الكومبس – ستوكهولم: نشرت صحيفة إكسبريسن السويدية تحقيقاً مطولاً أمس الخميس عن مجموعة على فيسبوك ادعت مساعدة الأهالي على استرجاع أطفالهم ممن لديهم قضايا مع الخدمات الاجتماعية (السوسيال) منذ العام 2013 وتضم 19 ألف مشترك، أغلبهم كان من الآباء والأمهات اليائسين الذين يتلقون وعوداً، وهم يبحثون عن الدعم والمساعدة في استعادة أطفالهم من خلال هذه الصفحة التي تأسست تحت اسم “Pappavarför”، لكن دون أن تحقق شيئاً للأهالي، كما تقول الصحيفة السويدية.

الصحيفة السويدية كشفت أن الصفحة تُدار من قبل رجل مدان سابقاً، نشأ في السويد، لكنه يعيش الآن في الضفة الغربية، ويدعى فاروق العسالي، وهو يقوم بحملة ضد دوائر الخدمات الاجتماعية (السوسيال)، وينشر نظريات المؤامرة، ويقوم بنشر صور الموظفين في هذه الدوائر.

وكشفت الصحيفة أيضاً عن تلقي مدير الصفحة أموالاً بشكل سري، ضمن أعمال سمسرة، من مكاتب محاماة مختارة لتحويل العملاء إليها.

الصحيفة السويدية تلتقي العسالي في عمان

وتوجه فريق من الصحيفة السويدية إلى العاصمة الأردنية عمان لمقابلة فاروق العسالي، في منزل أحد أقاربه، تقول الصحيفة “حصلنا على عنوان أقارب فاروق عسالي قبل ساعات قليلة. من المفترض أنه هنا مؤقتاً لزيارة العائلة.” وتضيف الصحيفة “كان فاروق مهذباً للغاية عند وصوله إلى الباب: قال لنا: من الرائع دائماً مقابلة أشخاص يتحدثون السويدية في العالم العربي. وُلدت وترعرعت في السويد. مرحباً بك، تفضل بالدخول. لكن عندما يتحدث لاحقًا عن الخدمات الاجتماعية في السويد، يتغير ويصبح مختلفاً، ومما قاله: ليحترقوا (السوسيال) في الجحيم من أجل جميع الأخطاء التي يرتكبونها! ومن أجل جميع الأطفال الذين يدمرون حياتهم. أنا أؤيد ذلك. لكن هذا لا يعني أنني أتمنى لهم الموت. وأضاف: في الواقع، أعني حقاً أن يحترقوا في الجحيم لكل طفل يدمرونه”.

موقف الصفحة العدائي من السوسيال يحدد دورها

الموقف العدائي من السوسيال، لحد تمني الموت للعاملين فيه، يمكن أن يشرح نوع المساعدة التحريضية التي تقدمها صفحة “Pappavarför” للآباء والأمهات في نزاعات الحضانة، وفي قضايا سحب الأطفال من قبل الخدمات الاجتماعية، إما عن طريق الرعاية الطوعية أو القسرية وفق قانون (LVU). وتشمل المساعدة تقديم النصائح عبر الهاتف، وحضور الاجتماعات مع الخدمات الاجتماعية، ومراجعة التقارير والأحكام أو تسهيل الاتصال بين الآباء والمحامين.

لكن خلف الوعود التي تقدمها الصفحة، هناك حقيقة مختلفة تماماً، كما تقول الصحيفة السويدية.

أعضاء سابقون في الصفحة أنشؤوا مجموعة فيسبوك خاصة بهم تحذر من Pappavarför. وتضم تلك المجموعة اليوم أكثر من 900 عضو يشاركون تجاربهم المختلفة.

شهادات من أعضاء سابقين في الصفحة

إحدى الانتقادات القوية التي نُشرت ضد الصفحة تقول “أندم بشدة على انضمامي لتلك المجموعة (Pappavarför.se) وعلى أخذ نصائحهم عندما واجهت مشكلات مع طفلي والخدمات الاجتماعية”.

فيما كتبت عضوة سابقة أخرى “كنت على اتصال مع Pappavarför منذ حوالي أربع سنوات عندما كنت سأترك والد طفلي. لو فعلت ما حاولوا إقناعي به، لكنت أواجه مشكلات كبيرة اليوم”.

قابلت صحيفة إكسبريسن 12 من الآباء والأمهات ممن لديهم تجارب مع Pappavarför في هذا التحقيق. واحدة منهم هي “مايا”. حيث قررت الخدمات الاجتماعية بعد سنوات من التحقيقات وضع أطفال مايا في أسرة مضيفة، وهو ما يسمى بالوضع الطوعي. فلجأت مايا إلى مختلف المنتديات على الإنترنت للحصول على المشورة.

تقول ماي “كنت يائسة لإعادة أطفالي”.

وبعد كتابة مايا لمنشور في Pappavarför، اتصلت بها إحدى مديرات الصفحة وقالت إنها تستطيع مساعدتها. وأولى كلمات هذه المديرة لمايا “تباً لهم (السوسيال) وبدأت بإطلاق “ألقاب بذيئة” عليهم. وحين لم تلتزم مايا بما قالته المديرة، قيل لها إنها “أم سيئة وتهمل أطفالها”. كما نصحت المديرة مايا بأن تعيد الأطفال فوراً من الوضع الطوعي.

وتتابع مايا أنها كانت تتلقى مكالمات من مديري الصفحة في أوقات متأخرة من الليل أو في منتصف الليل. وكانت المحاولات كلها لإقناع مايا بالاستعانة بالمحامين الذين تتعاون معهم الصفحة.

جني أموال من وراء مآسي الناس

وقالت الصحيفة أيضاً إن الصفحة” Pappavarför” لا تقدم فقط معلومات مضللة وتنشر نصائح خاطئة، بل تتعمد نشر نظريات المؤامرة حول الخدمات الاجتماعية منذ سنوات. هذا إضافة إلى جني الأموال من خلال “السمسرة” مع مكاتب محاماة معينة.

ومما كتبه مؤسس الصفحة، فاروق عسالي، ضمن نظريات المؤامرة، التي ساهمت بتضليل الأهالي، أن الخدمات الاجتماعية تسحب الأطفال “لتدير تجارة أطفال” وأن “أطفالنا ليسوا سوى سلعة وورقة في اللعبة”. كما أنه كان يشجع الآباء على مغادرة السويد للهرب من الخدمات الاجتماعية.

وكتب في مناسبة أخرى، أن “السويد بلد فاسد والديمقراطية موجودة فقط على الورق ولا شيء غير ذلك! كرهي لهذه المؤسسة لا يعرف حدوداً”، واصفاً الموظفين بأنهم “جرذان المجاري” و”عملاء الشيطان” مضيفاً أنهم يجب أن “يحترقوا في الجحيم”.

ويضم تحقيق الصحيفة السويدية عدة شهادات، كما يستعرض الحملة التي قادتها مجموعات بمساعدة مواقع متطرفة وصحف دولية ضد السويد، تحت مسميات مضللة مثل: “السويد تخطف الأطفال وتتاجر بهم”.

كما حصلت الصحيفة على تأكيدات من مكاتب محاماة بأنهم يدفعون أموالاً للعسالي، وهو امر أخفاه العسالي عن الناس وعن الصحفيين حين سؤاله عن ذلك.

كما ضم التحقيق أيضا شهادات لخبراء ومختصين حول تأثير هذه الحملات ونظريات المؤامرة المدمر خاصة على أهالي ممن لديهم ملفات عند السوسيال وتأثيرها على المجتمع عموماً، عندما تقل الثقة بالمؤسسات التي يستفيد منها مئات الآلاف من سكان السويد، بحسب الصحيفة.

المصدر: www.expressen.se