الكومبس – خاص: قبل حوالي شهر نشرت الكومبس خبراً بعنوان “أول حالة غش باستخدام الذكاء الاصطناعي في جامعة سويدية”. الخبر أجج موجة من الخوف فمنذ أن ذاع صيت الـ ChatGPT وهناك مشاعر مختلطة، بين انبهار بالتقنية الجديدة وتخوف من أن تستبدل الكوادر البشرية أو من أن يتم استغلالها كطريق سهل من قبل طلاب المدارس.
هذا التخوف الأخير أصبح حقيقة عندما تم اكتشاف حالات غش في المدارس باستخدام الذكاء الاصطناعي أو ما يعرف بالـ AI. الكثيرون عبروا عن تخوفهم ومنهم من وصل به الأمر أن يقترح حظر هذه الآلية.
فيما يخص المدارس والواجبات المدرسية ومدى الخطورة التي قد تمثلها هذه التكنولوجيا، قامت الكومبس بمحاورة الدكتور الجامعي، زياد الخطيب، لتسأله عن الأمر، وخصوصا فيما هل يساعد الذكاء الاصطناعي بالفعل على الغش وهل يصبح الطلاب أكثر كسلا في حال استخدموا هذه الأدوات وكيف يمكن الاستفادة من هذه التكنولوجيا دون الاعتماد الكلي عليها؟
ما هو تأثير الذكاء على التعليم؟ هو هو نعمة أم نقمة؟ أي ضوابط له؟
الذكاء الاصطناعي ليس ظاهرة، هو واقع وأتى ليبقى. المهم هو كيف يتم استغلاله من خلال المدارس بطريقة تقوي الطلاب حيث يتم استخدامه بطريقة سليمة. أحد أهداف التكنولوجيا هو تقريب أفراد المجتمع من بعضهم البعض وتلاميذ المدارس هم أجيال المستقبل، إذا تعلموا كيف يعمل الذكاء الاصطناعي فيمكنهم استغلاله لخدمة المجتمع.
مسألة الغش هو مسألة اخلاقية وإذا عملت المدراس على تنمية الاخلاقيات حينها هم من تلقاء نفسهم سيعرفون كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل نبيل.
ويضيف الدكتور اللبناني، أن الذكاء الاصطناعي هو سلاح ذو حدين حيث يشبهه بالسيارة. “يمكن استخدام السيارة كأداة للوصول من نقطة إلى أخرى ويمكن أيضا أن يتم استخدامها كأداة للقتل ولكن إذا تدرب البشر على استخدام السيارة بشكل سليم حينها لن يكون هناك مشاكل”.
كيف يمكن توظيف هذه الأدوات بالشكل الصحيح؟
السؤال هنا لماذا اضطر الطالب إلى استخدام هذه الادوات للغش؟ الغش غالبا سببه ضعف عند الطالب في مادة معينة والسؤال الثاني هنا هو ما سبب هذا الضعف؟ من وجهة نظري أي ضعف عند طالب هو من مسؤولية المدرس ، أي ضعف عند التلميذ هو ذنبي أنا كمدرس. دور المعلم هو الابتكار في طرق الشرح لإيصال المعلومة للطالب.
هل تعني أنه لا يوجد ما يدعى بـ”الطالب الكسلان”؟
لا، هناك نوعين من الطلبة، نوع ينجح لحبه في المادة وهناك طلبة ينجحون للنجاح. لا يمكن أن يكون كل التلاميذ عباقرة في كل المواد، كل شخص له ميوله.
وينوه الخطيب إلى أن تخوف القطاع التعليمي من المواقع الإلكترونية المعلوماتية وارتباط استخدامها بالغش والسرقة الأدبية ليس جديدا قائلا: فيما سبق كان هناك تخوف كثير عندما ظهرت الموسوعة الإلكترونية المعروفة ويكيبيديا وقبلها كان هناك تخوف من مختلف محركات البحث كغوغل وياهو. السرقة الأدبية لطالما كانت موجودة وهي تزداد مع الوقت. هناك خياران: إمّا أن يكون هناك تشديد على استخدام تقنية الـ ChatGPT من خلال معاقبة التلاميذ وفي هذه الحالة نحن لا نحل المشكلة، أو أن نفهم أسباب استخدام الطلاب لهذه الطرق المختصرة ودعمهم ليؤمنوا بقدراتهم.
عدا عن ذلك يضيف د. زياد الخطيب أن وسائل الغش لا تقتصر على هذه التقنية الحديثة بل أنه يمكن للطلبة من خلال الإنترنت الحصول على خدمات لحل واجباتهم المدرسية مقابل مبلغ معين من المال.
ورد الخطيب على قدرة تقنية الـChatGPT على اجتياز امتحانات قبول كلية الطب في الولايات المتحدة بانتقاده طريقة اختبار الطلاب من الأساس. “اجتياز هذه التقنية لامتحانات القبول يدل فقط على الطريقة الخاطئة في اختبار طلبة الطب. هذه الاختبارات مبنية على أسئلة الاختيار المتعدد وهذه ليست طريقة تحدد كفاءة الشخص. إذا زار احدهم الطبيب اليوم فلا يقوم الطبيب بالتشخيص فقط بناءاً على أسئلة من هذا النوع. يجب تطوير النظام التعليمي”.
ويستذكر الخطيب ذو الـ 45 عاماً التخوف الكبير من استخدام الآلة الحاسبة عندما اصبحت في متناول الجميع في سنواته الجامعية الأولى، حيث كان العديد من المدرسين يعتقدون أن إدخال جهاز الآلة الحاسبة إلى قاعات الامتحانات سيؤدي إلى توقف الطلاب من استخدام عقولهم في العمليات الحسابية البسيطة ومن ثم ركودها.
إلى أي حد ChatGPT !نقلة نوعية جديدة
“في تصوري الخاص عندما دخلت الآلة الحاسبة حياتنا كانت هناك نقلة نوعية، حين دخلت تلك الآلة لم أعد أنا مجبراً على إضاعة وقتي في القيام بالعمليات الحسابية البسيطة ومواجهة خطر الخطأ البشري والآن دخول الـ ChatGPT في حياتنا هو نقلة نوعية أخرى”.
وفيما يخص التقنيات الجديدة وعالم الإنترنت لدى الخطيب تمني خاص وهو أن يتعلم مستخدمي هذه التقنيات وخاصة الشباب منهم علم الخوارزميات أو ما يعرف بالـ Algoritms. “يجب على التلاميذ أن يتعلموا البيانات المستخدمة ما وراء الذكاء الاصطناعي. هدف التكنولوجيا هو توحيد البشر ولكن نحن الآن نعيش في عالم منقسم، فإذا كانت البيانات المستخدمة قادمة من تفكير البشر الانقسامي فيمكن للذكاء الاصطناعي أن يؤذي الطلاب وهذا الأذى أكبر من الضرر الناتج عن استخدام التكنلوجيا للغش”.
هل يمكن أن توضح لنا هذه النقطة أكثر؟
حاليا كلما فتحنا صفحة على الانترنت يطلب منا الموقع “قبول ملفات تعريف الارتباط” أو ما يعرف بالـ Cookies، عملية القبول هذه تجعل منا نعيش في قوقعة لأن كل شيء نراه مبني على معلومات عني. قبولي لملفات التعريف هذه تظهر لي صورة معينة للعالم بناءاً على ميولي. يجب علينا أن نترك سؤال الغش والتركيز على آلية عمل هذا الذكاء الاصطناعي.
وفي الختام ينوه الأستاذ الجامعي إلى أن الخبراء قد توصلوا إلى تشخيص تقنية الChatGPT بالهلوسة، فهذه التقنية يمكن أن تعطي معلومات خاطئة ومصادر غير صحيحة وهو الشيء الذي يحذر منه الخطيب.
“فهذه التقنية موجودة سواء شئنا أو أبينا، بدلاً من التخوف منها علينا اغتنام الفرصة وتعلم التعاطي معها”.
ويضيف مازحاً “كلنا نرى ما يحدث في العالم بسبب الذكاء الطبيعي، لنعطي فرصة للذكاء الاصطناعي لعله يكون أفضل”.
هديل ابراهيم