الكومبس- خاص: شهدت مواقع التواصل الاجتماعي وتحديداً حساب التيك توك الخاص بـ”تارا محمد صالح” جدلاً واسعاً في السويد بعد انتشار بعض الفيديوهات التي ظهرت فيها وهي تقول “سنعود لبلداننا بعد أن دمرنا السويد”. هذا الفيديو المجتزأ من فيديو آخر طويل لتارا حصل على أكثر من 250 ألف مشاهدة على منصة إكس وحدها، بعدما شارك الحساب الرسمي لحزب “ديمقراطيي السويد” (SD) الفيديو على حسابه الخاص.
تارا مدّونة سفر (reserådgivare)، ومعلمة علوم ورياضيات خسرت وظيفتها بعد الضجة التي أثارها الفيديو. كان لدى تارا التي تعود أصولها إلى العراق نحو 2500 متابع على حسابها على تيك توك قبل أن يتم إغلاقه بسبب كثرة التبليغات عليه خلال الأسابيع الماضية. الكومبس أجرت مقابلة هاتفية معها وسألتها عما إن كانت تتابع ما يٌكتب عنها في مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، فقالت “نعم، أنا أتابع كل ما يكُتب عني في وسائل الإعلام، لأنني بصدد أن أقدم بلاغاً للشرطة ضد بعض وسائل الإعلام التي لا تزال مستمرة بانتهاك خصوصيتي، ويذكرون أسماء بعض أفراد عائلتي ويتهمونهم بأنهم على صلة ببعض الجرائم الخطيرة.” وتتابع تارا “كافحت طيلة حياتي من أجل إبعاد إخوتي عن بيئة العصابات، لكن لا يزال بعض من يسمون أنفسهم إعلاميين يستمرون باستفزازي لا سيما أثناء المظاهرات”، وتتابع “تخيلوا أن تكونوا مشاركين في إحدى المظاهرات الداعمة لغزة ويأتي شخض ما يدعي أنه صحفي ويسألكم “مرحباً تارا! ما أخبار أخيك المجرم؟”.
تؤكد تارا أن هذه الاتهامات لأفراد عائلتها غير صحيحة، وهي لا تعترف بأي شخص يعمل ضمن مجال الإعلامي ما لم يظهر هوية صحفية واضحة (Press Id) للشرطة، لكن وفقاً لـ“نقابة الصحفيين” في السويد (Journalistförbundet) فإنه لا يوجد متطلبات رسمية بشأن من يمكنه أن يطلق على نفسه اسم “صحفي”، ويمكن لأي شخص إصدار بطاقات مكتوب عليها كلمة “صحافة” أو (press). كما أضاف الموقع الرسمي للنقابة أنه يوجد العديد من الشركات أو المنظمات التي تقوم بإصدار بأنواع مختلفة من البطاقات الصحفية، وليس هناك ما يضمن أن حاملي هذه “البطاقات الصحفية” هم صحفيون بالفعل. الموقع الرسمي للنقابة أشار أيضاً إلى أن البطاقات الصحفية الصادرة عن “نقابة الصحفيين” في السويد هي البطاقة التي تُلزم حاملها باتباع قواعد أخلاقيات مهنة الصحافة، حيث يوجد العديد من المتطلبات قبل إصدار هذه البطاقة وفقاً للموقع.
وتطرقت تارا إلى المقال الذي كُتب عنها في موقع “سامنيت” (Samnytt) اليميني، حيث قالت “هذا المقال لم يحرّف أقوالي، وأنا بالفعل لا أزال أتمنى أن يعاني كل من يدعم حكومة تيدو المتطرفة مثلما يعاني أهلنا في غزة”، وعند سؤالها ما إن كانت أقوالها تمثل تهديداً أو تحريضاً على الكراهية، قالت تارا “أنا أعلم كيف أختار كلماتي باللغة السويدية، أنا قلت Jag önskar، أي أنا أتمنى، فهل تحاسبونني على تمنياتي؟”، مضيفة “أنا لا أهدد أحداً، بل أنا من تعرضت للتهديد”.
(Bristande vandel) أو “السلوك السيئ” هو مصطلح يشير في جزء منه إلى أنه من الممكن سحب إقامة أي شخص في السويد بحال صدر منه أي شيء “يضفي الطابع الرومانسي على الإرهاب”. الكومبس وجهت سؤالاً لـ تارا بأن قولها “Vi ska åka hem efter att vi förstört Sverige” (سنعود لبلداننا بعد أن دمرنا السويد) يمكن أن يندرج تحت مصطلح “السلوك السيئ” أجابت تارا “أنا أمتلك الجنسية السويدية، وهذا المصطلح لا يوجد فيه شيء واضح ينص على إمكانية سحب الجنسية السويدية، ولكن إذا حصل هذا الأمر فلن أكون سعيدة بالطبع لأن هذا الأمر سيكون مخالفاً لحرية التعبير عن الرأي (..) ولكن إذا سحبت جنسيتي، فلكلِّ حادثٍ حديث عندها” وفقاً لتعبيرها.
وأضافت “بكل الأحوال أنا لا أفكر كثيراً بالمستقبل بعد ما حصل لأهلنا في غزة”.
25 أكتوبر اليوم الأخير
خلال شهر أكتوبر الماضي تلقت تارا مكالمة هاتفية من مديرة المدرسة السابقة التي كانت تعمل فيها وأبلغتها بأن العديد من أهالي الطلبة تواصلوا مع المديرة وأبلغوها عن “انزعاجهم”و”قلقهم”من مقاطع البث المباشر الخاصة بالمعلمة المسؤولة عن أبنائهم، خصوصاً تلك الفيديوهات التي تُظهر تارا وهي غاضبة وتقول بعض الكلمات التي قد تعتبر مسيئة. وعن ذلك علقت تارا بالقول “قالت لي المديرة إنها لم تعد تثق بأن أكون بمفردي مع الطلبة مرة أخرى، وذلك بسبب الجدل حول مقاطع البث المباشر الموجودة على صحفتي، ولكن ما يحدث هو أن الطلبة يدخلون إلى البث المباشر الخاص بي، ويبدأ الأهل بتوجيه التهديدات لي مثل أنني لن أدخل للمدرسة مجدداً ويتهمنونني بأنني عنصرية وأشياء من هذا القبيل”.
وأضافت “أنا لم أهدد أحداً من طلابي أبداً، وأنا أحترم آراء الطلبة ولكن هم من يتابعون مقاطع فيديو مجتزأة ولا يرون أن أحداً ما وراء الكواليس حاول استفزازي”. وتابعت “الجميع يحاسبني على صراحتي وعلى ردة فعلي، هل يجب أن أكون هادئة وباردة الأعصاب عندما يُشتم أحدُ أفراد عائلتي؟”.
تارا اعتبرت أن قرار طردها من عملها ينطوي تحت بند “التمييز العنصري” بسبب دعمها للقضية الفلسطينية وهي بصدد تقديم شكوى لـ”أمين المظالم لشؤون التمييز” (Diskrimineringsombudsmannen) بسبب ما حصل معها، حيث قالت إنه منذ اليوم الأول لها في المدرسة وبعض الأشخاص يوجهون إليها “نظرات غريبة” بسبب وضعها الكوفية، وعن هذا الأمر وضحت “أنا كردية، وفي ثقافتنا يوجد وشاح يشبه الكوفية الفلسطينية، وقد أصبح هذا الوشاح جزءاً لا يتجزأ من شخصيتي وطريقة تعبييري عن دعمي للقضية الفلسطينية، ومن المستحيل أن أخرج من منزلي دونه. حتى عندما أسافر، يرافقني هذا الوشاح في جميع مطارات العالم”.
وعند سؤالها عما إن كان قرار طردها من المدرسة متوقعاً أم لا، أجابت “كنت على يقين أنني لن أعود إلى عملي بعد إحدى المظاهرات التي شاركت فيها في مدينة يوتيبوري، وخرجت منها بفيديو بث مباشر على صفحتي الشخصية على تيك توك (..) الذين شاهدوا البث تركوا المظاهرة وانشغلوا بي”.
تعميم صورة خاطئة عن المتظاهرين
بعض المتظاهرين الداعمين للقضية الفلسطينية الذين تواصلت معهم الكومبس في مدينة يوتيبوري انتقدوا ما أسموه “الطريقة الانفعالية” التي تعبر فيها تارا عن دعمها، وقالوا إن هذا الأمر يُعمم صورة خاطئة عن المظاهرات في المدينة، وعند نقل هذا الانتقاد لتارا ردت بالقول “أنا أعبر عن رأيي ولست ناطقة باسم المتظاهرين، أنا أمثل نفسي فقط”، وذكرت أنه يوجد بعض الأشخاص الذين يشيدون بها وتعجبهم طريقة ردها على الأشخاص المعادين للقضية الفلسطينية وفق لرأيها.




لقطات شاشة أرسلتها تارا للكومبس وقالت إن هذه التهديدات والمضايقات هي جزء مما تتعرض له إلى حد الآن.
راما الشعباني
يوتيبوري