القاضية سالي النجار: العيش بمجتمع يحكمه القانون ألهمني لأن أكون قاضية

: 2/17/22, 6:10 PM
Updated: 2/17/22, 6:10 PM
domarbloggen.se
domarbloggen.se

الكومبس – أخبار السويد: لم تكن سالي النجار، تلك الشابة الحالمة التي هربت من جحيم الحرب في بلدها العراق قبل حوالي عشرين عاماً، تتوقع أن يتحقق حلمها وتحمل بيدها مطرقة العدالة في محاكم السويد، لكنها وبفضل جهدها ومثابرتها، بات حلمها هذا، حقيقة واقعة، وها هي الآن قاضية في محكمة محافظة سودرتورن

تتحدث سالي عن الطريق الذي سلكته لتصبح على ما هي عليه الآن، وتستذكر ما جرى في صيف عام 2009 قائلة، “كنت أنا وأختي الصغيرة جالستين بانتظار نداء اسمي، لمعرفة فيما إذا سأحصل على مقعد احتياطي لي في برنامج القانون في جامعة ستوكهولم”.

وتتابع، “عندما سمعت اسمي من بين المقبولين، صرخت بصوت عالٍ ولكن على الفور شككت فيما إذا كان هذا صحيحًا وإنه تم ذكر أسمي فعلاً. وعندما استدرت بعد ذلك، رأيت أختي واقفة وهي تهتف بأن أسمي ذكر من بين المقبولين في البرنامج…كانت هذه أول خطوة في طريقي لأصبح قاضيًة”.

تعلم اللغة هي المفتاح

قبل أكثر من ست سنوات بقليل من ذلك التاريخ وبالتحديد في ربيع عام 2003، تمكنت سالي وشقيقتها، من الحصول على لم شملهما إلى السويد، لتكون بجانب والدتها وشقيقتها الكبرى، بعد أن غادرت مدينتها التي تحب بغداد بحثاً عن حياة أفضل هي وعائلتها.

وتشير إلى أنه مع بدء حياتها الجديدة في السويد، انكبت على تعلم اللغة السويدية، مدركة حينها، وهي في السابعة عشر من عمرها وبسرعة، أن اللغة هي التي ستفتح لها الأبواب في هذا البلد الجديد.

وتتابع، “لقد استثمرت وقتي كثيرًا، فلطالما طلبت من أساتذتي واجبات منزلية إضافية للدراسة، وخلال عطلة عيد الميلاد كنت آخذ ملفًا منزليًا مع واجبات منزلية إضافية لتعلم اللغة السويدية”.

بدأت سالي التفكير فيما يجب أن تدرسه بعد أن تتقن اللغة السويدية، وتقول في هذا الإطار، “كان القانون دائمًا في ذهني وربما قبل كل شيء لأنه كان جزءاً من حياة عائلتي لعدة أجيال. كانت جدتي وكيل نيابة في بغداد ووالدتي حاصلة على شهادة في القانون. لقد كانوا يقولون لي منذ أن كنت صغيرة أنني سأصبح محامية لأنني أجيد الدفاع عن قضيتي ولن أستسلم حتى أقنع الآخرين”.

نصحوها بأن تدرس غير هذا المجال

وتشير إلى أنها عندما أخبرت إدارة مدرستها برغبتها بأن تدرس القانون قدمت لها نصائح بأن تدرس شيئاً آخر أكثر سهولة، شيء يسهل الوصول إليه بناءً على ظروفها كما تقول.

لكن هذا الشيء لم يحل دون استمرار سالي في العمل من أجل تحقيق حلمها.

وفي فصل الخريف لعام 2009، كانت سالي مؤهلة بفعل درجاتها المدرسية من أجل التقدم للحصول على دراسة التعليم العالي ليتم بالفعل قبولها في برنامج القانون، الذي كانت تحلم به.

وتعبر سالي عن شعور باليأس ألم بها، عندما بدأت دراسة القانون بسبب صعوبة المفردات اللغوية المستخدمة في علم القانون، رغم أنها درست لمدة 6 سنوات اللغة السويدية بكفاءة

وتقول، “ساد الشعور باليأس بعد الأيام الأولى من بدئي برنامج القانون. كأن أحداً سكب الماء فوق رأسي. من المسلم به أنني قد درست اللغة السويدية منذ أكثر من ست سنوات وتمكنت من إتقانها جيدًا، لكن كلمات مثل (المدعي، والمطالبة، وعبء الإثبات) والمزيد لم تمر علي من قبل، وهي كلمات لا تسمعها في الحياة اليومية”.

أدرك سالي لاحقًا ضرورة التعمق باللغة المتخصصة بعلم القانون.

وتتابع، “قضيت جزءًا كبيرًا من وقت دراستي خلال الفصل الدراسي الأول في صنع قاموسي الخاص للمصطلحات والمفردات القانونية التي يمكنني استخدامها في الدراسة.

درجات عالية

عندما حصلت سالي على نتيجة الامتحان بعد الدورة الأولى، شعرت بخيبة أمل، حيث تلقت ​​درجات متوسطة بينما حصل معظم أفراد صفها على درجات جيدة جدًا.

أثرت هذه النتيجة على طموحها، حتى أنها فكرت بدراسة مجال آخر، ولكن عندما تقدمت سالي بطلب لمراجعة إجاباتها في الامتحان، تبين أن معلمها قد أخطأ في احتساب جميع الدرجات، ما أضطره لإعادة تصحيح امتحانها، لتحصل سالي بعد ذلك على أعلى درجة بين الطلبة في ذلك الامتحان.

كتبت سالي رسالتها الجامعية في قانون الضرائب وفي نفس الوقت، التحقت بتدريب داخلي في واحدة من أكبر شركات التدقيق في السويد.

تمكنت بعد التخرج، من العمل في نفس الشركة كمستشار ضرائب.

تقول في هذا الإطار، “لقد استمتعت بهذا العمل كثيرًا، ولكن بعد فترة شعرت أنه فاتني العمل في القانون، لقد عملت في مجال التمويل أكثر من القانون نفسه”.

وتتابع، “في بعض الأحيان، يتعين على الحياة أن تأخذ منعطفاتها لتجد ما يجب عليك القيام به، وهكذا كان الحال في وضعي. لفترة طويلة كنت أهدف إلى أن أصبح محاميًة، لكنني لم أكن متأكدة مما سأعمل معه بالضبط”.

سيادة القانون ألهمتني لأن أصبح قاضية

في المراحل الأولى من عملها كمحامية في المحكمة، تمكنت سالي من الحصول على نظرة ثاقبة حول كيفية سير إجراءات المحكمة، واتيحت لها الفرصة للعمل على نطاق واسع مع مجالات مختلفة من القانون، وهذا ما دفعها نحو الخطوة الأخرى في مسيرتها المهنية وهي أن تصبح قاضية.

وتقول هنا، “من بين ما جذبني لأن أصبح قاضية، هو ذلك الشعور بأن جوهر العمل كقاضي أن أكون ضامنة لسيادة القانون وأنه يمكنني من خلال عملي أن أساهم فيما تركت أنا وعائلتي وطننا من أجله وهو أن أمن العيش في مجتمع يحكم بالقانون. لقد ألهمني ذلك ولذلك قررت أن أصبح قاضيًة”.

لا شيء مستحيل

تؤكد سالي، أنه لا شيء مستحيل حتى ولو تطلب تحقيق الحلم وقتاً أطول قليلاً.

وتنصح سالي ممن يسعون للنجاح بحياتهم بالاستثمار في أنفسهم من خلال المدرسة والتعلم وأن يتجرؤوا على طلب المساعدة.

وتقول، “ستشعر بصعوبة وستواجه المحنة، ولكنك عليك أن تثابر لأنه لا يوجد شيء مستحيل، والمستحيل يستغرق وقتًا أطول قليلاً. وصدقوني هذا شيء يستحق العناء”.

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.