تجارب وقصص نجاح : علي حاجي مهاجر سوري من مدينة القامشلي، في الـ 43 من عمره، يقيم بمدينة أوبسالا شمال العاصمة ستوكهولم. وصل السويد سنة 2014، لاجئاً، ثم سرعان ما راودته فكرة أخذها من خبرته المهنية في بلاده، حيث لاحظ وهو الذي يحمل خبرة طويلة بمجال صيانة الدارات الكهربائية، أن مهنته قد انقرضت تقريباً من أوروبا نتيجة اقتصار مهمة صيانة الأجهزة الكهربائية على وكلاء بيعها فقط، كما لاحظ أن الثقافة السائدة هنا هي رمي الأجهزة المعطلة وشراء أخرى جديدة غيرها بدلاً من محاولة إصلاحها بسبب ارتفاع قيمة تكاليف الصيانة التي تقارب في أحيان كثيرة قيمة الجهاز ذاته.

من هنا ثابر الرجل طويلاً من أجل تحقيق فكرته، في إحياء تلك المهنة المنسية وإعادة إدراج فنونها ثانية إلى سوق العمل السويدي على الطريقة التقليدية، متحدياً الصعوبات التي تعترض كل إنسان طموح يحاول إيجاد موطئ قدم له داخل أي مجتمع جديد، حتى نجح أخيراً في أن يصبح أحد رواد المهنة في شركة “ألينا تريكوم”، محل عمله الحالي.

يتحدث حاجي إلى “الكومبس” عن فكرته وأحداث تجربته المهنية بالسويد، قائلاً: “أمتلك خبرة طويلة في مجال صيانة الدارات الكهربائية، تزيد عن 18 عاماً. كما كنت أدير ورشتي الخاصة قبل الحرب. فأنا أحمل شهادة دراسية متخصصة من معهد “المأمون” منذ سنة 1996، إضافة إلى خضوعي لدورات تدريبية عديدة في مجالات صيانة وبرمجة الهواتف المحمولة، المنظمات الكهربائية، أجهزة الـ”دي ڤي دي” بأنواعها وغيرها.

الناس يرمون الأجهزة المعطلة بدون محاولة إصلاحها

لكن عندما انتقلت إلى السويد، عجزت عن إيجاد فرصة عمل ضمن مجال تخصصي. ذلك أن الناس هنا معتادون على رمي الأجهزة الكهربائية المعطلة دون محاولة إصلاحها وشراء أجهزة جديدة مكانها. أما عمليات الصيانة فلا تتم غالباً إلا عن طريق وكلاء البيع حصرياً. ما جعلني آنذاك أفقد الأمل كلياً.

بالتالي لم أجد أمامي من سبيل إلا مسايرة احتياجات سوق العمل وشرعت أدرس اللغة حتى أنهيت مستوى “ساس 3″، ثم نجحت في سنة 2018 بإيجاد وظيفة مؤقتة لمدة 6 أشهر مع شركة “أكوا چروب” في مدينة أوبسالا، حيث انحسر دورنا هناك بتجميع الأجهزة الإلكترونية فقط.

كانت عمليات التجميع سهلة جداً، يستطيع أي شخص القيام بها. لذا لم أشعر يوماً أنني أقدم شيئاً مميزاً يلفت انتباه إدارة الشركة إلى حجم إمكاناتي. لذا عرضت عليهم فكرة توسيع مجال عمل الشركة عبر إنشاء قسم للصيانة كذلك، نعيد من خلاله إصلاح الأجهزة المعطلة بدلاً من إعدامها، كما أبديت استعدادي التام للإشراف على تشغيله بنفسي. لكنهم أبلغوني أنهم مكتفين بفكرة الاستبدال وحدها وليسوا مضطرين إلى الصيانة.

تحقق هدفه ووجد وظيفته

في يناير سنة 2019، التحقت مدة عام كامل بدورة تدريبية مهنية مكثفة في أوبسالا، تؤهلني للعمل كفني كهرباء معتمد، كونه المجال الأقرب إلى تخصصي الأصلي. عدت أبحث بعدها طويلاً عن فرصة عمل أخرى لدى عدد من الشركات، حتى حالفني التوفيق في الأول من يونيو/حزيران 2019، بالحصول على وظيفة أحلامي، على مسافة 4 ساعات من محل إقامتي، مع شركة “ألينا تريكوم” في مدينة ياڤله، التي صادف أنها كانت بصدد إنشاء قسم تجريبي حديث فيها، يختص بصيانة الدارات الكهربائية.

هكذا اغتمت الفرصة بالصورة الأمثل والتحقت بهذا القسم الوليد، حيث أثبت حجم قدراتي وخبراتي سريعاً لرؤسائي في العمل، ما جعلهم يولوني مسؤولية إدارته كاملة مع زميل سويدي أخر تنحصر مهمته في أداء أعمال الصيانة السطحية البسيطة.

لقد جرى التخطيط مؤخراً على أن يستمر قسم الصيانة بالعمل مدة 6 أشهر، ثم يخضع إلى عملية تقييم شاملة، تقوم الإدارة على إثرها، في حال نجاحه، باتخاذ قرار يقضي اعتماده رسمياً وتوسعته وتعيين مزيد من العمال مع تعييني مشرفاً عليهم، أو إلغاءه إذا ما أظهرت التقارير عدم جدواه.. وحتى هذه اللحظة فإن مردود العمل داخل القسم يسير على خير ما يرام نحو استقراره”.

وختم، قائلاً: “إن كان من تجربتي هذه عبرة تستخلص، فهي أن على كل إنسان السعي وراء هدفه مهما بدا بعيداً والتشبث في الأمل مهما رأه ضعيفاً وعدم التوقف عن السعي لأجل حلمه بكل ما أوتي من سبل حتى يجعله واقعاً ملموساً”.

تقرير: عمر سويدان