الكومبس – دولية: كشف تقرير حديث صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بعنوان “أثر النزاع في سوريا: اقتصاد مدمر، فقر واسع النطاق، وطريق صعب نحو التعافي الاجتماعي والاقتصادي” عن حجم الخسائر الاقتصادية والإنسانية التي خلفها النزاع المستمر منذ عام 2011.
خسائر اقتصادية ضخمة وتراجع في التنمية
وفقًا للتقرير، تكبد الاقتصاد السوري خسائر تقدر بحوالي 800 مليار دولار خلال 14 عامًا، حيث تقلص الناتج المحلي الإجمالي إلى أقل من نصف قيمته مقارنة بعام 2011، بينما تضاعفت معدلات البطالة ثلاث مرات. كما تراجع مؤشر التنمية البشرية (HDI) من 0.661 في عام 2010 إلى 0.557 اليوم، وهو أقل حتى من أول معدل مسجل لسوريا في عام 1990.
أزمة إنسانية غير مسبوقة
يواجه الشعب السوري مستويات غير مسبوقة من الفقر، حيث ارتفعت نسبة الفقر من 33% قبل النزاع إلى 90% حاليًا، في حين زادت نسبة الفقر المدقع ستة أضعاف لتصل إلى 66%. كما أن 75% من السكان يعتمدون على المساعدات الإنسانية، ويحتاجون إلى دعم في مجالات الصحة، والتعليم، والغذاء، والمياه، والطاقة، والإسكان.
التقرير يشير أيضًا إلى أن نحو 40-50% من الأطفال السوريين بين 6 و15 عامًا خارج المدارس، مما ينذر بجيل محروم من التعليم.
تدمير واسع للبنية التحتية
تسبب النزاع في تدمير ثلث الوحدات السكنية، مما جعل 5.7 مليون شخص بحاجة إلى دعم في مجال الإيواء. كما أن أكثر من نصف محطات معالجة المياه والصرف الصحي أصبحت خارج الخدمة، ما ترك 14 مليون شخص بلا مياه نظيفة وصرف صحي مناسب.
وفي قطاع الطاقة، تراجع الإنتاج بنسبة 80%، حيث تعرض أكثر من 70% من محطات الطاقة وخطوط النقل للتدمير، ما أدى إلى أزمة كهرباء خانقة أثرت على جميع جوانب الحياة.
التعافي الاقتصادي يتطلب عقودًا
بحسب التقرير، فإن استعادة الناتج المحلي الإجمالي إلى مستويات 2010 يتطلب 55 عامًا بمعدل النمو الحالي (1.3%). وإذا أرادت سوريا التعافي خلال 15 عامًا فقط، فستحتاج إلى تحقيق نمو سنوي بنسبة 5%، وهو تحدٍّ كبير في ظل الأوضاع الحالية.
خارطة طريق لإنعاش الاقتصاد
يشدد التقرير على أن مستقبل سوريا يعتمد على نهج شامل للتنمية والتعافي، يشمل إصلاحات في الحوكمة، واستقرار الاقتصاد، وتنشيط القطاعات الإنتاجية، وإعادة بناء البنية التحتية، وتعزيز الخدمات الاجتماعية.
وفي هذا السياق، قال عبدالله الدردري، مساعد المدير العام لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومدير المكتب الإقليمي للدول العربية:
“يتطلب التعافي استراتيجية متكاملة تعزز الاعتماد على الذات، وتقلل من الحاجة إلى المساعدات الخارجية، مما يمهد الطريق لمستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا للسوريين.”
يؤكد التقرير أن سوريا تواجه تحديات غير مسبوقة على جميع الأصعدة، مما يجعل مسار التعافي طويلًا وشاقًا. وبينما يظل تحقيق التنمية المستدامة هدفًا بعيد المنال في ظل الظروف الحالية، فإن تنفيذ إصلاحات شاملة قد يساهم في إعادة بناء البلاد ووضعها على طريق الانتعاش الاقتصادي والاجتماعي.
المصدر: www.undp.org