الكومبس – دولية: نشرت صحيفة أفتونبلادت السويدية تقريراً قالت فيه إن الرئيس السوري بشار الأسد أصبح وحيداً بشكل متزايد في معركته من أجل البقاء. فيما قدم خبراء سويديون سيناريوهات لما يمكن أن يحدث في سوريا.

ونقلت الصحيفة عن عدد من وسائل الإعلام أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أبلغ الأسد بأنه لا يستطيع الاعتماد على المساعدة. في حين تراجع الدعم من حزب الله والميليشيات الإيرانية.

وقال الخبير في شؤون الشرق الأوسط ألكسندر أتارودي للصحيفة “يحدث هذا في ظل حقيقة أن قوة إيران وروسيا وحزب الله انهارت، أو على الأقل ضعفت بشكل كبير”.

وفقدت القوات الحكومية التي يقودها الأسد السيطرة على أجزاء كبيرة من البلاد والعديد من المدن الكبرى، ذات الاهمية الاستراتيجية الكبيرة.

وقال خبير الشرق الأوسط في وكالة أبحاث الدفاع السويدية (FOI) آرون لوند “لطالما اعتقدت أنه من غير الحكمة التكهن بسقوط النظام باعتباره أبيض وأسود. قد يتضح أن النظام يفقد كثيراً من الأراضي دون أن يختفي. أعتقد بأن الكثير يعتمد على ما يحدث في حمص”.

وأيده ألكسندر أتارودي بالقول “لا أعتقد بأن هناك ما يشير إلى سقوط النظام، سيضعف بشكل كبير. وأعتقد بأنهم يحشدون الآن ليكونوا قادرين على إظهار نوع من المقاومة”.

لا دعم من روسيا

وكان الأسد اقترب في 2015 من خسارة الحرب الأهلية التي بدأت بثورة شعبية في سوريا. غير أن تدخل روسيا وإيران قلب الموازين. وحينها تعرض المدنيون لقصف عنيف وتحدثت مئات التقارير الإعلامية عن قصف المستشفيات والمخابز.

وبحسب أفتونبلادت، يبدو هذه المرة أن المساعدة ليست وشيكة.

وأشارت كل من وكالة بلومبيرغ للأنباء وسكاي نيوز عربية إلى مصادر تقول إن بوتين أبلغ الأسد بأنه لا يستطيع الاعتماد على أي مساعدة مكثفة.

وكتبت سكاي نيوز عربية “أبلغت روسيا دمشق بأن جميع الجهود ستكون محدودة وأن لديها أولويات أخرى في هذا الوقت”.

وقال أتارودي “لا يمكن للأسد الاعتماد على مزيد من الجهود العملياتية، بل في الغالب على الدعم السياسي. روسيا ضعيفة بشدة بسبب الحرب في أوكرانيا. قد يكونون قادرين على الدعم ببعض الضربات الجوية”.

الوضع في الشرق

وفي شرق سوريا، أفادت التقارير بأن المدن الاستراتيجية مثل البوكمال ودير الزور وقعت تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية الكردية، بعد أن سلمتها القوات الحكومية والميليشيات المتحالفة معها دون قتال.

ويعني ذلك أن ما يسمى “الجسر البري الإيراني إلى سوريا” مقطوع وتسيطر عليه الآن جماعات متحالفة مع الولايات المتحدة.

وقال متحدث باسم الحكومة العراقية يوم الجمعة إن البلاد ليس لديها خطط للتدخل العسكري في سوريا.

فيما قال أتارودي “تتعرض إيران لهجمات إسرائيلية عنيفة في سوريا منذ 14 شهراَ. وضعفت قدرة إيران على نقل الأسلحة والأفراد إلى حد كبير. الجزء الأخير من اللغز هو حزب الله، الذي كان لديه آلاف المقاتلين الذين يدعمون الأسد، لكنهم ضعفوا بشكل كبير”.

سيناريوهات محتملة

وأفادت تقارير من عدة جهات بأن القوات الحكومية تتخلى عن المدن والمناطق من أجل حشد القوات حول العاصمة دمشق.

ورداً على سؤال ما إن كانت القوات الحكومية تستجمع قوتها لمعركة نهائية، وماذا سيحدث في سوريا؟، أجاب أتارودي “أعتقد بأن هناك سيناريوهاين، الأول هو أن يحتفظ النظام الضعيف للغاية بالسلطة في مناطق معينة، وخصوصاً دمشق والساحل. بينما يسيطر المتمردون على وسط البلاد وربما قليلاً إلى الشرق. يسيطر الأكراد على الأجزاء الشمالية الشرقية وقد يكونون قادرين على التوسع جنوباً قليلا وسط فراغ السلطة. هذا هو السيناريو الأكثر ترجيحاً”.

وعبر أتارودي عن اعتقاده بأن هناك خطراً وشيكاً من أن يكون هناك ليبيا جديدة في المنطقة، مضيفاً “الوضع مشابه لليبيا في العام 2011. عندما غادرت دول الناتو البلاد، تحولت ليبيا إلى ما يسمى الدولة الفاشلة، حيث أصبحت هناك كيانات مختلفة في نفس البلد”.

مزيد من البؤس

ورأى آرون لوند أيضاً أنه من المرجح أن يؤدي هذا التطور إلى مزيد من البؤس للشعب السوري.

وأضاف “لا أعتقد بأن هذا سينتهي بسعادة. بشكل عام، يبدو أن سوريا لديها مستقبل أكثر قتامة مما كانت عليه مؤخراً. لا يعني ذلك أن الأسد كان جيداً، لكن هناك خطر من أن يكون هناك مزيد من الحرب ومزيد من الانهيار الاقتصادي، مما قد يؤدي إلى المجاعة”.

ورداً على سؤال “ماذا سيحدث إذا سقط الأسد؟”، أجاب لوند “إذا لم ينجح النظام في البقاء، أجد صعوبة في رؤية أن هيئة تحرير الشام قادرة على تشكيل حكومة فعالة ووطنية. من الناحية التقنية، تعد إدارة حكومة لبلد بأكمله مهمة كبيرة. هناك العديد من المجموعات المختلفة”.

وتحكم عائلة الأسد سوريا منذ أكثر من خمسة عقود ولا يوجد هيكل واضح جاهز لحكم البلاد إذا سقط الأسد.

وقال أتارودي “لدينا مشهد سياسي جديد تماماً للمرة الأولى منذ 52 عاماً، ولا أحد يعلم ما الذي سيحل محل هذه الحكومة”.

ورداً على سؤال “من هم اللاعبون الرئيسيون في هذه الحالة؟، أجاب لوند “يمكن أن يصبح الأمر فوضوياً حقاً إنها خلطة معقدة جداً. سيكون لدينا جزء مسلم سني وجزء مسلم شيعي وجزء كردي. هناك أيضاً مجموعات داعش متبقية في سوريا وعلى الحدود مع العراق، ويمكن أن تنتعش أيضاً”.

وكانت فصائل معارضة مسلحة تقودها هيئة تحرير الشام الجهادية شنت هجوماً كاسحاً في الأيام الأخيرة. وتعد الهيئة بالتسامح العرقي والديني في حال الانتصار على الأسد.

وشكك آرون لوند بحذر في هذا الأمر وعبر عن خشيته في أن تستمر الصراعات. وأوضح “كل طرف في هذه الحرب لديه أسوأ صورة عن خصمه، إنها ليست مجرد كراهية، إنها رعب كامل من جميع الأطراف. لا يوجد شيء أسوأ في الحرب من الخوف”.

وتنمو موجة اللاجئين بالفعل بسرعة في سوريا. وتشير الأمم المتحدة إلى أن ما لا يقل عن 370 ألف شخص فروا من القتال حتى الآن، مدفوعين بالخوف من الجهاديين. ومع ذلك، لا يعتقد ألكسندر أتارودي بأن هناك حالياً خطر من موجة لاجئين مماثلة لما حدث في العام 2015.

ويضيف “في الوقت الحالي نحن لا نتحدث عن لاجئين إلى أوروبا لأن جميع الحدود مغلقة، نحن هنا نتحدث عن نازحين داخليين. يتذكر كثير من الناس حكم داعش، وبغض النظر عن مدى اعتدال هيئة تحرير الشام، فهناك عدد قليل من الأشخاص الذين يثقون في هذا الخط”.