نجح تلسكوب جيمس ويب الفضائي في اكتشاف مجرتين من أبعد المجرات التي تم رصدها على الإطلاق في منطقة من الفضاء تعرف باسم تجمع باندورا Pandora’s Cluster ، والمعروفة باسم Abell 2744.
وباستخدام بيانات من التلسكوب التابع لوكالة ناسا الأمريكية تم بناء صورة ميدانية عميقة للمنطقة، وأكد فريق دولي بقيادة باحثين من جامعة ولاية بنسلفانيا مسافة هذه المجرات والتي تم الاستدلال على خصائصها باستخدام بيانات طيفية جديدة والحصول على معلومات حول الضوء المنبعث عبر الطيف الكهرومغناطيسي من تلسكوب جيمس ويب.
وتشير البيانات إلى أن المجرات تقع على بعد حوالي 33 مليار سنة ضوئية، ويقول العلماء إن هذه المجرات البعيدة بشكل لا يصدق تقدم نظرة ثاقبة حول كيفية تشكل المجرات الأولى، بحسب ما نشر موقع “فيز.كوم” العلمي المتخصص.
وعلى عكس المجرات الأخرى التي ربما تقع على المسافة ذاتها من مجرة درب التبانة والتي تظهر في الصور كنقاط حمراء، فإن المجرات الجديدة تبدو أكبر حجماً وتظهر مثل حبات الفول السوداني وبعضها يظهر ككرات رقيقة، وفقا للباحثين.
نشرت الدراسة التي تحدث عن الاكتشاف في مجلة استروفيزيكال جورنال ليترز.
ويقول المؤلف الرئيسي للدراسة بينجي وانغ، باحث ما بعد الدكتوراة في كلية إيبرلي للعلوم بجامعة ولاية بنسلفانيا إن المجتمع العلمي “لا يعرف سوى القليل جداً عن الكون المبكر، والطريقة الوحيدة للتعرف على ذلك هي الزمن واختبار نظرياتنا حول تكوين المجرات المبكرة ونموها تتم مع هذه المجرات شديدة البعد عنا”.
صور التقطها تلسكوب هابل الشهير لمجرات بعيدة للغاية في عام 2014 وهو تجمع لمجرات شديدة البعد عرف باسم Abell 2744
ويضيف وانغ : “قبل تحليلنا للصور، كنا نعرف ثلاث مجرات فقط من المؤكد وجودها على هذه المسافة الهائلة بشكل تقريبي. وقد كشفت دراسة هذه المجرات الجديدة وخصائصها عن تنوع المجرات في الكون المبكر ومقدار ما يمكن تعلمه منها”.
وبحسب علماء الفلك فإنه نظراً لأن الضوء الصادر من هذه المجرات كان عليه أن يسافر لفترة طويلة للوصول إلى الأرض، فإنه يوفر نافذة على الماضي وما كان عليه الحال وقت نشأة الكون.
ويقدر فريق البحث أن الضوء الذي اكتشفه تلسكوب جيمس ويب انبعث من المجرتين عندما كان عمر الكون حوالي 330 مليون سنة وسافر لحوالي 13.4 مليار سنة ضوئية للوصول إلى منطقة تمكن فيها التلسكوب من التقاطه. لكن الباحثين قالوا إن المجرات تقترب حالياً من الأرض بنحو 33 مليار سنة ضوئية بسبب عملية توسع الكون المستمرة.
بدوره، قال جويل ليغا، أستاذ مساعد في علم الفلك والفيزياء الفلكية في جامعة ولاية بنسلفانيا وعضو الفريق البحثي في مشروع UNCOVER “إن الضوء الصادر من هذه المجرات قديم للغاية”، مقدراً عمره بأقدم من عمر الأرض بنحو ثلاث مرات على الأقل، وفق ما نشر موقع “سبيس.كوم”
وأضاف أن الدراسات التي أجريت على الصور تشير إلى أن “هذه المجرات القديمة تشبه المنارات، حيث ينبعث الضوء عبر اشتعال غاز الهيدروجين الرقيق للغاية والذي ساهم في تشكيل الكون المبكر، ومن خلال هذا الضوء المنبعث من النجوم الموجودة في هذه المجرات يمكننا أن نبدأ في فهم الفيزياء الغريبة التي سادت المجرة خلال فترة فجر الكون وبداية نشأته”.
الجدير بالذكر أن المجرتين أكبر بكثير من المجرات الثلاث التي تم اكتشافها سابقا على هذه المسافات القصوى، وأن واحدة منهما كانت أكبر بست مرات على الأقل بعرض حوالي 2000 سنة ضوئية. وللمقارنة، يبلغ عرض مجرة درب التبانة حوالي 100 ألف سنة ضوئية، ولكن يعتقد أن الكون المبكر كان مضغوطا للغاية، لذلك من المدهش أن المجرة بقيت على حجمها الهائل الذي لم يتغير بحسب ما يقول العلماء.