الكومبس خاص: يعيش مواطن سويدي من أصل فلسطيني مآسي الحرب اليومية في غزة منذ 10 أشهر. خرج معظم السويديين من القطاع عبر معبر رفح، كما خرج أفراد أسرته، أما هو فعلق هناك، بين الغارات والدمار، والتشرّد والنزوح هرباً من الموت.

وقال (م. ز) البالغ من العمر 49 عاماً والذي فضل عدم نشر اسمه كاملاً، “عشرة أشهر تحت القصف في غزة، ولم تكلّف الخارجية السويدية أو السفارة السويدية نفسها بالسؤال إن كنت حياً أو ميتاً..”

وكشف أنه قدم إلى السويد عام 2002 و عمل بداية في شركة تنظيف لمدة أربع سنوات، ومن ثم عمل في مصنع وبعدها عاد إلى غزة، حيث أسس شركته الخاصة بتوزيع الأدوية.

وتزوج هناك واستقر، ورُزق بستة أطفال قام بتقديم طلبات لهم لدى القنصلية السويدية في القدس للحصول على الإقامة السويدية.

اندلاع الحرب شرّد العائلة

وفي أكتوبر من العام الماضي، تغيرت أحواله كما أحوال غيره من سكان غزة.

وهُجّرت العائلة من خان يونس إلى رفح بعد أسابيع على بدء الحرب. وأقامت في بيت مساحته لا تتعدى 100 متر، جمع 53 شخصاً “بدون ماء ولا كهرباء ولا أكل ولا أمان”.

سجّل (م.ز) اسمه وعائلته في موقع الخارجية السويدية بغرض إجلائهم من غزة مع بداية الحديث عن إجلاء المواطنين الأجانب، ولكنه فوجئ بإدراج أسماء أطفاله فقط بالقوائم.

وبعدما توجه وزوجته وأولاده إلى معبر رفح في 11 ديسمبر عام 2023، تبيّن أن باستطاعة أطفاله فقط العبور بوثيقة سفر لمرة واحدة. ولكن بسبب أعمار الأطفال الصغيرة وعدم قدرتهم على البقاء وحدهم سمح مندوبو السفارة بخروج أحد الوالدين مع الأطفال، فخرجت أمهم معهم وبقي والدهم في غزة.

عالق في غزة

باءت محاولات الوالد بالخروج مع زوجته بالفشل رغم أنه حاول التواصل مع المخابرات المصرية والتي طلبت منه على حد قوله تعهداً خطياً من قبل مندوبي السفارة السويدية ينص على مغادرة مصر خلال 72 ساعة، ولكن مندوبي السفارة رفضوا تزويده بذلك.

يقول (م.ز) زوجتي وأولادي مازالوا في مصر، ولا يملكون أوراقاً قانونية تسمح لهم بالبقاء في مصر، وليس باستطاعتهم السفر للسويد، لأنني يجب أن أستكمل أوراق زوجتي لدى السفارة السويدية في القاهرة، حتى تتمكن من السفر مع الأطفال.

وأضاف “أنا عالق هنا في غزة ولا أستطيع فعل شيء، رغم أنني تواصلت كثيراً مع كل الجهات المعنية بما فيها الخارجية والسفارة والقنصلية السويدية، ولكن دون فائدة”.

يقطن م.ز الآن في خان يونس في منزل عائلته، بعد أن اشتد القصف وقصف منزله ومستودعه وسيارات العمل، وممتلكات أخرى. كما قامت السلطات الإسرائيلية بإبلاغهم بوجوب إخلاء خان يونس والتوجه إلى منطقة المواصي، والتي يقطنها عدد هائل من النازحين.

الخارجية السويدية ترفض التعليق على الحالات الفردية

تواصلت الكومبس بدورها مع الخارجية السويدية وسألتها عن حالة (م.ز) تحديداً، ولكن الخارجية رفضت التعليق لأسباب تتعلق بالسرية في الحالات الفردية.

و أجابت الخارجية السويدية على أسئلة الكومبس بخصوص عدد السويديين الذين تمكنوا من الخروج من غزة، وكذلك عدد من بقي هناك.

تقديرات بوجود 100 سويدي في غزة

وقالت في ردها “منذ حوالي 10 سنوات، نصحت وزارة الخارجية بعدم السفر إلى غزة، من بين أمور أخرى، لأنه كان من الصعب أو المستحيل على السويد تقديم المساعدة القنصلية لأولئك الذين يقيمون في غزة. وقد زاد الأمر تعقيداً بسبب الحرب”.

وبحسب معلومات وزارة الخارجية، تمكن حتى الآن حوالي 700 سويدي من مغادرة غزة. وتقدر وزارة الخارجية أن حوالي مئة سويدي ربما ما يزالون في غزة، “لكن العدد يرتبط بقدر كبير من عدم اليقين. وفي الأشهر الأخيرة، تمت إضافة عدد قليل فقط من الأسماء الجديدة”.

مستعدون للمساعدة فور إعادة فتح الحدود

وعن إمكانية الخارجية السويدية من إجلاء من تبقى من السويديين في غزة أجابت:

إن المعبر الحدودي من غزة إلى مصر مغلق حالياً بسبب العمليات البرية الإسرائيلية. وليس من الواضح متى يمكن إعادة فتحه. وليس لدى وزارة الخارجية وسيلة لمساعدة السويديين على مغادرة غزة بأي طريقة أخرى سوى عبر هذا المعبر الحدودي.

والأمر متروك للسلطات المحلية في نهاية المطاف لتقرر من يمكنه السفر من غزة إلى مصر، ومتى يمكن أن يحدث ذلك. تتمتع السويد بفرص محدودة للغاية للتأثير على قرارات السلطات المحلية بشأن المعابر الحدودية. وينطبق الشيء نفسه على جميع الدول التي لديها مواطنين في غزة.

وتعمل وزارة الخارجية على البقاء على اتصال مع السويديين الراغبين في مغادرة غزة، لكن الاتصالات غالبا ما تكون سيئة. والقصد هو الاتصال بالسويديين مباشرة والإبلاغ على المواقع الإلكترونية للسفارة والقنصلية العامة، بمجرد تغيير شروط عبور الحدود.

تظل سفارة السويد في القاهرة على استعداد لتقديم الدعم القنصلي على الحدود بمجرد إعادة فتح المعبر.

ريم لحدو