عمل في حلب الأبقار سبع سنوات ويدرس العلوم السياسية في الجامعة
الكومبس – خاص: أثار اسم “حميد” جدلاً واسعاً على وسائل التواصل في السويد مؤخراً. مثار الجدل أن شركة آرلا لمنتجات الحليب اختارت الاسم ضمن أسماء أخرى على عبوات الحليب التي توزعها في السويد، وتتضمن معلومات حول المزارعين ونصائح صحية وبيئية، وألعاباً بسيطة للأطفال. غير أن اختيار اسم حميد “المهاجر” سبب غضباً في أوساط اليمين واليمين المتطرف. ونشر النائب السابق عن حزب المحافظين حنيف بالي صورة عن العبوة، وكتب فوقها ساخراً “كم عدد مزارعي الألبان الذين يحملون اسم حميد لدى شركة أرلا؟” “وأضاف “يبدو شخصية مثيرة للاهتمام للغاية. ليس من السهل التحول إلى أمر سويدي تماماً مثل أن تصبح مزارع ألبان. ابحثوا عن مزارع الألبان حميد!”.
الرد على حنيف بالي جاء من حميد نفسه، لا كشخصية تخيلتها آرلا، بل من شاب حقيقي اسمه حميد عطائي (24 عاماً) عمل في مزارع آرلا خارج ترانوس لمدة سبع سنوات، وفق ما يقول للكومبس.
عاش حميد في السويد 10 سنوات بعد أن جاء من أفغانستان، وهو يدرس الآن العلوم السياسية في لينشوبينغ، لكنه عمل سابقاً لسنوات عدة في الزراعة وحليب الأبقار إلى جانب دراسته.
الرسم الذي أثار الجدل على عبوة آرلا صورة مزارع يقود جراراً زراعياً ويطلب اختيار أقصر طريق إلى الحظيرة، لتقليل استهلاك الوقودـ وكُتب تحت الصورة “ساعد حميد على القيادة”.
وضمن انتقادات كثيرة للشركة، نشرت القيادية في حزب ديمقراطيي السويد (SD) والشرطية ماريا روساندر الصورة وكتبت “حميد؟ هل حميد هو الاسم الأكثر شيوعاً بين مزارعي الألبان السويديين؟ ما الذي يجري مع شركاتنا السويدية اليوم، هل يجب أن تكون “شاملة” بهذا الشكل؟ لماذا لا يُدعى المزارع ببساطة بينغت، أولف، أو سونه؟”.
في حين نشر موقع “سامنيت” مقالاً للكاتب ماتس روني داغرليند قال فيه “هل يعتقد أحد حقاً أن هناك حتى مزارعاً واحداً في السويد يُدعى حميد؟ (..) هذا الهراء المتعلق بالتعددية الثقافية يجعل معظم الناس غاضبين”.
يقول الشاب حميد عطائي إنه لم يكن يعلم بالانتقادات قبل أن يصله بريد إلكتروني من الكومبس. ويضيف “لم يكن لدي رد فعل مباشر. ومع ذلك، ربما ليس من الشائع أن يكون هناك اسم مثل “حميد” على عبوة حليب، هذا صحيح. لكن في الوقت نفسه، قد يكون الأمر طريفاً، لأن هذا هو اسمي، وقد عملت سابقًا في المزارع”. ويضيف “كان مفاجئاً أن يتحول الأمر إلى موضوع كبير”.
أشخاص آخرون من المولودين في الخارج

يعرف حميد أشخاصاً آخرين عملوا في هذا المجال وهم مولودون خارج السويد. وعن ذلك يقول “ربما ليس شائعاً جداً أن يعمل أشخاص من خلفيات أجنبية في المزارع، لكنه يحدث. قد لا يكون هناك كثير من الأشخاص من آسيا، لكن هناك بعض العمال الأجانب في القطاع. بالنسبة لي، نشأت في مزرعة في بلدي الأم، ومع ذلك لم أكن لأعمل في آرلا لو لم أقم بزيارة دراسية هناك في العام 2017”.
وعن تجربته في العمل في المزرعة يقول “كان من الممتع الاستيقاظ في الساعة الثالثة صباحاً لحلب الأبقار. ثم تأتي فترة الحلب بعد الظهر، مع مرور الوقت تعلمت المزيد عن العمل ما يجعل المرء أكثر استقلالية، ويمنحه القدرة على إدارة مزرعة بالكامل. كما أن العمل في المزرعة يتضمن أشياء أخرى مثل جمع العلف، والعناية بالأشجار في الشتاء. هناك دائماً الكثير من العمل”.
“أعمل وأدرس.. مزارع وسياسي”
نشر حميد في السابق رسالة بريد صحفية (Insändare) في صحيفة ترانوس المحلية رد فيها على انتقادات حزب SD حول مشاكل الاندماج. وعن دافعه لكتابه هذه الرسالة، يقول حميد للكومبس “أنا أيضًا سياسي في حزب الليبراليين، وأتابع أخبار السياسة. جاءت مقالتي رداً على انتقادات قوية من أحد سياسيي حزب SD الذي شيطن جميع المهاجرين ووضعهم في سلة واحدة. أردت أن أرد على هذا الاتهام، وأوضحت بالتفصيل ما أفعله: أنا أدرس، أعمل، وأنا مندمج جداً في المجتمع. أحيانًا يتم رسم صورة سلبية عن المهاجرين، دون إظهار الجانب الإيجابي (..) لذلك أردت أن أوضح أنني شخص يستيقظ صباحاً ليذهب للعمل، يدرس في الجامعة، وأيضاً سياسي محلي في البلدية”.
التعددية الثقافية مجدداً
الجدل حول صورة آرلا أثار مجدداً قضية التعددية الثقافية في السويد، وهو أمر تدافع عنه أحزاب، بينما ينتقده بشده حزب SD الذي قالت القيادية فيه ماريا روساندر في مقابلة مع موقع “ريكس” تعليقاً على صورة آرلا “تريد الشركات أن تشعر بأنها “متعددة”، لكن في كثير من الأحيان نحن السويديون من يتم استبعادنا”.
بينما يذكر حميد في رسالته أنه عندما وصل إلى السويد، استقبله السويديون بأذرع مفتوحة. وعن الانتقادات الحالية من SD لشركة آرلا والتشكيك في وجود أسماء غير سويدية في المزارع، يقول حميد للكومبس “هذه مجرد معلومات مضللة ينشرونها كجزء من دعاية سياسية، وهي غير صحيحة على الإطلاق”. ويضيف “عندما جئت إلى هنا، كان حولي أشخاص رائعون فتحوا لي أبوابهم وقدموا لي الدعم. بالطبع، لم يكن الأمر مجرد استقبال مفتوح، ولم نندمج تلقائياً. كان علينا بذل جهد شخصي أيضاً. لقد كان لدي دافع داخلي قوي، ورغبة في فهم كيفية عمل النظام السويدي الذي استمر في التطور لمدة 200 عام، وكان دائمًا بلداً يجذبني”.
ويتابع “كان لدي طموح كبير لمعرفة كيف يمكنني المساهمة في هذا المجتمع. ومع ذلك، لا يمكنني إنكار أنني كنت محاطاً بأشخاص رائعين منذ البداية، ولا يزالون حولي حتى اليوم”.
راما الشعباني
مهند أبو زيتون