أملا في الوصول إلى أوروبا.. عراقيون يشدون الرحال نحو بيلاروسيا

: 11/11/21, 4:39 PM
Updated: 11/11/21, 6:18 PM

رغم إيقاف الرحلات الجوية من العراق إلى بيلاروسيا، لايزال عراقيون يسافرون إليها أملاً في العبور إلى “الفردوس الأوروبي”، فما الطرق التي يسلكونها؟ DW عربية تواصلت مع مهاجرين، أحدهما يحزم حقائبه والآخر في دولة “ترانزيت”!”لا قيمة للإنسان ولا معنى للحياة هنا”، هكذا يقول الشاب العراقي خالد* وهو يحزم أمتعته استعداداً للرحيل عن بلده، قاصداً أوروبا، عبر بيلاروسيا، مثل آلاف العراقيين الذين لايزال كثيرون منهم عالقين على أبواب الاتحاد الأوروبي. ويضيف لـDW عربية: “آمل أن أنجح هذه المرة”.

ففي عام 2017، حاول خالد (27 عاماً) الوصول إلى أوروبا عن طريق تركيا واليونان، لكنه فشل واضطر للعودة إلى العراق. خيبة لايزال يتذوق مرارتها حتى الآن، كما يقول. ويضيف الشاب المقيم في محافظة صلاح الدين: “لا أخشى الهجرة بقدر بقائي في العراق، فاحتمال موتي على طريق الهجرة أقل بكثير من احتمال موتي في العراق”، مستذكراً مقتل والده في هجوم لتنظيم “داعش” عام 2014.
وبما أن خالد لا يستطيع السفر إلى بيلاروسيا بشكل مباشر، بسبب إيقاف الرحلات الجوية من العراق إليها في آب/ أغسطس الماضي، بضغط من الاتحاد الأوروبي، قرر أن يسلك طريق “ترانزيت” بديل: من العراق إلى إيران ومن ثم إلى جورجيا ومنها إلى بيلاروسيا. ويقول إنه حصل على الفيزا قبل يومين من إحدى الشركات السياحية في بغداد بـ1500 دولار، ويضيف: “استغرق الأمر أسبوعاً، والحصول على الفيزا مضمون كما أخبرتني الشركة في البداية”.
وتتضارب المعلومات حول عدد المهاجرين العراقيين في بيلاروسيا. ففي حين تقدر وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، عدد العراقيين العالقين على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا بنحو ألف مهاجر، تشير منظمات في كردستان العراق إلى أن عدد المهاجرين الأكراد العراقيين هناك يقدر بنحو أربعة آلاف!
ويسعى العراقي أبو حسن أيضاً للوصول إلى أوروبا عبر بيلاروسيا مع ولديه (21 و22 عاماً). يقول أبو حسن (53 عاماً)، الذي تنطلق رحلته قريباً من تركيا إلى بيلاروسيا، لـDW عربية: “أشعر أنني غريب في العراق ولا أريد لأطفالي أن يعيشوا كما عشت أنا. لم أرَ سوى الحروب، واليوم ليست لدينا أدنى حقوق ويمكن لعناصر الميليشيات أن يقتلونا في أي لحظة”. ويقول أبو حسن إن التأشيرات التي حصل عليها في تركيا كلفته نحو خمسة آلاف دولار.
العراقيون عبر تركيا وإيران.. والسوريون عبر دبي!
وتختلف أسعار استخراج التأشيرات من شركة إلى أخرى بحسب طريق “الترانزيت” الذي يسلكه المهاجرون للوصول إلى بيلاروسيا، كما يقول محمد*، وهو مدير شركة سياحية في أربيل أرسلت عشرات المهاجرين إلى بيلاروسيا، ويضيف لـDW عربية: “أغلب العراقيين يسافرون إلى بيلاروسيا إما عبر تركيا أو عبر إيران وقطر وجورجيا، وفي هذه الحالة تكلف التأشيرة فقط، ماعدا تذكرة الطيران والحجز الفندقي، بين 1500 و2000 دولار للشخص الواحد”، مشيراً إلى أن السعر مع تذكرة الطيران والحجز الفندقي قد يصل إلى 5 آلاف دولار.
ويتابع محمد: “أما أغلب السوريين هنا، فهم مضطرون إلى السفر عبر دبي في الغالب بسبب صعوبة استخراج التأشيرات الأخرى”، مضيفاً أن أحد زبائنه سيسافر إلى دبي بعد ثلاثة أيام ليواصل بعدها رحلته إلى بيلاروسيا، ويقول: “دفع 4500 دولار ثمناً للتأشيرات والتذاكر من دبي إلى مينسك، بالإضافة إلى الحجز الفندقي في كل منهما”.
وفي الآونة الأخيرة زادت أسعار تذاكر الطيران من أربيل إلى مينسك مروراً بدبي بشكل كبير. فعند تجربتنا حجز رحلة طيران من أربيل إلى مينسك على الموقع الإلكتروني لإحدى شركات الطيران الخليجية، كانت كل الرحلات تمر عبر دبي، ومحجوزة بالكامل لمدة أسبوع، وبعد ذلك لم يكن هناك سوى مقعد وحيد في درجة رجال الأعمال بنحو 4400 دولار!
عندما تختلط السياحة بالتهريب!
ويعتقد محمد أن عمل بعض شركات السياحة والطيران، فيما يتعلق بالسفر إلى بيلاروسيا، أصبح يختلط بعمل السماسرة والمهربين، ويقول: “نحن لا نعمل إلا بشكل قانوني وبأوراق نظامية، لكن هناك شركات أخرى تنسق مع مهربين للبشر لإيصال زبائنها الذاهبين إلى بيلاروسيا إلى ألمانيا مقابل مبالغ تصل إلى 17 ألف دولار!”.
وكثيراً ما يتعرض المهاجرون من العراق إلى بيلاروسيا للاستغلال من قبل المهربين والسماسرة، كما يقول أحمد* (21 عاماً)، وهو شاب عراقي كرس وقته في الأشهر الماضية لمساعدة المهاجرين من العراق إلى بيلاروسيا، لمنع استغلالهم وتعرضهم للخطر، على حد تعبيره. ويضيف أحمد، الذي يقول إنه ساعد نحو 100 شخص حتى الآن، لـ DW عربية “كثيراً ما يتركهم المهربون ويتعرضون للنصب والاحتيال لأنهم لا يعرفون اللغة، ولذلك قررت مساعدتهم”.
“لا عودة”
يستفيد أحمد من إتقانه للغة الروسية، التي تعلمها خلال سنتين قضاهما طالباً في روسيا، ويقول: “أساعدهم عبر الهاتف ومواقع التواصل الاجتماعي في أي شيء يحتاجون إليه، سواء من خلال الترجمة أو تعليمهم كيفية حجز الفنادق واستخدام الخرائط أو شراء أي شيء يحتاجون إليه”. ويقدم أحمد خدماته مجاناً، كما يقول، ويضيف: “هدفي الوحيد هو ألا يموت أحد ولا يتيه”.
ويقول أبو حسن إنه يضع كل الاحتمالات أمامه، ويضيف: “لا أخشى الفشل، فإن فشلت فسأظل أحاول مرات عديدة حتى أصل. كما أنني لا أخشى الموت لأن عودتي إلى العراق موت أيضاً”.
ولا يستبعد خالد، الذي سيغادر إلى بيلاروسيا قريباً، تعرضه للاستغلال من قبل المهربين والضرب على يد السلطات البيلاروسية أو البولندية، لكنه يقول إن ذلك لن يمنعه من الوصول إلى أوروبا التي يحلم بها، ويقول: “هناك سأحصل على حقوقي وأنال الاحترام ويصبح لدي عمل ومجتمع واع يقدرني وهذه الأشياء كلها لا تتوفر في العراق”.
محيي الدين حسين/ علي إياد

ينشر بالتعاون بين مؤسسة الكومبس الإعلامية و DW

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.