الكومبس – دولية: من المقرر أن تتم إذابة جثمان المناضل الراحل المناهض للفصل العنصري، رئيس الأساقفة ديزموند توتو، باستخدام المياه، في عملية توصف بأنها بديل صديق للبيئة مقارنة بحرق الجثث.
وتتم العملية بوضع الجسد في مزيج من المياه وهيدروكسيد البوتاسيوم مع استخدام الضغط والحرارة لإذابة الجسد في ما يعرف باسم عملية التحلل المائي القلوي.
وقال مايكل ويدير إن هذا هو “ما كان يتطلع إليه (توتو) كمناضل بيئي”.
وأحتشد الآلاف من مواطني جنوب أفريقيا لألقاء نظرات الوداع والتبجيل الأخيرة على جثمان الأسقف توتو المسجى في كاتدرائية سانت جورج في كيب تاون.
وتأثر الآلاف بخبر وفاته قبل أسبوع عن عمر يناهز 90 عاما.
وقطع أحدهم، ويدعى والي مدلولي، مسافة تزيد عن 1000 كيلومتر من بلومفونتين إلى كيب تاون – حيث طلب مساعدة العائلة والأصدقاء لدفع بعض تكاليف الرحلة واضطر للنوم في محطة بنزين في الطريق لإلقاء نظرة الوداع على جثمان توتو.
ومن المتوقع أن تتم مراسم دفن “رماد” جثمان رئيس الأساقفة ديزموند توتو في نهاية هذا الأسبوع. ولم يُعرف بعد ما إذا كانت عائلته ستختار إقامة حفل خاص بحضور محدود أو جعل الحضور عاما.
وكان توتو أوصى بأنه يجب “عدم التباهي أو الإنفاق بشكل مبالغ فيه” على مراسم تأبينه، وأن يتم وضعه في “أرخص نعش متاح”، على أن تكون الزهور الوحيدة في الكاتدرائية “باقة من أزهار القرنفل من عائلته”، وفقا لمؤسسة ليغاسي ديزموند وليا توتو.
وسيتم دفن “رماد” توتو خلف المنبر في كاتدرائية القديس جورج في كيب تاون – الأبرشية الأنجليكانية التي شغل منصب رئيس الأساقفة فيها لمدة 35 عاما.
كيف تتم إذابة الجثة باستخدام المياه؟
يتم وصف طريقة الـ Aquamation، التي تستخدم الماء بأنها بديل صديق للبيئة مقارنة بحرق الجثث الذي يستخدم النار. ويقول ممارسو هذه الطريقة إن كمية ثاني أكسيد الكربون الضار بالبيئة المنتجة فيها هي أقل بنسبة تصل إلى 90٪ من تلك التي تنتج عن حرق الجثث.
والاسم التقني للعملية هو التحلل المائي القلوي – وتتضمن تسخين الجثة إلى 150 درجة مئوية في خليط من هيدروكسيد البوتاسيوم والماء لمدة تصل إلى 90 دقيقة.
ويؤدي ذلك إلى إذابة أنسجة الجسم، تاركا العظام فقط – التي يتم غسلها بعد ذلك بدرجة 120 درجة مئوية وتجفيفها ثم سحقها إلى بودرة خشنة باستخدام آلة تسمى بآلة حرق الجثث.
وبمجرد اكتمال كل هذه الخطوات، يمكن دفن الرفات أو نثره وفقا لرغبة المتوفى التي أوصى بها – تماما كما يحدث في حرق الجثة العادي.
اهتمام إعلامي سويدي
وكان اهتم الإعلام السويدي بوفاة الأسقف الجنوب أفريقي الحائز على جائزة نوبل للسلام ديزموند توتو الأحد 26 ديسمبر الماضي. وذكر تقرير للتلفزيون السويدي اليوم أن وفاة توتو لم تكن نبأ حزيناً لجنوب أفريقيا فقط.
وساهم توتو طوال حياته في إنهاء الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. وتوفي عن عمر 90 عاماً بعد صراع طويل مع مرض السرطان. ونعاه رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا في بيان أمس، معتبراً أن وفاة توتو “فصل آخر من الفجيعة في وداع أمتنا لجيل من الجنوب أفريقيين المتميزين الذين ورّثونا جنوب أفريقيا محررة”.
وقال نيكلاس ماتسيكي المتحدث باسم العائلة رئيس مؤسسة ديزموند توتو “عندما تحدثت إلى توتو مؤخراً قال لي “أنا مستعد للرحيل الآن””.
وكان توتو يعتبر، إلى جانب نيلسون مانديلا، أبرز شخصية في جنوب أفريقيا وفي الكفاح ضد الفصل العنصري، ومناصرة حركات التحرر في العالم. وأثار خبر وفاته مشاعر قوية. ووصفه مواطنون في جوهانسبورغ بأنه “قائد لا مثيل له”.
وقال بعضهم لـSVT “كان بمثابة الأب للأمة، وكان يعامل الجميع بنفس الطريقة سواء كان الفرد زعيماً أو مشرداً”.
وكان الأسقف، الذي عاصر نيلسون مانديلا رمز الكفاح ضد نظام الفصل العنصري، ضمن القوى التي سعت لإنهاء سياسة الفصل العنصري والتمييز التي فرضتها حكومة الأقلية البيضاء على الأغلبية السوداء في جنوب أفريقيا من العام 1948وحتى 1991.
عيّنه الرئيس الراحل نيلسون مانديلا رئيساً للجنة الحقيقة والمصالحة التي شكلت للتحقيق في الجرائم التي ارتكبها جانبا الصراع في جنوب أفريقيا إبان حقبة الفصل العنصري.
وُلد ديزموند توتو في 1931 في بلدة صغيرة يعمل معظم سكانها في مناجم الذهب في إقليم ترانسفال.
اقتفى بادئ الأمر خطوات أبيه وعمل مدرساً، لكنه ترك تلك المهنة عقب سريان قانون تعليم البانتو في العام 1953، وهو القانون الذي أدخل الفصل العنصري في المدارس.
انضم ديزموند توتو إلى الكنيسة، وتأثر كثيراً بالعديد من رجال الدين البيض في جنوب أفريقيا وعلى وجه الخصوص المعارض العنيد لنظام الفصل العنصري الأسقف تريفور هادلستون.
بعد ترسيمه كاهناً في الكنيسة، حصل توتو على شهادات في علم اللاهوت وعلم النفس من جامعة في لندن، وعمل لفترة في كنيستين في جنوب شرقي إنجلترا.
حاز ديزموند توتو على جائزة نوبل للسلام في عام 1984 بفضل الجهود التي بذلها في التصدي لنظام الفصل العنصري، في خطوة اعتبرت بمثابة إهانة كبرى من جانب المجتمع الدولي لحكام جنوب أفريقيا البيض.
وأغضب توتو الإسرائيليين عندما شبّه الأفارقة السود في جنوب أفريقيا بالفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة. وقال إنه لا يستطيع أن يستوعب كيف يمكن لشعب عانى الأمرين أن يفرض هذا الكم من المعاناة على الشعب الفلسطيني.