الكومبس – صحافة سويدية: نشر عضو البرلمان السويدي المستقل، جمال الحاج مقال رأي في جريدة أكسبريس السويدية الأسبوع الماضي، قال فيه “إذا لم تتخذ الحكومة موقفًا الآن، وإذا استمرت في صمتها أو ضعفها، فإن التاريخ لن يُدين فقط من يحكمنا، بل سيديننا جميعاً.”
وهذه ترجمة للمقال:
على مدى الأشهر الثمانية عشر الماضية، شنّت إسرائيل بأسلوب منظم ومروع حصارًا لا يُغتفر على الفلسطينيين في غزة، تلاه تهجير وإبادة. ما يحدث الآن يُشير إلى هدف أكثر وحشية: تطهير عرقي كامل لفلسطين، مع محاولة ضم غزة، في انتهاك صارخ للقانون الدولي وحقوق الإنسان.
هذه السياسة تقود إلى تدمير منهجي للحياة والمجتمع، حيث يُجبر الشعب الفلسطيني على مواجهة مستقبلٍ بلا حماية، بلا فرص، وبلا أمل.
لأسابيع، لم يُسمح بدخول أي مساعدات لتخفيف المعاناة أو لتوفير أبسط مستلزمات الحياة الضرورية.
شاهدنا اغتيالات طالت صحفيين، وعاملين في القطاع الصحي، وأجسادًا تتطاير بفعل القوة التدميرية للقنابل.
هذه القنابل، التي زُودت بها إسرائيل مؤخرًا من الولايات المتحدة، تسببت في دمار هائل وقتل في غزة، لتُضيف فصلًا مظلمًا جديدًا في قصة معاناة هذا الشعب.
لم يعد الأمر مجرد مسألة سياسية – بل هو مسألة حياة أو موت، وانتهاك سافر لحقوق الإنسان، وصراع من أجل البقاء في عالم يبدو أنه يتجاهل وجودهم.
يجب أن نقف إلى جانب القانون الدولي، وحقوق الإنسان، ومبدأ المساواة في القيمة بين البشر.
فعندما يموت الناس في غزة، تموت إنسانيتنا المشتركة معهم.
كل روح تُزهق في هذه المأساة ليست خسارة للضحايا فقط، بل لنا جميعًا.
لقد فقد العالم – كما كنا نعرفه – براءته، ونحن اليوم نواجه مستقبلاً يُهدد ضميرنا الجمعي من جذوره.
لم يعد بإمكاننا أن نغض الطرف عمّا يحدث – علينا أن نختار: هل نريد أن نكون جزءًا من هذا الفصل المظلم من التاريخ؟ أم أن نقف إلى جانب العدالة والرحمة؟
أنا أشعر بالعار لكوني إنسانًا في هذا العصر. أشعر بالعار لأنني، كغيري، أركب القطار، أتناول العشاء، أو أمشي في الشارع، بينما العالم يغض النظر عن أفظع مجازر العصر الحديث.
نحن نعيش في زمن نشهد فيه معاناة غير إنسانية في غزة، ومع ذلك يختار كثيرون منا الصمت وعدم التحرك.
أشعر بخجل عميق من حكومة لا تكتفي فقط بعدم إدانة المجازر بحق المدنيين الفلسطينيين، بل تذهب أبعد من ذلك، إذ تضفي شرعية على القتل، عبر إرسال وزيرة خارجيتها إلى إسرائيل لتعزيز العلاقات ومنح غطاء دبلوماسي لهذا العنف.
هذه اللامبالاة السياسية ليست فقط أمرًا غير أخلاقي – بل إنها عار على وطننا.
لا يكفي الاكتفاء بالتحسر الخجول.
لا يهم أن يكون الفلسطينيون من دين، أو جنسية، أو لون مختلف. إنهم بشر مثلنا تمامًا.
حقهم في الحياة والحرية والكرامة مكفول مثل حقوقنا. أطفالهم لهم نفس الحق في أن ينشأوا في عالم من السلام والأمان والأمل مثل أطفالنا.
لا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي بينما تُزهق هذه الأرواح البريئة دون أن نسأل أنفسنا: ماذا يقول هذا عنّا كأشخاص؟
لا يمكن لحكومتنا أن تكتفي بعد الآن بتعابير الندم الخافتة أو التصريحات الحذرة. لا يمكنها أن تبقى على الهامش وتنتظر أن تُحل الأمور من تلقاء نفسها.
نحتاج إلى إدانة واضحة وصريحة لنظام الفصل العنصري الإسرائيلي، وموقف دولي قوي لحماية أرواح الفلسطينيين الأبرياء.
علينا أن نقف إلى جانب القانون الدولي، وحقوق الإنسان، وكرامة كل إنسان. الأمر أكبر من مجرد إجراءات سياسية – إنه يتعلق بفعل الصواب.
إذا لم تتحرك الحكومة الآن، وإذا استمرت في صمتها أو ضعفها، فإن التاريخ لن يُدين فقط من يحكمنا، بل سيديننا جميعًا – نحن الذين بقينا صامتين بينما يُقتل الأبرياء، نحن الذين لم ندافع عن حقهم في الحياة، بغض النظر عن دينهم أو جنسيتهم أو مكان إقامتهم.
نحن الذين لم نستطع الاعتراف بالمعاناة التي لا تُحتمل، لن نستطيع الهروب من مسؤوليتنا.
علينا أن نتحرك الآن – على الحكومة أن تتحرك الآن – فليس مصير غزة فقط هو المُهدد، بل ضميرنا، وأخلاقنا، وإنسانيتنا كذلك.