ختان الإناث

بفضل جهود المجتمع المدني..مصر تنجح في محاربة آفة ختان الفتيات

: 2/6/24, 9:29 AM
Updated: 2/8/24, 3:00 PM
اعتمدت الأمم المتحدة السادس من فبراير / شباط يوما عالميا لمناهضة ختان الإناث
اعتمدت الأمم المتحدة السادس من فبراير / شباط يوما عالميا لمناهضة ختان الإناث

الكومبس – دولية: استطاعت مصر تحقيق نجاحات في خفض معدل ختان الإناث مع تشديد العقوبات، فيما يرجع مراقبون الفضل بشكل كبير إلى دور المجتمع المدني. وتدعو ناشطات إلى ضرورة بذل المزيد للقضاء على الآفة خاصة في صعيد مصر.

رغم أنها رُزقت بطفلتين، إلا أن نهى، ربة منزل في منتصف العقد الثالث من عمرها، لم تفكر إطلاقا في إخضاع إحدى طفلتيها لختان الإناث.

وفي مقابلة مع DW عربية، قالت نهى – التي طلبت الاكتفاء باسمها الأول – إن ختان الإناث “مستبعد بالنسبة لي. وكأم غير موافقة على ختان الإناث وأعارضه بشدة ولا أرى ثمة أي فرق بين إجرائه وعدمه.”

وأضافت “أنا متدينة ولقد بحثت في الموضوع ووجدت أنه من الناحية الدينية هناك آراء مختلفة، لكن لا يوجد رأي ديني يؤكد وجوب الختان للإناث.”

وحققت مصر نجاحات في خفض معدل ختان الإناث منذ تفجر القضية عام 1994 خلال المؤتمر الدولي الخامس للسكان والتنمية الذي نُظم في القاهرة وتسبب في ضجة بشأن الظاهرة وطرحها للنقاش المجتمعي.

ووفقا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فقد تراجعت نسب الختان بين البنات دون تسعة عشر عاما حيث انخفضت نسبة الختان عام 2023 بحوالي 8 نقاط أقل من المستوى المسجل عام 2014. كما انخفضت نسبة الأمهات اللاتى لديهن نية ختان بناتهن فى المستقبل إلى 13% فقط، مقارنة بحوالى 35 % عام 2014، في العمر الذي تتم فيه ممارسة ختان الإناث للفتيات.

تشديد العقوبة

وقد حظرت مصر هذه الممارسة منذ عام 2008 مع سن تشريعات لمعاقبة الأطباء وغيرهم في حالة ثبوت إدانتهم بإجراء ختان الإناث. وفي عام 2021، وافق مجلس النواب على مشروع قانون يشددعقوبة ختان الإناث لتصل إلى السجن المشدد لمدة لا تقل عن 10 سنوات، معتبرا الختان “انتهاكا لحرمة الجسد”. وشمل القانون معاقبة “كل من طلب ختان أنثى وتم ختانها بناء على طلبه بالسجن مدة لا تقل عن 5 سنوات”.

وحظي القانون بموافقة الأزهر، أكبر مؤسسة دينية في مصر، فيما أكدت دار الإفتاء على حرمته، حيث قالت إن “ختان الإناث من قبيل العادات وليس من قبيل الشعائر إذ لم ترد فيه أوامر شرعية صحيحة وثابتة لا بالقرآن ولا في السنة.”

وشهدت البلاد حكما في قضية ختان الإناث يعد الأول من نوعه حيث قضت محكمة عام 2021 بسجن أب ثلاثة أعوام وممرض عشرة أعوام غيابيا لقيامهما بختان ابنة المتهم الأول بما تسبب في إحداث عاهة مستديمة للمجني عليها.

نجاح المجتمع المدني

وترى دينا درويش، الصحافية في صحيفة “الأهرام إبدو” الرسمية الناطقة باللغة الفرنسية والمتابعة لقضية ختان الإناث منذ سنوات، أن الفضل في انخفاض معدلات ختان الإناث في مصر يعود إلى دور المجتمع المدني.

وفي مقابلة مع DW عربية، قالت “لعب المجتمع المدني دورا هاما وكان نشطا جدا في محاربة الظاهرة منذ نهاية التسعينات ومطلع الالفية وكان له الدور الأكبر في الاشتباك مع الأفكار المرتبطة بختان الإناث ومعالجتها. كانت هناك تجربة ناجحة لرائدة العمل الاجتماعي مارى أسعد التي نجحت في تحقيق صفر ختان الإناث في إحدى قرى صعيد مصر. كانت تجربتها بمثابة نبراس للقرى الأخرى”.

وأضافت درويش “سنت الحكومة قوانين لمحاربة الظاهرة ودشنت حملات إعلامية لرفع التوعية بخطر عمليات ختان الإناث، لكن المجتمع المدني لعب دورا حاسما في الشارع. بسبب أن القضية ليست سياسية فقد تمتعت منظمات المجتمع المدني بمساحة كبيرة في الشارع للحديث عن قضية ختان الإناث”.

وشهدت مصر خلال السنوات الماضية تدشين حملات رامية إلى القضاء على ظاهرة ختان الإناث بالتعاون مع مؤسسات حكومية ومنظمات المجتمع المدني واليونسيف مثل مبادرة “احميها من الختان” و “قل لا واحم ابنتك من الختان”.

ووفرت منصات التواصل الاجتماعي مساحة لتسليط الضوء على مخاطر ختان الإناث مع سرد قصص وتجارب لفتيات وسيدات وقعن ضحية لهذه الظاهرة.

وأدلى العديد من الأطباء والطبيبات بدلوهم في القضية بالانضمام إلى جهود التوعية ضد خطر ختان الإناث والتأكيد على الأضرار الصحية والنفسية التي تتسبب فيها عمليات ختان الإناث .

الصعيد..استمرار الظاهرة

ورغم إقرارها بتدني معدل ختان الإناث بشكل مطرد في مصر، إلا أن الصحافية دينا درويش أقرت باستمرار هذه الظاهرة خاصة في قرى صعيد مصر.

وفي ذلك، قالت “ختان الاناث ما زال منتشرا ولن يتنتهي بسهولة خاصة في الصعيد، حيث يتم التمسك بالتقاليد والعادات أكثر بكثير من محافظات الوجه البحري والقاهرة. يُجرى التمسك بهذه التقاليد باعتبارها صمام الأمان فلا يتقبل سكان الصعيد بسهولة التغيير خاصة مع البعد الجغرافي عن العاصمة”.

وأضافت درويش “الأفكار المرتبطة بتنظيم الأسرة وختان الإناث تشتبك مع الأعراف المتجذرة في المجتمع الصعيدي وذلك على النقيض مع الأفكار المتعلقة بالآراء الأكثر سطحية للقناعات الشخصية”.

من جانبها، تؤكد غادة صلاح، متطوعة في إحدى الجمعيات النسائية في إحدى قرى صعيد مصر على استمرار ظاهرة ختان الإناث في محافظات الوجه القبلي، لكنها قالت إنها باتت “أقلية حيث تُجرى في بعض المجتمعات التي لم ينتشر فيها التعليم بشكل كبير”. وأضافت “للأسف الأمر مرتبط بشكل كبير بنظرة الناس السيئة للفتاة التي لم تُختن حيث ينظرون إليها باعتبارها غير عفيفة وغير متدينة”.

ينشر بالتعاون بين مؤسسة الكومبس الإعلامية و DW

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.