الكومبس – تقارير: “بس نطالع حق الخبزات”.. “اشتغلنا بحق الخبز .. لله الحمد” تلك عبارات يتداولها يومياً آلاف العمال وذوو الدخل المحدود في سوريا . حيث يعتبر تأمين رغيف خبز لعائلاتهم شغلهم الشاغل، فهو العنصر الأساسي على المائدة السورية و لطالما ادعت الجهات المتصارعة في سوريا أن “رغيف الخبز خط أحمر”، ولايسمح بالتلاعب به أو استغلاله كمادة للاتجار به ويمنع منعاً باتاً رفع أسعاره او تحويله سلاحاً في المعركة.

النظام السابق حوله لسلعة تجارية

حول النظام السابق في آواخر عهده الخبز لسلعة تجارية ربحية فقد حصر توزيعه بالبطاقة الذكية، ويتم التوزيع بموجبها مخصصات معينة لاتكفي العائلة لوجبة واحدة. في المقابل كان هناك تجار يبيعونه بأسعار مضاعفة، و كان الحصول على مخصصات الأسرة اليومية من الخبز معاناة كبيرة لرب الأسرة السوري.

يقول عامر علي رب أسرة دمشقي “لم تكن المخصصات من الخبز تكفينا لوجبة واحدة في اليوم، ما يجبرنا على شراء ربطة الخبز الواحدة بـ10 الاف ليرة أي 10 أضعاف سعرها”، من التجار.

اليوم بعد سقوط النظام كيف يحصل السوريون على رغيف خبزهم؟ وهل تتناسب أسعاره مع دخلهم؟ الكومبس استطلعت آراء بعض المواطنين في عدد من المحافظات السورية .

الخبز متوفر لكن أسعاره ارتفعت

بعد أن عانى سكان دمشق سنوات عدة من مشكلة عدم توفر مادة الخبز يتحدثون اليوم عن وفرته وجودته وتلاشي مشاهد الطواببر والانتظار لساعات أمام الأفران. تقول مايا حمدان طالبة جامعية “الخبز متوفر وفي كل وقت وبجودة ممتازة”، مبدية أسفها على زيادة أسعاره و محذرة من أن التسعيرة الجديدة لاتتناسب مع الدخل المتدني للمواطن .

و أثنى فراس عمر (موظف) على تحسن جودة الخبز ووفرته في دمشق لكنه انتقد ارتفاع سعر ه بالقول “كانت ربطة الخبز بـ400 ليرة، واليوم أصبحت بـ4000 ليرة بمعنى أن الراتب لايكفي لتأمين الخبز لعائلة صغيرة من اربع أشخاص طوال الشهر”، متسائلا “هل سيعمل الموظف طوال الشهر فقط ليؤمن رغيف الخبز؟!”.

في اللاذفية عبر أحمد زغبي الذي يعمل موظفاً عن سعادته بالخلاص من معاناة الحصول على رغيف الخبز حيث كان يضطر للانتظار وقتاً طويلاً ليحصل على مخصصاته. ويتخوف أحمد من زيادة سعره مما سيشكل عبئاً مضاعفاً عليه، متمنياً أن يتم إقرار زيادة الأجور والرواتب لتغطي هذا الارتفاع في سعر الخبز.

وأبدى ماهر كريم (مواطن في االلاذقية) فرحته بتوفر الخبز واختفاء ما أسماها “عصابات التشبيح” التي كانت تحتكره وتبيعه أيام النظام السابق حسب وصفه.

ولا يختلف وضع الخبز في محافظات حمص وحماة ودرعا والسويداء عن دمشق واللاذقية فهي تدار من ذات الجهة وهي حكومة تصريف الأعمال الجديدة. لكن هناك معاناة من نوع آخر في مناطق أخرى من سوريا حيث ماتزال مناطق شرق الفرات التي تدار وتحكم من قبل قوات سورية الديمقراطية “قسد”.

ومن المعروف أن محافظات دير الزور والرقة والحسكة هي المصدر الرئيسي للغلات الزراعية والحبوب ومن الطبيعي ألا تعاني تلك المناطق من شح في مادة الخبز، فقد كانت تغطي احتياح سورية بالكامل من مادة القمح قبل اندلاع احداث الثورة السورية في 2011 لكن المواطنين في تلك المناطق كانت لهم آراء متطابقة حول توفر وجودة الخبز في مناطقهم، حيث انتقد محمد أحمد جودة الخبز الذي تنتجه الأفران، معتبراً أنه لايصلح حتى “علفاً للحيوانات”، حسب تعبيره.

واضاف أحمد “يأتينا الخبز مليئا بالحصى والرمل والشوائب”، متسائلاً عما إن كان الدقيق الذي يصنع منه الخبز قد مر بمرحلة غربلة.

وتكررت الشكوى من مواطني تلك المناطق وتحولت صور الخبز الذي تنتجه تلك الأفران لمادة حاضرة دائماً على الصفحات المهتمة بتلك المنطقة، وهو ما أكده فايز علي الذي اعتبر ان تردي جودة الرغيف حالة عامة في جميع أفران المنطقة التي تحكمها “قسد”، مبيناً أن الشكاوى لاتجدي نفعاً فصاحب الفرن يلقي باللوم على المطحنة ونوعية الطحين، والمطاحن تقول بدورها إن الخطأ في طريقة التخزين والنتيجة “أننا مضطرون لنأكل رغيف الخبز كما يأتينا… لأن الخبز السياحي أسعاره مرتفعة جداً ولانستطيع شراءه”.

أسعار مرتفعة في الشمال

في منطقة إدلب وشمال سورية المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السابق منذ عشر سنوات أكد من التقتهم الكومبس أن الخبز متوفر بكميات كبيرة وجودة عالية لكن الجميع اشتكى من غلاء أسعاره أيضاً.

تقول سوسن عبد (ربة أسرة) إن “تأمين الخبز معاناة يومية خصوصاً بعد أن وصل سعر ربطة الخبز إلى 10 ليرات تركية (هذه المنطقة تتعامل بالليرة التركية منذ ست سنوات).

وتضيف سوسن “لايتناسب هذا السعر أبداً مع مستوى دخلنا”، متمنية أن يعاد النظر في تسعيرته كي يتناسب سعره مع أصحاب الدخل المحدود.

واستغربت سوسن من ربط تسعيرة المواد الغذائية في هذه المناطق بنظيرتها في تركيا فهناك أجر العامل 10 اضعاف عن الداخل والأسعار ذاتها بفارق طفيف. وفق ما تقول.

الحكومة تحذّر من قلة مخزون القمح

وزير التجارة الداخلية في حكومة تصريف الأعمال ماهر خليل حسن قام بجولات تفقدية شملت صوامع القمح في المحافظات خلال الأيام الماضية فخرج محذراً من قلة مخزون القمح بقوله “زرنا جميع صوامع القمح في سوريا الحرة وجردنا مخزون القمح الموجود فيها، وتبين أن المخزون قليل ولا يلبي حاجة المستهلكين”.

وكشف الوزير أن اجمالي مخزون القمح الذي تم تسويقه العام 2024 لا يتجاوز 700 ألف طن، مؤكداً أن هذه الكمية لاتغطي سوى 20 بالمئة من الاحتياج السنوي.

وأرجع الوزير سبب ضعف المخزون لسياسات النظام السابق التي دمرت الزراعة، مؤكداً أن وزارته عينت مراقبين يقومون بجولات رقابية على الأفران لمراقبة عملها والإشراف على جودة الخبز ووزنه ليصل بأفضل طريقة للمواطنين.

صالح حمد

سوريا