أهالٍ منزعجون.. روضة ألبست ولداً فستاناً وأخرى طلت أظافره

: 4/18/23, 12:24 PM
Updated: 4/18/23, 3:39 PM
(أرشيفية)
Foto: Janerik Henriksson / TT
(أرشيفية) Foto: Janerik Henriksson / TT

مديرة روضة: القانون يوجب علينا عدم إعطاء شخصية معينة للطفل بناءً على جنسه القانوني

باحث تربوي: تغييرات كبيرة في التربية الجنسية وفيما يتعلق بحيادية الجنس

الكومبس – خاص: عبّر بعض الأهالي عن انزعاجهم من أخذ فكرة الحيادية بين الجنسين في بعض روضات ومدارس السويد التمهيدية “منحى مبالغ فيه”، وفق ما قالوا للكومبس.

وقالت عائلة فضلت عدم الكشف عن هويتها إنها استغربت تصرف الروضة حينما رأت ابنها ذا الخمس سنوات يلبس فستاناً زهرياً وهو يلعب مع بقية الأطفال.

وعبّرت أسرة أخرى عن انزعاجها من طلاء أظافر ابنها بألوان فاقعة في أحد نشاطات المدرسة. كما عبرت الأسر نفسها عن قلقها إزاء عدم تعامل الروضات بالضمائر المؤنثة والمذكرة بل استخدام الضمير المحايد “hen” الذي يستخدم لكلا الجنسين دون التحديد بينهما.

وقال بعض الأهالي من أصول مهاجرة إنه يصعب عليهم تقبل فكرة الحيادية التامة بين الجنسين في المدارس التمهيدية، خصوصاً فيما يتعلق الأمر بارتداء أبنائهم الذكور أزياء أنثوية، ويعتقد بعضهم أن الجهات التربوية، روضات كانت أم مدارس، تتدخل أحياناً في تربية الأطفال بما يخالف قيم وعادات أهاليهم.

ويثير انزعاج الأهالي أسئلة من قبيل “ما الخط الفاصل بين تطبيق قوانين وقواعد الجهات التعليمية في السويد والالتزام بالحيادية في التعامل بين الجنسين وبين رغبة الآباء والأمهات بتربية أبنائهم بما يتناسب مع عاداتهم وتقاليدهم و في كثير من الأحيان مع تعاليم دينهم؟

الكومبس تواصلت مع سونيا سوداني مديرة مدرسة تمهيدية في ستوكهولم وهي ذات خبرة طويلة في مجال التعليم التمهيدي، إضافة إلى الباحث في العلوم التربوية د. العيد بو عكاز لفهم الأمر أكثر ومعرفة وجهة نظر المنظومة التعليمية السويدية في هذه التصادمات وكيف يجدر التعامل معها.

تقول سونيا السوداني إنه يجب أولاً التحدث عن المنهج التعليمي في السويد. “وفقاً للمنهج يجب على المعلمين الحديث عن شكل العائلة أو بالأحرى أشكال العائلة المختلفة. العائلة قد تتكون من أب وأم وأحياناً من والدين من نفس الجنس أو أجداد من نفس الجنس”. وتتابع “المنهج يستوجب على الموظفين الحديث على أشكال العائلة، لكن مدى التعمق في ذلك وترجمته في المحتوى يختلف من روضة إلى أخرى ومن موظف إلى آخر. البعض يتعمق في الأمر والبعض الآخر يكتفي بذكر هذه الأشكال دون التركيز فيها بشدة”.

ولأولياء الأمور المتخوفين، توجه سونيا السوداني الكلمات التالية: “أحيانا يكون الطفل هو من يرغب في تجربة بعض الأشياء كلبس ملابس مخالفة للصورة النمطية لجنس الطفل كأن يلبس ولد فستاناً أو أن تلبس فتاة صغيرة زي الرجل العنكبوت أو غيره. وفقا للقواعد لا يُسمح للمعلمين منع الأطفال من ممارسة حقهم في الاختيار. يوجد لدينا ملابس مختلفة وللطفل حرية لعب الدور الذي يريده وإطلاق العنان لمخيلته”.

وتنوه سونيا إلى أنه منذ العالم 2019 يتوجب على موظفي الروضات أو المدارس التمهيدية استخدام الضمائر المحايدة للإشارة إلى الأطفال عند الكتابة في المستندات التوثيقية، غير أن الموظفين لا يتدخلون في اللغة التي يستخدمها الأطفال في الإشارة إلى بعضهم. لكن الأطفال يتأثرون بشدّة بمحيطهم. “في الواقع نحاول استخدام أسماء الأطفال قدر الإمكان، لكن القانون يحتم علينا استخدام الضمائر المحايدة عند استخدام ضريب الغائب، لكننا لا نوجه بشكل مباشر الأطفال إلى استخدام ضمائر معينة”.

كيف تتعاملون في حال أظهر بعض أولياء الأمور انزعاجهم أو طلبوا بلطف عدم السماح لأبنائهم ارتداء ملابس مخالفة للصورة النمطية لجنس الطفل؟

ليس لأولياء الأمور سلطة التدخل في عملنا في المدرسة التمهيدية. كل ما يستطيعون عمله هو التقدم بآرائهم ووجهات نظرهم. المدرسة التمهيدية ليست إلزامية، ويستطيع من لا يعجبه الوضع ألا يرسل طفله إلى المدرسة التمهيدية ويبقى مع طفله في المنزل.

وذكرت سونيا أن بعض الاستثناءات قد تكون موجودة عندما يتعلق الأمر بالحرية الدينية.

في المدرسة التمهيدية التي تديرها سونيا اختار بعض الأهالي عدم إشراك أبنائهم في نشاط الرقص الذي نظمته المدرسة للحث على النشاط البدني. احترمت المدرسة قرار الأهالي لكن الطفل كان يحب الرقص لدرجة أنه كان يبكي في كل مرة كان يحرم فيها من الرقص. وفي النهاية اتفق كل من الأهل والروضة على عدم حضور الطفل في اليوم الذي ينظم فيه نشاط الرقص، كحل وسط توصل له الطرفان.

وفي الختام تقول سونيا “أتفهم أولياء الأمور عند حدوث تصادمات لكن القانون واضح ويوجب علينا كطاقم تعليمي عدم إعطاء شخصية معينة للطفل بناء على جنسه القانوني”.

باحث: سنرى المزيد من هذه التوجهات

الأكاديمي والباحث التربوي في جامعة مالمو د. العيد بوعكاز قال إن هناك تغييرات كبيرة في المقررات الدراسية جرت في العام 2022 وأن ملامح هذه التغييرات ستبدأ في الظهور في كل المراحل الدراسية في المدارس السويدية ودور الحضانة. حيث قامت مصلحة المدارس (Skolverket) بتغيير المناهج الدراسية في العام 2022. ولم يعد تعليم التربية الجنسية حكراً على الصف الثامن، وسيتم دمج تعليم التربية الجنسية في جميع المواد الأخرى ويشمل ذلك كل الصفوف وحتى أطفال دور الحضانة. ويحدث هذا التغيير على المناهج أيضاً في البلدان الأوروبية الأخرى بعد اعتماد دول الاتحاد الأوروبي معايير منظمة الصحة العالمية لتعليم التربية الجنسية.

التغييرات التي تطرق لها الباحث تخص “محو الجنس تماماً” بداية من مراحل الدراسة الأولى وإدراج مواد تعليمية عن التربية الجنسية كالتعرف على أعضائهم الجنسية والعادة السرية المبكرة والمتعة الجنسية وتطبيع فكرة التحول الجنسي. وتتحمل المدرسة مسؤولية مواجهة الأنماط التقليدية للجنسين. لذلك يجب أن يعطى الطلاب والأطفال مجالاً لاختبار وتطوير قدراتهم واهتماماتهم في ما يخص الأمور الجنسية بغض النظر عن الجنس.

وأضاف أستاذ التربية أن هذه التغييرات ليست حصراً على السويد، بل هي مبنية على توصيات من منظمة الصحة العالمية من بين هيئات عالمية أخرى. “هذه التغييرات التي تتعلق بحيادية الجنس في المدارس وتكثيف التوعية الجنسية طبقت على دول أخرى بينها السويد وأثارت نقاشاً كبيراً في دول مثل بريطانيا وأستراليا وغيرها، لكن الجدل ليس كبيراً أو لم يطرح النقاش بعد في السويد”.

هل يؤخذ بعين الاعتبار حساسية هذه الأمور عند بعض الخلفيات عند تبني مثل هذه التغييرات في السويد؟

لا، كما سبق وذكرت، التغييرات في المقررات قرارات دولية ويجب على السويد الالتزام بها دون استثناءات.

ولفت العيد إلى أن الآباء المهاجرين ليسوا منفردين بشعورهم بالاستياء إزاء الحديث عن مواضيع يعتبرها البعض حساسة في المدارس، بل إن كثيراً من الأهالي السويديين وحتى جمعيات أولياء الطلاب توجه انتقادات لاذعة حول هذا التوجه في تدريس مادة التربية الجنسية بهذا الشكل وتعريض الأطفال الى حيرة وتيه في ما يخص هويتهم الجنسية.

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.