رجال: بـ1500 كرون يطلّق الشيخ النساء.. وزوجاتنا متزوجات للمرة الثانية دون طلاق
عدلي أبو حجر: أحكامي في الخلع تعتمدها جهات رسمية.. ومأذون قانوني: رصدنا تعدد أزواج

الكومبس – تحقيقات: “تعدد الأزواج للمرأة” تهمة باتت تواجهها بعض النساء السويديات من أصول مهاجرة وسط جدل يتسع حول علاقة الأمر بأحكام الخُلع ومدى صحتها كأحد أنواع الطلاق الديني الذي يتوافق والطلاق المدني في السويد.

“زوجتي تتزوج وأنا لم أطلقها ” رسالة وصلت إلى الكومبس يشتكي فيها مواطن سويدي من أصول مهاجرة إقدام زوجته على عقد قرانها برجل آخر رغم عدم وقوع طلاق شرعي بينهما، ولفت الرجل إلى أن زوجته خلعته بورقة منحها إياها شيخ دين دفعت له 1500 كرون سويدي، دون علمه.

يقول (م.م) “أقر بأن خلافات وقعت بيني وبين زوجتي أخذت هي على إثرها الأطفال والمنزل، ومنذ أربع سنوات أحاول إصلاح العلاقة بيننا. بذلت كل ما في وسعي لأستعيد أطفالي وأجمع أسرتي من جديد لكن زوجتي رفضت وتقدمت بأوراق طلاق للمحاكم المدنية وحصلت على ما أرادت لكني رفضت الأمر، وأخبرتها أنها زوجتي شرعاً”.

وأضاف “بعد فترة للأسف أرسلت زوجتي ورقة تفيد بأنها “خلعتني” بناء على قرار موقع من الشيخ عدلي أبو حجر، فتواصلت معه وأوضحت أنني أرفض القرار لكوني لم أُسأل عن طبيعة الخلاف. وعلمت من الشيخ أن ورقة الخلع تسقط في حال كذبت الزوجة بأسبابها أو لم ترد لي المهر الشرعي، وحين طلبت المهر رفضت، وكانت الصدمة بأنها قررت عقد قرانها برجل آخر، بمعنى أنها تزوجت وهي زوجتي، فتواصلت مع الشيخ وكان الرد أنه لا يستطيع إلزام أحد بتنفيذ بنود شريعة”.

تساهل في الأحكام؟

“استهانة” بعض الشيوخ بإصدار قرار الخلع لنساء حصلن على طلاق مدني”، برأي (ف.م)، تسبب في هدم بيوت كثيرة. وعن ذلك يقول “زوجتي التي هجرتني وانتقلت إلى مدينة أخرى بعد أن حصلت على الطلاق المدني وتنازلت عن الأطفال الأربعة، تعلن أمام المجتمع أنها منفصلة بورقة خلع وحين حاولت التأكيد أني لم أطلقها شرعاً ولم يتم الأمر بأركانه الشرعية الصحيحة حيث لم يسألني أحد عن الموضوع، رفضت النقاش وأكدت أنها منفصلة ويحق لها أن تعيش حياتها كما تريد”.

والأكثر من ذلك يقول (ف.م) “اكتشفت أن الشهود على ورقة الخلع، هم شقيقها واثنتان من صديقاتها أقروا أن لا علم لهم بهذه الورقة، وحين سألت الشيخ الذي أصدر الورقة قال اكتفيت بشهادتها بأنهم على علم بالأمر”.

حل شرعي؟

“الخلع” برأي فاطمة علوان حل شرعي للمرأة يتوافق مع الطلاق المدني عندما يرفض الرجل إعطاء الزوجة حقها بالطلاق الشرعي إضراراً بها، وتقول فاطمة “أعرف عدداً من النساء اللواتي لجأن إلى الخلع الشرعي بعد حصولهن على الطلاق المدني بسبب رفض الرجال للطلاق بهدف الإضرار بالمرأة، فعندما تطلب الزوجة الطلاق ولا ينفذ الرجل هل يعقل أن تعيش حياتها معلقة ومصيرها بيد الزوج المتعنت”.

الواقع أسوأ برأي فاطمة، فغياب المحاكم الشرعية دفع بعض الرجال إلى رفض الطلاق حتى تلجأ المرأة للخلع وتتنازل عن حقوقها وهنا أرى أن على الشيوخ عدم إلزام المرأة برد المهر حين يثبت وقوع الضرر عليها وإعطائها حكم الخلع لتكمل حياتها.

د. محمود بن عبد الله

تعدد الأزواج “واقع”

أستاذ الشريعة والدراسات الإسلامية والمأذون القانوني الدكتور محمود بن عبد الله، أكد أن “هناك بالفعل حالات وقعت فيها بعض النساء أدت إلى إجراء عقد زواج ثاني وهي لا تزال على ذمة زوجها في السويد. والمؤسف أنها تتزايد ولكنها لم تصل إلى مرحلة فوضى عامة”. وذكر أن محاكم إسلامية رفعت 4 قضايا على زوجات من السويد حصلن على ” فتوى بوقوع الخلع” دون معرفة الزوج أو حتى السماع منه.

وأوضح بن عبد الله أن “الخلع هو فراق الزوجة بعِوض، سواء أكان العوض هو المهر الذي دفعه الزوج لها أو أكثر أو أقل، ولكن الخلع ركنان أساسيان هما: الإيجاب من المرأة والقبول من الرجل”. وأضاف “من تخالف شروط الخلع فطلاقها طلاق باطل، والخلع غير صحيح، وهي ما زالت على ذمة زوجها، وأيما امرأة عقدت عقداً جديداً على مثل هذا الوضع فعقدها باطل ويجب التفريق بينها وبين الزوج الجديد شرعاً. لذا موضوع الخلع هو موضوع يختص بالقضاء وليس بالفتوى لأنها قضايا شقاق ونزاع.. والفتوى غير ملزمة إلا لمن ألزم نفسه بها حيث هناك فتاوى عدة تخالف فتوى المجلس الأوروبي فلماذا يلزم الزوج بأخذ فتوى معينة؟!”.

قضايا التنازع بين الشرع والقضاء المدني تتزايد برأي (ن.ف) وتحتاج لعملية ضبط. وتقول “للأسف لي صديقة تركت زوجها وطفلين بعد أن أحبت زميلاً لها في العمل، وحين رفض الزوج الطلاق اتهمته بأمور باطلة وحصلت من أحد الشيوخ على ورقة خلع دون علم الزوج، وعلى الفور ارتبطت بعقد زواج مع الرجل الآخر، في الحكم الشرعي أكد الشيوخ أنها بهذه الحالة متزوجه من اثنين، فلا ضرر وقع عليها وبالتالي هي من قررت الانفصال وكان لزاماً عليها رد المهر لزوجها وهي لم تفعل، واكتفت بورقة خلع هدمت أسرتها واعتدت على حق زوجها، لا أعرف على ماذا استند الشيخ في كل هذه المظالم”.

د. عدلي أبو حجر

لا تساهل في الشريعة

الداعية والكاتب الإسلامي الدكتور عدلي أبو حجر، من أكثر الشيوخ الذين ورد اسمهم في قضايا وأوراق الخلع، أوضح في تصريح للكومبس أن “أحكام الخلع لا تصدر بالسهولة التي يعتقدها البعض” وقال “لا نصدر قراراً مبهماً إنما نكتب ونوضح الموقف الشرعي في الخلع ونرسل للطرفين ونؤكد أنه مشروط بصدق الحجة ورد المهر، ولكن هناك من لا يتجاوب أو يهتم ثم بعد نفاذ القرار يعترض وهذا شأنه عند رب العالمين لأن لا يجوز أصلاً الإكراه لا في الدين ولا الزواج، والله حرم الظلم على نفسه فكيف يقبل الظلم على عباده أو بينهم. هذا لا يجوز أصلاً فغالباً الإنسان الذي يخاف الله لا يرفض حينما نقول له قال الله وقال الرسول أما من لا يريد تنفيذ الحكم الشرعي فنقول له ابحث عن دين آخر فأحكام الشريعة منصفة وواضحة ولا تساهل فيها أو تلاعب”.

عقود زواج خارج السويد

وأضاف أبو حجر “عقود التسريح في الإسلام، الطلاق والخلع أو الفسخ مبنية على قواعد شرعية تتعدد الآراء حولها ويؤخذ بالرأي الذي يتوافق مع القوانين الأوروبية التي وجه المجلس الأوروبي للإفتاء بالأخذ بها ولكن بعد التدقيق بالحالات من قبل الشيخ أو الإمام والبحث في حيثيات القرار المدني لنحدد إن كان طلاقاً أو خلعاً سواء من طرف واحد أو بالتوافق. وهنا نحاول أن لا يقع ظلم على أحد، “لا ضرر ولا ضرار” “فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان”، هذه الآيات هي الأساس في العلاقات الزوجية ولكن في بعض الحالات نبت بالأمر بشكل كامل عندما لا يكون الزواج موثقاً في المحاكم المدنية وتم في بلاد عربية أو إسلامية، فندخل في حل الإشكال حتى لا تبقى المرأة معلقة”.

شروط اعتماد المأذون

ولفت أبو حجر إلى أنه يفصل في قضايا الطلاق والخلع من باب التيسير على الناس، ورغم عدم اعتماده مفتياً شرعياً بشكل رسمي، فإن العقود التي يصادق عليها في الزواج تعتمد من قبل مصلحة الهجرة، أما عقود الخلع والطلاق فتعتمد من قبل المؤسسات السويدية وتأخذها وتطلبها منه بشكل مباشر”.

في حين أوضح الدكتور محمود بن عبد الله أن المحاكم السويدية غير معنية بالطلاق أو الخلع الصادر عن المؤسسات الإسلامية العاملة في الحقل الدعوي في السويد أو عن الأئمة المشتغلين في هذا الحقل. ولكن يُطلب أحياناً -حسب مشكلة الطلاق المعروضة – على السوسيال أو غيره من الدوائر المعنية إثبات أن هذين الزوجين قد طُلقا فعلاً، خاصة إذا كان العقد من خارج السويد. وهنا يعتمد فقط قرار الإمام الذي يحمل الترخيص في قضايا الزواج والطلاق من دائرة Kammarkollegiet.

وذكر بن عبد الله أن “الإمام أو الشخص المعني يخضع لامتحان شفوي في قوانين الزواج حسب القانون السويدي لدى الدائرة المذكورة آنفاً فإن اجتاز الامتحان أعطي ترخيص بأنه مأذون قانوني وإلا فلا رخصة له”.

وأضاف أن “الإسلام لا يجبر المرأة على البقاء على ذمة زوجها إن وصلت إلى حد الكراهة له ولأخلاقه لكن لا بد من التثبت والوقوف على الحقائق من خلال السماع من الطرفين ثم التراضي بينهما وإجراء الخلع بناء على ذلك”.

“لا نخضع للضغوطات”

من جهته أوضح عدلي أبو حجر أنه يبين بياناً شرعياً وليس جهة قضائية، ولديه أدلة ورسائل في كل الحالات التي بت فيها بقضايا خلع تثبت أنه استوفى كل الأركان الشرعية قبل أن يصدر أي قرار.

وحول الانتقادات الموجهة لأحكامه في الخلع قال أبوحجر “الدخول في قضايا خلافية والفصل بين الناس بلا شك يعرض أي أحد للنقد، لذلك لا نتأثر ولا نخضع لهذه الضغوطات نحن نجتهد للتخفيف على الناس وحل أمورهم بما يتوافق مع الشريعة والقوانين، ونذكر بأن الخلع مشروط وفي حال عدم التنفيذ نبادر فوراً بإصدار ورقة تسقط قرار الخلع الذي اعتمدناه”.

ندى سمارة