الكومبس – دولية: شهدت مدن سورية في الأيام الأخير عدداً من الحوادث التي أثارت جدلاً وسط مخاوف من تطورها. فيما ألقت الضوء على التحديات الأمنية والاجتماعية التي تواجهها الإدارة الجديدة في البلاد.

انتشر فيديو منذ بضعة أيام لشخص ملثم يعلق فيه على حادثة المشاجرة التي حصلت في حي القصاع الدمشقي بين شبان مسيحيين وأفراد دخلوا الحي الذي يسكنه مسيحيون ودعوا الناس إلى الإسلام ولبس الحجاب وعدم التدخين وكان معهم سلاح. وادعى الشخص في الفيديو أن “الحملة الدعوية” كانت بالتعاون مع لجنة الأوقاف، نافياً تعرض أي من أفراد المكتب للاعتقال من قبل إدارة العمليات بل كانوا بجانبهم، بعكس ما تم الترويج له حين تدخلت عناصر من قيادة العمليات العسكرية لفض الاشتباك.

وكانت صفحات محلية نقلت عن ناشطين أن العناصر المسلحة التي أثارت البلبلة في حي القصاع هي من “فلول النظام وهدفها إثارة الفتنة بين أطياف الشعب السوري”.

وأكدت منصة “تأكد” أمس صحة الفيديو الذي ظهر فيه الشخص. وقالت المنصة التي يعتمد عليها عدد من وسائل الإعلام للتحقق من صحة الأخبار، أنها تواصلت مع مكتب العلاقات في وزارة الأوقاف السورية للتحقق من صحة هذه المعلومات، وأكد المكتب صحة ما ورد على لسان الشخص الملثم. وعند طلب توضيح موقف الوزارة من انتشار هذه الحملات الدعوية، أفاد المكتب بأنه سيقدم رداً لاحقاً بعد عرضه على الوزير.

كما نشرت وكالة سانا أمس خبراً مفاده أن وزير الأوقاف السوري حسام حاج حسين ومحافظ مدينة اللاذقية محمد أحمد عثمان والوفد المرافق لهم يجتمعون بأئمة وخطباء محافظة اللاذقية للحديث عن آخر المستجدات المتعلقة بأمور المساجد والأعمال الدعوية.

ووسط تطمينات كثيرة حول احترام جميع المكونات وعدم التعرض لها، هنالك مزيج من مشاعر الفرح والخوف والقلق ينتاب عدداً من السوريين الذين فرحوا لسقوط بشار الأسد لكنهم يعبرون عن مخاوفهم من دخول سوريا في مرحلة ترسيخ دولة دينية. ويثير انتشار عدة فيديوهات لسيارات تابعة للمكتب الدعوي تجوب شوارع دمشق ومدن أخرى بمكبرات صوت تدعو الناس للصلاة والحجاب، إلى جانب ملصقات حول وجوب الحجاب الشرعي في الشوارع وباصات النقل الداخلي، قلق عدد من السوريين.

الخطاط السوري المعروف منير الشعراني عبّر في منشور له على فيسبوك عن تخوفه إزاء تكرار الحالات الدعوية في البلاد، وكتب “اتضحت أنها ليست حالات فردية، بل هي نهج لوزارة الأوقاف في حكومة اللون الواحد ولها مكتب خاص بها، فهل الدعوة حق لكل أصحاب المعتقدات في سوريا، أم أنها امتياز بما يعنيه ذلك من تمييز في المواطنة؟”. وكذلك قالت الكاتبة السورية يم مشهدي في منشور لها “ليش البعض عم يحسسك انه داخل على كفار قريش وعم يدعيهن للهداية! واذا القصة حرية معناها خلي المسيحي ينزل يعمل دعوات بحي الميدان، انت بتصور ما بتخليه يعمل هيك دعوات بحي باب توما (ذا غالبية مسيحية) فليش سامح لحالك تتولي هي المهمة”.

وقال مستخدمون على وسائل التواصل إن خطاب قيادة هيئة تحرير الشام أصبح أكثر قبولاً للتعددية وأكثر انفتاحاً، مطالبين حكومة تصريف الأعمال ووزراءها ألا يبطئوا في إظهار ذلك في قراراتها، وأن يطرأ انفتاح على النهج الذي كان يُتبع في إدلب يناسب السوريين على اختلافهم.

ضرب في مقهى وسط دمشق

بالتزامن ضجت مواقع التواصل أمس بخبر تعرض شبان يعزفون الموسيقى للضرب في مقهى وسط دمشق بعد أن دعاهم رجال ملثمون يحملون سلاحاً قالوا إنهم من الأمن العام، إلى التوقف عن العزف وإغلاق المكان، ما أدى إلى شجار وضرب صاحب المقهى وأحد العازفين، الأمر الذي تلقاه بعض مستخدمي مواقع التواصل بشكل سلبي، معبرين عن خوفهم تجاه مستقبل الحريات والفنون في سوريا.

وفي لقاء مع تلفزيون سوريا، شرح صاحب المقهى هادي عقيل تفاصيل الحادثة. وأشار إلى أن تهديدات عدة تلقاها منذ أيام من قبل “اللجان الشعبية” في حي البرامكة لإغلاق المحل، الأمر الذي دفعه لإبلاغ مخافر تابع للقيادة الجديدة في دمشق فقالوا له إنه لا يوجد قرار بإغلاق المقهى وأنه بإمكانه إعادة فتحه وأن إدارة العمليات غير قادرة على ملاحقة الجميع. وكان لافتاً ما أشار له عقيل حيث قال إن أحد العناصر في مخفر أخبره بأن “إن اللجان الشعبية عبارة عن عصابات تحتاج لها الدولة في الوقت الحالي لضبط الأوضاع الأمنية”.

وحصل الإشكال الذي تم تصويره ونشره أمس على خلفية إعادة فتح المقهى. حيث يرجح صاحب المقهى أن سبب استهدافه شخصي وأن هناك خلافاً بينه وبين مالك العقار المقرب من رجال في اللجان الشعبية وعلى ما يبدو أنه دفعهم للقيام بذلك، في حين أشار تقرير تلفزيون سوريا إلى أن بعض أهالي الحي أعربوا عن انزعاجهم من عزف الموسيقى داخل المقهى.

وينقسم السوريون في تعبيرهم عن حوادث يصدر بعضها عن جهاز دعوي تابع لحكومة تصريف الأعمال ومن غير المعروف بعد طبيعته أو صلاحياته أو نطاق دعوته، فيما يتصدر بعضها الآخر مسلحون وباتت تسمى على وسالئل التواصل “الحوادث الفردية”، تقريراً أحياناً، وسخرية أحياناً أخرى. قسم من السوريين الذين تواصلت معهم الكومبس عبّروا عن أملهم في الحكومة الجديدة، معتبرين أنه من المستحيل عليها ضبط كل ما يصدر عن مقاتليها، وأن التغيير سيحدث حتماً بشكل تدريجي. في حين رأى آخرون أن حكومة تصريف الأعمال تسعى لكسب أكبر قدر من الوقت لتعميم سياستها السابقة في إدلب على كامل الدولة السورية معتمدةً على التأييد الشعبي الذي حصلت عليه من الشارع السوري الأمر الذي قد يساعدها لاحقاً على إقامة دولة دينية بتأييد الأكثرية.

كنان سلوم

سوريا