الكومبس – أوروبية: في ظروف بالغة الدقة قامت كايا كالاس، مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، بجولة إلى منطقة الشرق الأوسط والتقت بمسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين، إضافة إلى عائلات الرهائن الإسرائيليين.
وحسب الخبراء، فقد كانت المخاطر كبيرة، والتوقيت بالغ الأهمية، إذ تصاعدت التوترات في المنطقة منذ آخر لقاء لكالاس مع وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر في بروكسل في فبراير الماضي، مما جعل رسالتها أكثر إلحاحا.
في مؤتمر صحفي عُقد في القدس، أكدت كالاس أن “استئناف المفاوضات هو السبيل الوحيد لإنهاء معاناة الجانبين”.
وقد تزامنت الزيارة مع التصعيد العسكري الإسرائيلي المستمر في غزة، حيث كثفت إسرائيل الغارات على أهداف حماس خلال الأسبوع الماضي، وذلك بعد توقف اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل والحركة، الذي كان قد دخل حيز التنفيذ يوم 19 يناير/كانون الثاني.
وحذّرت كالاس من أن “العنف يُولد المزيد من العنف”، مُؤكّدةً على تزايد حالة عدم اليقين التي يواجهها الرهائن وعائلاتهم. وقالت: “نشهد تصعيدا خطيرا، إنه يُسبّب حالة من عدم اليقين لا تُطاق للرهائن وعائلاتهم، ويُسبّب أيضا الرعب والموت للشعب الفلسطيني”.
“لا بدّ من وجود طريقة أفضل“
تولّت رئيسة وزراء إستونيا السابقة منصبها كأهم دبلوماسية في الاتحاد الأوروبي في ديسمبر/كانون الأول 2024، أي في وقت تشهد منطقة الشرق الأوسط وأنحاء أخرى من العالم توترا كبيرا غير مسبوق.
وفي هذا الإطار صرّح جيمس موران، الباحث في مركز دراسات السياسة الأوروبية في بروكسل، لـ DW بأنّها تواجه “إرثا” ثقيلا، مُشيرا تحديدا إلى علاقة الاتحاد الأوروبي بإسرائيل.
انقسمت آراء دول الاتحاد الأوروبي بشأن إسرائيل، فالنمسا وألمانيا والمجر وجمهورية التشيك كانت أكثر ميلا لدعم إسرائيل دون قيد أو شرط، بينما أعربت أيرلندا وبلجيكا وإسبانيا، عن إحباطها وغضبها إزاء أفعال إسرائيل في قطاع غزة.
وفي السويد وجهت انتقادات في الشارع السويدي للحكومة اليمينية الحالية نظرا لمواقفها التي اعتبرت أكثر تعاطفاً مع إسرائيل في الحرب الأخيرة على غزة
وقد أعاق هذا الخلاف نفوذ الاتحاد الأوروبي في المنطقة، فحسب الباحث موران: “لا تزال الانقسامات عميقة للغاية ويصعب التفاوض بشأنها”.
وقال إنه “على الرغم من أن زيارة كالاس قد تُشير إلى تعزيز العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل في المستقبل، إلا أن الاتحاد الأوروبي بعيد كل البعد عن لعب دور رئيسي”. وأضاف أنه “لن يكون في طليعة مهمة وقف إطلاق النار أو عمليات السلام”، موضحا أن “الاتحاد الأوروبي قد فقد مكانته كوسيط محايد”.
وقال موران: “لطالما أشار الاتحاد الأوروبي إلى أهمية النظام الدولي القائم على القواعد، لكنه استثنى إسرائيل”، مُعلقا على أن هذا النهج قد أدى إلى توتر العلاقات مع العديد من الدول الأخرى في الشرق الأوسط. وحذّر من أن “استعادة المصداقية كلاعب سياسي في المنطقة ستستغرق وقتا”.
حصيلة وفيات فادحة
على الرغم من المصافحات والمجاملات المتبادلة خلال زيارة كالاس، أوضح وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر أن “إسرائيل تتوقع المزيد من الدعم من الاتحاد الأوروبي”.
ووصف إجراءات إسرائيل ضد حماس بأنها “حرب العالم الحر”، مؤكدا أن القضاء على الإرهاب والتطرف في الشرق الأوسط سيجعل أوروبا أكثر أمانا في نهاية المطاف. وصرح قائلا: “معا، يجب أن نتحالف ضد محور الشر”.
شنت إسرائيل حملتها العسكرية الأخيرة ضد حماس بعد أن شنت الجماعة الفلسطينية المسلحة، المصنفة منظمة إرهابية من قبل إسرائيل والولايات المتحدة وألمانيا الاتحاد الأوروبي ودول أخرى، هجوما على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والذي قُتل فيه حوالي 1200 شخص، بينهم مدنيون وجنود إسرائيليون ومواطنون أجانب، وفقا لإحصائيات إسرائيلية. كما تم اقتياد حوالي 250 شخصا كرهائن.
ووفقا للسلطات الصحية التي تديرها حماس في قطاع غزة، قُتل منذ ذلك الحين حوالي 50 ألف فلسطيني، معظمهم من المدنيين، جراء الغارات الإسرائيلية.
ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، يخطط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لهجوم بري واسع النطاق على غزة. كما أعلنت إسرائيل عن إنشاء هيئة جديدة للإشراف على المغادرة “الطوعية” للفلسطينيين من قطاع غزة، وهي خطوة أثارت انتقادات داخل إسرائيل ودوليا.
ودأب المتظاهرون المناهضون للحكومة في إسرائيل على رفع لافتات ضد الحرب في قطاع غزة، داعين إلى إطلاق سراح الرهائن المحتجزين هناك.
وقال موران: “يبدو أن هناك أمرا واحدا واضحا، وهو أنه لا يمكن تحقيق سلام دائم في ظل وجود الحكومة الإسرائيلية الحالية في السلطة”، مجادلا بأن إسرائيل بحاجة إلى قيادة ترى أن السلام جزء لا يتجزأ من أمنها، وكذلك أمن المنطقة بأسرها.
وأضاف الباحث في مركز دراسات السياسة الأوروبية في بروكسل: “لا يمكن لهذه الحلقة المفرغة من العنف أن تستمر. لا بد من وجود طريقة أفضل”.
أعدته للعربية: م.ب
ينشر بالتعاون مع DW