الكومبس – خاص: نجار في النهار وقاتل في الليل، يطوف سعيد شوارع مدينة “مشهد” بإيران على دراجته النارية، يتصيد فتيات الليل وإن لم تستجب أحدهن لدعوته، يغريها بماله ويعدها بطعام ومخدرات إلى أن يستدرجها لبيته.
وقبل أن تقوم بما حضرت لفعله، يقتلها شنقا، اعتقادا منه أنه “ينظف شوارع إيران” من وسخها. ثم يتخلص من الجثة، ويبلغ الشرطة عن مكانها، متفاخرا بفعلته. وفي النهار التالي يتابع بحماس الصحف التي تكتب عنه وعن عدد ضحاياه المتصاعد، ويستأنف البحث عن ضحايا جدد.
تزامنا مع ثورة إيران المطالبة بحريات المرأة، جاء فيلم “العنكبوت المقدس” من إخراج الإيراني السويدي علي عباسي، ليحكي واقعا مريرا يعشنه النساء في إيران.
تبدأ القصة عندما تقرر صحفية شابة أن تحقق في ظاهرة قاتل فتيات الليل، وتطلب مساعدة الشرطة، ولكن لا تجد اهتماما كبيرا منهم بالموضوع، فتبدأ، بشكل فردي، ملاحقة هذا القاتل وتُعرض حياتها إلى الخطر والمضايقات من رجال يستغلون سلطتهم أسوأ استغلال. فيصبح واضحا أنه خلف هذا القاتل مجتمع كامل يجعل جريمته ممكنة.
أجاد الممثل المسرحي Mehdi Bajestani تجسيد دور “سعيد”، القاتل الذي لا يعرف الرحمة، تأتيه فتيات صغار بالعمر، مشتتات، فقيرات، يكرهن عملهن، ولكن لا يرين طريق غيره، فتظن أنت أن قلبه حجر، ليأتي المخرج وريك أنه أب حنون وزوج لطيف. فكيف يتحول إلى قاتل بلا رحمة في الليل؟ نرى في الفيلم العديد من الإشارات على أنه شخصية ضعيفة وهشة، تبحث عن معنى في حياتها، ولا تجده. يريد أن يؤمن بأنه خُلق لسبب أهم وأسمى من النجارة، فينصب نفسه إله يقرر من سيحي ومن سيموت.
أمام هذه الشخصية السيكوباتية، وقفت الممثلة Zar Amir Ebrahimi التي لعبت دور “رحيمي” الصحفية المكافحة التي تنجح في الكشف عن هوية القاتل، لتكتشف فيما بعد أن القصة لم تنتهي هنا، فالدعم المجتمعي لهذا الرجل يجعل من جرائمه بطولات. بين الخوف والإصرار، تتأرجح شخصية “رحيمي” محاولة خلق واقع تطيق هي العيش فيه دون أن تتلفت حولها ليلا ونهارا. وعن هذا الدور، فازت Ebrahimi بجائزة أفضل ممثلة في مهرجان كان لعام 2022، ذلك من بين جوائز عديدة أخرى فاز بها الفيلم.
جاء إيقاع الفيلم سريعًا وجذابا، ورغم أنك لا تريد أن تدير وجهك عن الشاشة ستضطر لفعل ذلك من حين لآخر، فالفيلم به العديد من المشاهد القاسية، التي لم يتراجع المخرج عن إظهارها. تلاحق الكاميرا الضحايا وهن يلتقطن أنفاسهن الأخيرة، فتشعر أنت كمشاهد وكأنك أنت من يختنق.
عُرض الفيلم في العديد من المهرجانات حول العالم، من بينهم مهرجان ستوكهولم السينمائي، وهو الآن متاحًا في السينمات في العديد من المدن في السويد، من بينهم ستوكهولم ومالمو ويتوبوري. اللغة الأساسية للفيلم هي الفارسية ولكن تقدم السينمات ترجمة سويدية.