الكومبس – خاص: في السنوات الأخيرة، تغيرت صورة السويد بنظر العديد من الأشخاص في الشرق الأوسط ، وواجهت موجة من الانتقادات الشعبية هناك، وذلك في ظل انتشار حملات التضليل حول قضايا مثل ، سحب الأطفال (LVU)من عائلات مسلمة وتجمعات حرق المصحف، وهي ما قادت إلى احتجاجات واسعة في عدد من الدول.

ووفقًا لروزبه بارسي، رئيس برنامج الشرق الأوسط في المعهد السويدي للسياسة الخارجية، فإن مواجهة الصور السلبية عن السويد تحتاج إلى استثمار في الإعلام وفي الجوهر. وهذا برأيه يتطلب وقتًا وموارد، لكن الحكومة الحالية لا تبدو مهتمة بذلك، وفق تعبيره

وفي حديث مع الكومبس، اعتبر روزبه بارسي، أن كلًا من السويد ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تعيشان حالة من “اضطراب زمني إدراكي”.

لكنه رأى، أنه في النهاية، سيتم تحديث صورة السويد لتصبح أقرب إلى الواقع بنظر شعوب الشرق الأوسط.

وأشار كيف أن حملات التضليل حول قضايا الأطفال (LVU) وحرق المصحف قادت إلى احتجاجات واسعة في عدد من الدول. ففي صيف 2023، تعرضت السفارة السويدية في العراق لهجوم، وفي خريف نفس العام قُتل رجلان يرتديان قمصان المنتخب السويدي في بروكسل، في ما وصفه رئيس الوزراء بأنه “هجوم إرهابي موجه ضد السويديين لمجرد أنهم سويديون”.

وتابع إنه منذ ذلك الحين، تواصلت التوترات. ففي أكتوبر 2023، شنت حركة حماس هجومًا غير مسبوق على إسرائيل، وردت إسرائيل بقصف مكثف لقطاع غزة، ما دفع بعض الخبراء لوصف الوضع بالإبادة الجماعية.

وقال: “السويد، التي لطالما كانت بلدًا صغيرًا لكنه نشط دبلوماسيًا، باتت اليوم أقل حضورًا على الساحة الدولية مقارنة بدول عدة. حيث امتنعت عن التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن العديد من القضايا الدولية، وقللت من تصريحاتها حول الحرب في غزة”.

وأشار إلى رد وزارة الخارجية السويدية حول الانتقادات بهذا الخصوص في ذلك الحين بالقول، إن السويد تحتفظ بسمعة جيدة عالميًا، مستشهدة بمؤشرات دولية مثل “مؤشر علامات الدول”، حيث تحتل السويد المرتبة الثامنة في العام الحالي. وأكدت الوزارة مرارا أن السويد تواصل دعمها لحل الدولتين بين إسرائيل وفلسطين.

وأوضح إلى إشارة وزارة الخارجية السويدية بأن السويد واحدة من أكبر الدول المانحة للمساعدات الإنسانية، حيث قدمت 9.2 مليار كرون خلال عام 2023، مع تركيز خاص على الأزمات في غزة وأماكن أخرى.

ووفقًا لبارسي، فإن ومن خلاله لقاءاته وزياراته إلى الشرق الأوسط فإن القضية الفلسطينية تُعد الأهم في العالم العربي حاليًا.

وتابع: “بالنسبة للعديد من الذين تابعوا تصريحات السويد المختلفة حول الحرب في غزة، قد تبدو هذه الصورة مشوهة، خاصة وأن السويد كانت واحدة من الدول التي قطعت دعمها للأونروا على الفور في وقت سابق من هذا العام”.

وفيما إذا هل أصبحت السويد إحدى “الأشرار” في الشرق الأوسط؟ مثل الولايات المتحدة أو ألمانيا؟ أجاب:

“هناك القليل من الاضطراب المعرفي في كل مكان: ففي السويد، هناك الكثير من الناس الذين ما زالوا يعتقدون أننا نشطون للغاية في السياسة الخارجية في العالم. ولكن هناك أيضًا اضطراب معرفي في صورة السويد في الخارج. على سبيل المثال، لا يزال النهج النشط في الوساطة الدولية والدفاع عن القانون الدولي الذي ساد في سبعينيات وتسعينيات القرن الماضي قائما – وهو ما لم يعد يرُى بنفس القدر خارجا. يعني هذا، أن الاتجاه السويدي الأحدث لم يتم ملاحظته حقًا لأن الناس لم يواكبوا التغييرات. ولكن عاجلاً أم آجلاً سيتم تحديث صورة السويد في الخارج وتصبح أكثر واقعية”.

ومع ذلك، يؤكد بارسي أن غياب النقاش السياسي العميق حول الشرق الأوسط وغزة في السويد يعوق اتخاذ خطوات جدية لمعالجة التحديات القائمة.

وقال: “بشكل عام، أعتقد أن هناك تقليل من حجم قضية غزة في الشرق الأوسط. ولا يتعلق الأمر فقط بـ “الغضب” العاطفي بين الناس العاديين. لا، لكن هذا يمتد إلى أعلى النظام السياسي وبين النخب”.

صورة السويد المتراجعة وصعوبة المواجهة
يرى بارسي أن السويد لم تعد تُعتبر لاعبًا دبلوماسيًا رئيسيًا في الشرق الأوسط، بل تواجه تحديات في تغيير الصورة السلبية عنها. مشيرا إلى أن إعطاء الحكومة أولوية للشرق الأوسط بدأ بالفعل في ظل الحكومة الاشتراكية الديمقراطية السابقة. ويعتقد أن تحديد الأولويات في ظل الحكومة الحالية، يجعل من الصعب عليها مواجهة الصور السلبية عن السويد.
وقال “إن مواجهة الصور السلبية تحتاج إلى استثمار في الإعلام وفي الجوهر. هذا يتطلب وقتًا وموارد، لكن الحكومة الحالية لا تبدو مهتمة بذلك”.

ويعتقد بارسي أن السويد بحاجة لإعادة النظر في دورها الدولي، ويقارنها بجيرانها مثل النرويج، التي ما زالت تلعب دورًا بارزًا على الساحة الدولية رغم صغر حجمها.

ودعى إلى سياسة خارجية جديدة قائلا: “السويد لديها القدرة على القيام بدور أكبر إذا أرادت، لكن هناك نقص في الإرادة السياسية حاليًا”.

ويشير بارسي إلى أن صورة السويد في الشرق الأوسط تؤثر على المهاجرين من تلك المنطقة (الشرق الأوسط) داخل السويد، مما ينعكس على عملية الاندماج.
وقال في هذا الإطار: “إذا كنت تدعو السويديين من أصول شرق أوسطية للمشاركة في الحياة السياسية، ثم تنتقدهم إذا تطرقوا لقضايا مثل غزة، فإنك بذلك تقوض فكرة المشاركة الديمقراطية.”

ويعتبر بارسي أن التحدي الأكبر للسويد سيكون في كيفية تعاملها مع العمليات القانونية الدولية وقضايا محكمتي العدل الدولية والجنائية الدولية وكذلك تلك المتعلقة ببيع الأسلحة

وقال: “القضية الكبيرة التالية هي عمليات القانون الدولي في لاهاي، سواء محكمة العدل الدولية أو المحكمة الجنائية الدولية. وكيف ستتعامل الهيئات القضائية في السويد والحكومة معهما؟ يتعلق الأمر بكل شيء، بدءًا من مبيعات الأسلحة والعلاقات السياسية والاقتصادية وحتى ما إذا كانت السويد ستنفذ مذكرة اعتقال بحق نتنياهو أو غالانت”.

(إعداد: إدغار مانهايمر)

المصدر: alkompis.se