونية بظروف معينة تناسب الحيوانات وأن عليه دفع ثمن ايجار القفص الالكتروني وقيمة التحويلة هذه المرّة 4839 كرون.

هذه المرة لم يكن نون يريد الدفع ولكن العميل أبلغه أنه في حال امتنع عن دفع إيجار القفص فسيضطر لدفع مخالفة وسيصادرون الببغاء. أخذ نون وقتاً للتفكير وسأل من حوله وكان من رأي أولاده أن يدفع المبلغ تفاديا لأي مخالفات بتكلفة أعلى قد تأتي من جراء التخلف عن الدفع. وقال الأب، “أخبروني أولادي أنه في حال كان كلام العميل صحيح فسوف نتضرر” فدفعت المبلغ.
إلى الآن كان الأب قد دفع ثلاثة دفعات بمبلغ إجمالي 13238 كرون. اعتقد نون أن هذا كل شيء حيث أخبره العميل عبر الواتساب أن الطائر سيصل إليه على تمام الساعة الـ3:30 بعد ظهر نفس اليوم.
وقبل موعد وصول الطرد بالطائر طلب العميل مبلغ آخر. هذه المرة بحجة أن السلطات السويدية في مالمو تريد اجراء فحوصات صحية للطائر للتأكد من أنه لا يحمل اي أمراض معدية أو جارية. “اجراء روتيني آخر” كما ذكر العميل لنون.
رفض نون إرسال الاموال ولكن العميل هدده إنه إذا امتنع عن الدفع فسيبقى الطائر محتجز من فترة 30 الى 60 يوم وسيغرم بمبلغ 43000 كرون وأن الطريقة الوحيدة لتفادي ذلك هي إجراء التحويلة الاخيرة بـ4907 كرون.
قال نون: “عندما وصل الأمر للسويد شعرت بالخوف”. دفعت المبلغ لاجراء “فحص الحيوانات” وانتظرت وصول الطائر.
جاء الوقت الذي من المفترض أن تصل فيه هدية الابنة ولكن لم يصل شيئاً. يفاجئ نون في صباح اليوم التالي برسالة من عميل شركة الشحن فحواها أنه حصل حادث وتوفي كل من الطائر وحامله. “هنا حصلت لي صدمة وذهبت إلى الشرطة لتقديم بلاغ عما حدث”.

أبلغ نون الشرطة وتواصل مع البنك ولم يعطيه أي منهما أملا بأن تعود له نقوده التي خسرها والتي بلغ اجماليها أكثر من 18000 كرون. في حين باءت كل محاولات نون للتواصل مع السيدة التي زعمت أنها تريد بيع الطائر بالفشل.
ويذكر أن نون تواصل مع شركة الشحن من خلال موقعهم الالكتروني لاحقاً ولكن تبين أن العميل المزعوم قام بعملية الاحتيال مستخدما اسم الشركة دون أي علم منها.
وقال للكومبس: ” كل شيء كان يبدوا حقيقياً. كان تصلني صور ومقاطع فيديو ووثائق وكان للشركة موقع رسمي. راودني الشك أحيانا ولكن هذه ليست المرة الأولى التي أشتري بها شيء عن طريق الانترنت ولذلك أمنت. من خلال قصتي أريد أن يستفيد الآخرون. ما يقع إلا الشاطر”.
هديل ابراهيم