“السلطات السويدية رفضت الظهور في الفيلم الوثائقي”
الكومبس – خاص: أكد مدير البرامج في منصة الجزيرة 360 عواد جمعة أن المنصة ليست جزءاً من الحملة ضد الخدمات الاجتماعية السويدية التي عُرفت باسم حملة LVU.
وكانت منصة الجزيرة 360 بثت فيلماً وثائقياً على ثلاثة أجزاء بعنوان “خلف الأبواب المغلقة”، عرضت فيه شهادات أباء وأمهات تولت السلطات الاجتماعية رعاية أبنائهم قسراً في دول أوروبية عدة منها السويد والنرويج وألمانيا ولوكسمبورغ إضافة إلى مقابلات مع خبراء من هذه الدول. وقوبل الوثائقي بانتقادات من الإعلام السويدي ورئيس الوزراء أولف كريسترشون الذي اعتبر أن الوثائقي قد يسهم في التضليل نفسه الذي تروج له حملة LVU. وقال إن “ذلك يشكل خطراً على السويد، ويخاطر كذلك بإلحاق ضرر جسيم بعمل الخدمات الاجتماعية المهم في مساعدة الأطفال الذين يتعرضون حقاً لسوء المعاملة ويحتاجون إلى الرعاية”. في حين علق عواد جمعة بالتعبير عن شكوكه بأن رئيس الوزراء شاهد الفيلم الوثائقي.
وعرضت وسائل إعلام سويدية منها أفتونبلادت معلومات تظهر أن الأطفال الذين ذكرهم الوثائقي وتولت السلطات الاجتماعية رعايتهم قسراً تعرضوا لسوء معاملة من قبل عائلاتهم بأشكال مختلفة.
ونفى مدير البرامج في منصة الجزيرة 360 عواد جمعة في حوار للكومبس أن يكون الفيلم جزءاً من حملة LVU وقال رداً على سؤال عن ذلك “لا، بالتأكيد لا. أعلم أن بعض المقالات الإعلامية تحاول تصوير الأمر وكأنه كذلك وأعتقد بأن هذه محاولة رخيصة جداً. ينبغي مناقشة القضايا الحقيقية بدلاً من محاولة وضعنا في نفس الفئة مع حملات الناشطين، لا نرتبط بأي حال من الأحوال”.
وثائقي الجزيرة 360 قوبل بانتقادات في تقارير لوسائل إعلام سويدية وسط مخاوف من تأثيره على الوضع الأمني في البلاد، وذكّر خبراء على سوائل إعلام بما تسببت به حملة LVU التي اعتبرتها هيئة الدفاع النفسي حملة معلومات مضللة تدعي أن “السويد تخطف أطفال المسلمين”. بينما لا يتبنى وثائقي الجزيرة هذه المقولة ويعرض قصص أسر من خلفيات متعددة.
“ليس تهديداً أمنياً”
يقول عواد جمعة “لاحظت أن التقرير الأولي الذي ظهر جاء من خبير أمني. وأعتقد أيضاً أنه كان مبكراً جداً. إنه سلسلة وثائقية وليس تهديداً أمنياً. إنه استقصاء بحثي مهم في ممارسات الخدمات الاجتماعية في العديد من البلدان. قضى فريقنا أشهراً في البحث في هذا الموضوع على مدار عام، وإنتاج وتحرير والتحقق من صحة كل محتوى”.
لم يعرض وثائقي الجزيرة وجهة نظر السلطات الاجتماعية في السويد وردها على الاتهامات التي وجهها بعض الأهالي بأنها تتولى رعاية الأطفال قسراً لأسباب واهية. في حين عرضت السلسلة مقابلة مع موظفة في الخدمات الاجتماعية تتحدث بشكل عام عن الإجراءات المتخذة في هذه الحالات.
وردّ عواد جمعة على ذلك بالقول إن المنصة تواصلت مع وزارة الخارجية السويدية التي أحالتها إلى الجهات المختصة في حين رفضت وزارة الشؤون الاجتماعية الظهور ولم تعترف أبداً بمقاربة الجزيرة 360 للمسألة. وقارن عواد موقف السويد بموقف ألمانيا التي تصدى المسؤولون فيها للموضوع بأنفسهم وتناولوا القضايا بشكل مباشر. وأضاف “للأسف، لم تتعاون السلطات السويدية مع التحقيق”.
وكانت قناة الجزيرة تناولت موضوع الرعاية القسرية للأطفال في تقارير عدة. في حين قال عواد جمعة إن السلسلة الوثائقية هي الأولى من نوعها على منصة الجزيرة 360، وهي منصة حديثة. وعن الجديد الذي تقدمه السلسلة بالمقارنة مع التقارير السابقة، قال عواد جمعة إن الفيلم يتعمق في تصوير الأسر والقضايا القانونية. ويضيف “رأينا سابقاً في وسائل الإعلام كيف أن المناقشات سواء في وسائل الإعلام السويدية أو من قبل الناشطين الذين أبلغوا عن هذه القضية كانت في الغالب مناقشات سطحية ونمطية للغاية. ما نعتقد بأنه مهم وفريد من نوعه، هو أن هذا الفيلم الوثائقي يستكشف القضية المعقدة التي أثرت على العديد من الأسر في شمال أوروبا، بما فيها السويد”.
وجهة النظر الغائبة
حققت وسائل إعلام سويدية في بعض الحالات التي سلّط الوثائقي الضوء عليها. وتحدثت عن بعض الوثائق القضائية التي تُظهر أن الأطفال تعرضوا لسوء المعاملة في منازلهم قبل أن تتم رعايتهم قسراً.
الكومبس سألت عواد جمعة “لماذا لم تقدموا وجهة نظر الأطفال في الوثائقي؟” فأجاب “أعتقد بأننا مثّلنا بشكل جيد ما تقوله الأسر، أما الأطفال فلم نتمكن من الوصول إليهم، حتى أسرهم لا تعرف مكان وجودهم. تناول الفيلم غالباً القضايا القانونية المتعلقة بهذه التفاصيل، وقدمنا هذه الاتهامات للسلطات. لكن إذا لم يكن لدى السلطات ما تخفيه، فلماذا لم تشارك في التحقيق؟ هذا يثير علامة استفهام كبيرة”.
وأكد عواد جمعة أن المنصة “ليست قاضياً في النزاع بين السلطات والأسر”، مضيفاً “نحن ببساطة صحافيون نحاول تصوير قضية اجتماعية وسياسية معقدة جداً. الفيلم مبني على شهادات عشرات الأسر التي سحبت السلطات الاجتماعية أطفالها. وبصفتنا صحافيين، فإننا نأخذ كل شاهد عيان على هذا الأمر على محمل الجد. ونحن بالطبع نتحقق من صحة ما يقولونه. لهذا السبب أعتقد بأن النقاش في السويد في الاتجاه الخاطئ، لأن معظم الناس لم يشاهدوا الفيلم لأنه لم يترجم إلى السويدية أو الإنجليزية بعد. لذا فإن كثيراً من الناس يصدرون أحكاماً مسبقة حول ما تنقله الجزيرة”، مؤكداً أن “الفيلم يركّز على العواقب العاطفية والاجتماعية”، ومضيفاً “كان هدفنا دائماً عدم تصوير أي بلد، وخصوصاً السويد، بصورة سلبية في نوع من التبسيط المخل. نحن في الواقع قدمنا القصص بكل تعقيداتها وسمحنا لجمهور جديد بالتوصل إلى استنتاجاته الخاصة”.
يعرض الوثائقي حالات بناء على رواية الأهالي ومنها حالة أم تذكر أن الخدمات الاجتماعية وجهت لها اتهامات دون أن تذكر طبيعة تلك الاتهامات، ولا يبدو في الفيلم كيف حقق المعدون في دقة المعلومات التي ذكرتها. ألا يضر ذلك بمصداقية الفيلم الوثائقي؟
يجيب عواد جمعة عن هذا السؤال بالقول “أعتقد بأن كل معلومة في الفيلم كانت قيد التحقيق. لذلك أنا لا أتفق مع ذلك. أعتقد بأننا تحققنا من كل ما لدينا في الفيلم”.
ولفت عواد جمعة إلى أن “الفيلم عرض مشاركين من خلفيات مختلفة، ولم يقتصر على جنسية أو دين واحد. كما يتحدث عن بلدان متعددة. المصادر تقدم نفسها. واطلعنا في كل حالة على وثائق المحكمة التي توضح الأسباب المحددة لفصل الأسر. وهذه الوثائق تشكل الأساس للفيلم الوثائقي. لذا أعتقد أننا بذلنا جهداً جيداً للغاية. وكما ذكرت، في هذه السلسلة، نحن نركز على التأثير النفسي الناتج والتحديات التي تواجه الأسر (..) هذا ليس فيلماً مثيراً للجدل، إنه متوازن جداً”.
هل تعتقد بأن وسائل الإعلام السويدية والمجتمع السويدي بشكل عام أساؤوا فهم الجزيرة والغرض من هذا الفيلم الوثائقي؟
يجيب عواد جمعة “نحن الصحافيين لا نحب التعميم، لكن التقارير التي قرأتها كلها تُستمد من خبير الأمن نفسه الذي قدم هذه الحجة المبالغ فيها للغاية بأن الجزيرة تعرّض أمن السويد للخطر. أعتقد بأن هذا خارج السياق تماماً. أعتقد بأن هذا الفيلم لا يشكل تهديداً أمنياً عدائياً للسويد. لا أعتقد بأن هذا الفيلم يضر بالسويد بأي شكل من الأشكال. أرى أن الفيلم يتعامل باحترام شديد مع قضية معقدة للغاية. وأعطي مثالاً واحداً على مدى حرصنا على عدم متابعة أي حملات سابقة من قبل الناشطين أو الحكومة، لذا اخترنا أن نستشهد بهذا المثال، وألا نستخدم كلمة الاختطاف، لأننا نعتقد بأنه ينبغي لنا أن نتحدث عن هذا وألا نتعامل مع القضية من منظور شخصي، ولا نأخذ أي أفكار مسبقة”.
ويضيف “فوجئت بهذه الضجة الإعلامية الهائلة لأن هناك أفلاماً كثيرة تتناول هذه القضية من قبل وعلى المستوى المحلي.(..) أعتقد بأن وسائل الإعلام كان من الأفضل أن تشاهد الفيلم أولاً. ولأن الفيلم لم يكن مترجماً، أعتقد بأن معظم الصحفيين لم يشاهدوه بالفعل”.
“إنتاج كامل للجزيرة”
صحيفة سفينسكا داغبلادت أثارت في تقرير نشرته أمس مسألة أن الوثائقي تم إنتاجه بواسطة شركة إنتاج تركية. ووفقًا لمصادرهم، أثارت الحكومة السويدية مسألة ما إن كانت هناك أطراف أخرى محتملة مشاركة في هذا الفيلم الوثائقي.
عواد جمعة يرد على ذلك بالقول إنه “إنتاج أصلي للجزيرة. وأشرفتُ شخصياً على الفيلم. لكن مثل أي منصة مثل نتفليكس أو تلفزيون آبل، نعمل مع طواقم مستقلة وأطراف خارجية وهو أمر طبيعي تماماً في صناعتنا. لكن هذا إنتاج كامل للجزيرة وأنا رئيس الإنتاج الأصلي”، مؤكداً أن التمويل بأكمله من الجزيرة.
“ليس هدفنا التخويف كما فعلت بعض الحملات”
حملة LVU التي اعتُبرت في السويد حملة مضللة أثارت كثيراً من الجدل داخل البلاد وخارجها في السابق وأثرت على مجتمع الناطقين باللغة العربية بشكل خاص. ونشرت تقارير إعلامية سابقاً أمثلة لعائلات غادرت السويد خوفاً من الخدمات الاجتماعية، حيث فر البعض إلى مناطق مثل لبنان وفلسطين وغزة.
وعما إن كانت الجزيرة تتحمل أي مسؤولية تجاه المهاجرين الناطقين باللغة العربية في السويد بالنظر إلى أن الموضوع الحساس، وأن هناك بعض الحقائق المفقودة في الحالات المقدمة في الفيلم الوثائقي، قال عواد جمعة ” أعتقد بأن حقيقة أن بعض الأشخاص اختاروا مغادرة السويد هي مشكلة سويدية داخلية. إنها مشكلة لاحظناها في دول أخرى. أتحدث كصحفي عن العديد من الحالات التي اختار فيها الأشخاص المغادرة لأنهم يشعرون بأن ثقافتهم لا تحظى بالاحترام. إنهم يشعرون بأن مؤسسات الخدمات الاجتماعية متحيزة ضدهم. منذ إطلاق الفيلم، تلقينا عشرات وعشرات الرسائل من عائلات في السويد ودول أخرى، يطلبون منا إجراء مقابلة معهم”.
وأضاف “أعتقد بأن كثيراً من الناس، على الأقل من الرسائل التي تلقيناها على مدار الأسبوع الماضي، لا يزالون يشعرون بالخوف على الأطفال. إنهم يعتقدون بأن هناك سوء فهم ثقافياً من نوع ما، ولا يمكنهم ببساطة أن يثقوا في الخدمات الاجتماعية. لذا آمل أن نتمكن من خلال إنتاج هذا الفيلم بدلاً من تخويف الناس، كما فعلت بعض الحملات وفقاً لما ذكرتم، وهذا ليس من مسؤوليتنا، ما نأمل أن يفعله، وهذا هو هدفنا، هو إثارة مخاوف مشروعة، على الأقل من وجهة نظر الأسر”.
يوليا آغا
مهند أبو زيتون