بعض أبناء حلب في السويد يعبّرون عن مشاعر متناقضة بين “الخوف” و”السعادة”

الكومبس ـ خاص: “لا منطقة آمنة في حلب لكن الوضع اليوم أفضل مقارنةً باليومين السابقين” هكذا هو الوضع في المدينة السورية بحسب وصف حامد (اسم مستعار، فضل عدم ذكر اسمه) الذي نزح وعائلته من منطقة الحمدانية إلى السليمانية نتيجة القصف، قبل أن يهربوا مجدداً إلى حي هنانو.

وكانت طائرات مقاتلة روسية وسورية شنت هجوماً مضاداً على شمال غرب سوريا حيث تتقدم فضائل المعارضة التي يقودها إسلاميون. وأشارت تقارير إعلامية إلى مقتل 12مدنياً بينهم أطفال في القصف. وسيطرت فصائل المعارضة على مدينة حلب الأسبوع الماضي بعد أن شنت هجوماً يوم الأربعاء ضد القوات الحكومية. وخلال الهجوم المفاجئ لفصائل المعارضة، قتل ما لا يقل عن 446 شخصاً، وفقاً لتجميع المرصد السوري المعارض لحقوق الإنسان، بينهم نحو 60 مدنياً.

وينقسم السوريون على وسائل التواصل بحدة إزاء ما يجري، بين من يعتبر تقدم فصائل المعارضة “تحريراً من نظام ديكتاتوري”، ومن يعتبره “حرباً على الدولة من قبل فصائل متطرفة لمصلحة تركيا”، فيما يظهر كثيرون مخاوفهم على المدنيين دون إظهار انحيازهم لأحد الطرفين.

الوضع في حلب

وعن الوضع في حلب، يقول حامد للكومبس “آخر شيء فكرنا به كمواطنين عاديين أن تنسحب المفارز الأمنية والجيش فجأة. حدثت بعض المعارك الخفيفة ليومين واعتقدنا بأن الأمور عادية لكن ما حدث هو خروج كل الجهات الأمنية بما فيها شرطة المرور عبر الطريق الموازي والذي كان يستخدم خلال الأزمة”.

ويضيف حامد واصفاً التغير الذي حدث “أكثر شيء تغير بالنسبة لنا هو شعور الخوف والرعب وعدم الطمأنينة”.

ويشرح حامد صعوبات المعيشة اليومية وكيف أن الموظفين لم يستطيعوا تسلم رواتبهم بعد أغلاق الدوائر الحكومية. كما أنه لا يستطيع استلام تحويلات مصرفية من أخيه في دمشق لأن شركات الصرافة كلها مغلقة.

وارتفعت أسعار المواد الغذائية بشدة خلال اأيام الأخيرة. وبحسب حامد، أصبح ثمن كيلو الطماطم 20 ألف ليرة سورية بعد أن كان خمسة آلاف ليرة، والزيت 45 ألف ليرة بعد أن كان 25 ألف ليرة، بينما وصل سعر الكيلوغرام من السكر إلى 25 ألف ليرة مرتفعاً من 12 ألف ليرة، مع وجود شح في المواد حيث لم تعد كافة المواد متاحة حتى أن معظم المحلات مغلقة ولم يتبق إلا أماكن قليلة قاربت البضائع فيها على نهايتها.

ويضرب حامد مثلاً على شحة المواد بالقول “في حال وجود ثلاثة علب حليب في المتجر يقوم صاحب المتجر بالطلب من الزبون أن يبتاع علبة ويترك الباقي لأطفال آخرين”.

Foto/Ghaith Alsayed/AP/TT عناصر من فصائل المعارضة

ويقول حامد إن عناصر فصائل المعارضة المسلحة موجودون في الشوارع بزي عسكري لكن لا يطلب منهم المواطنون شيئاً لعدم قدرتهم على التلبية. وأضاف أنهم لا يعترضون أحداً ويطيعون أوامر أميرهم كما يلقبونه ويقومون بمبادرات عشوائية لإمداد مناطق عدة بالخبز القادم من إدلب عن طريق سيارات وكذلك إمداد الأفران بالطحين.

وبتابع “الخبز هو الوحيد الذي لم ينقطع لكن لا وقود ولا تدفئة ولا طمأنينة وهناك خلل في الكوادر الطبية، لا نريد حرباً ولا نريد معارك فقط نريد أن نعيش نريد أن يشعر أطفالنا بالأمان”.

وبحسب حامد، يتخوف الناس الموجودون في حلب من الأيام القادمة خصوصاً عندما تنفذ البضائع و النقود.

ويختم حديثه بالقول “حلب هي مدينة السلام ومن الصعب أن يحكمها حكام بطريقة طائفية أو طريقة عنصرية لذلك من سيحكم حلب يجب أن يكون من أبناء حلب لأنه سيكون مدركاً التنوع و التناغم الموجود في حلب بين الأديان والطوائف المتنوعة من إسلام ومسيحيين وأكراد حتى تستمر الحياة بسلام وأمان”.

أحمد: غادرنا بملابسنا فقط

اضطر كثيرون من قريتي نبل والزهراء الواقعتين شمال مدينة حلب إلى مغادرة منازلهم، بعد أن وصلت أنباء عن خروج مدينة حلب من سيطرة القوات النظامية.

وقال أحمد (فضل عدم ذكر اسمه كاملاً) من سكان إحدى القريتين للكومبس “غادرنا بملابسنا فقط، وحملنا أطفالنا على أكتافنا. انطلقنا سيراً على الأقدام من نبل والزهراء باتجاه منطقة السفيرة التي تبعد حوالي 60 كيلومتراً. قضينا ثلاثة أيام في العراء بلا طعام أو شراب وسط ظروف جوية قاسية وبرد شديد. اضطررنا للتنقل بين القرى المجاورة وسلوك الطرق الفرعية للوصول إلى أقرب طريق قد يقودنا إلى دمشق، اللاذقية أو حمص”.

وأضاف أحمد “ضحى سكان نبل والزهراء بالغالي والنفيس لمنع احتلال تركيا لأراضينا، وفقدنا خيرة شبابنا في سبيل ذلك. ورغم ذلك تُتهم قرانا بالوقوف إلى جانب النظام السوري وإيران بسبب انتمائنا الطائفي. هذا اتهام خاطئ ما قمنا به على مدار السنوات السابقة كان دفاعاً عن وجودنا وحقنا في البقاء، وليس عن أي جهة أخرى. نحن مواطنون سوريون ولسنا إيرانيين”.

وتابع نحن الآن مشرّدون بلا مأوى ونعاني من ظروف إنسانية قاسية. كثيرون منا تعرّضوا للخطف على الطرقات على يد مجموعات مسلحة، ولا نعرف مصيرهم حتى الآن. نناشد المنظمات الدولية والحقوقية والإنسانية للتدخل والتعامل مع محنتنا”.

بين “الخوف” و”الفرح

علي (فضل عدم ذكر اسمه كاملاً) أحد سكان مالمو المنحدرين من مدينة حلب قال للكومبس إنه يعاني من قلق شديد بسبب الأحداث الجارية في مدينته الأم ويشعر بالخوف على عائلته التي تنقسم بين قسم يعيش في المدينة وآخر في الريف الشمالي.

ولفت إلى أن القلق المتواصل أثّر على نومه في الأيام الأخيرة إذ يستعيد ذكريات مؤلمة من العام 2012 “عندما شهدت حلب أشد أنواع الظلم والقهر على يد الجماعات المسلحة” كما وصفها. و يخشى الآن أن “تواجه المدينة المصير نفسه مجدداً”.

في حين عبّر خالد شهابي، أحد سكان مالمو الذين تعود أصولهم إلى مدينة حلب”، عن سعادته بالقول “حلب عادت لأبنائها وتحررت من نظام بشار الأسد. الآن عادت لنا البسمة والفرحة وهذه فرصة لكل مغترب للالتقاء بعائلته، حيث تحتضن الأمهات أبناءهن بعد فراق طويل”. على حد تعبيره.

وتحكم القوات النظامية بقيادة الأسد أجزاء واسعة من البلاد بعد سنوات من الحرب الأهلية التي بدأت بثورة شعبية، وفقد خلالها حوالي نصف مليون شخص حياتهم. وحصل الرئيس السوري على دعم عسكري من روسيا وإيران وميليشيات عراقية وإيرانية.

بينما تتألف فصائل المعارضة في الشمال من تركيبة متنوعة من جماعات جهادية متطرفة، وجماعات أكثر اعتدالاً مدعومة من تركيا تسيطر على منطقة في شمال غرب سوريا.

وكانت القوات الكردية التي تسيطر على منطقة كبيرة في شمال شرق سوريا، بدعم من الولايات المتحدة، قالت إنها تعمل على إجلاء الأكراد الموجودين في حلب والمنطقة المحيطة بها.

ودعت الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة في مبادرة مشتركة إلى وقف تصعيد الصراع في سوريا.

فيما أعلنت وزارة الخارجية الصينية أنها تقف وراء الحكومة السورية في جهودها “للحفاظ على الأمن والاستقرار القوميين”. وكان البلدان دخلا في “شراكة استراتيجية” العام الماضي.