في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. تحديات تواجه الإعلام العربي في السويد

: 5/3/23, 1:38 PM
Updated: 5/3/23, 3:10 PM
في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. تحديات تواجه الإعلام العربي في السويد

الكومبس – خاص: يعدّ اليوم الثالث من مايو، بمثابة الضمير الذي يذكّر الحكومات بضرورة الوفاء بتعهداتها تجاه حرية الصحافة، ويتيح للعاملين في وسائل الإعلام فرصة التذكير بقضايا الصحافة وأخلاقيات المهنة. كما يشكل مناسبة للوقوف إلى جانب وسائل الإعلام المحرومة من حقها بالحرية، وذكرى لتحية من قدموا أرواحهم فداءً لرسالة القلم.

وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة أعلنت يوم 3 مايو يوماً عالمياً لحرية الصحافة، بالاستناد إلى حرية التعبير في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948، وإحياء للذكرى السنوية لإعلان ويندهوك ، وهو بيان لمبادئ حرية الصحافة وضعه صحفيو الصحف الأفريقية في ويندهوك عام 1991.

الكومبس حاورت في هذه المناسبة الصحفي الاستقصائي المستقل، وعضو مجلس إدارة نقابة الصحفيين، عبد اللطيف حاج محمد، للحديث عن حرية الصحافة، والتحديات التي تواجهها، ومستقبل الصحافة. كما تطرق الحديث إلى دور النقابات والاتحادات الصحفية. وقدرة الإعلام العربي في السويد على مواجهة التحديات والتأثير في المجتمع.

ما هي أبرز التحديات التي تواجهها حرية الصحافة في السويد؟

أعود هنا إلى أول تصريح بعد الانتخابات لحزب ديمقراطيي السويد مثلاً عندما قال … “يجب أن نلعب مع الصحفيين لعبة الركبي” ما يوحي بمحاولة إبعاد الصحفيين عن طريق السياسيين بشكل أو بآخر. هكذا فسر التصريح حينها. وهذا مؤشر سياسيا في بلد مثل السويد تتمتع تاريخياً بتقاليد عريقة بما يتعلق بحرية الإعلام، حرية الصحافة حرية التعبير، وحرية الطباعة والنشر. يجب نتذكر أن هذه القوانين فوق دستورية، فقد عانت السويد من حرب مع الكنيسة حتى استطاعت الوصول إلى هذه الصيغة من الديمقراطية التشاركية، والتي تمكن الجميع من التعبير عن رأيهم بحرية دون خوف من عقاب أو انتقام أو سجن، وأيضاً دون خوف من التحول إلى ضحية للقوانين.

لكن اليوم نرى أن بعض الأحزاب تحاول وضع حدود، سواء بالتصريحات أو بالخطاب غير المتوازن أو بعرقلة وصول الصحفيين للأشخاص في السلطة والحديث معهم وطرح الأسئلة النقدية. فهذا يشكل تحدياً.

التحدي الثاني هو الخلط بين دور الصحافة والإعلام وبين دور وسائل التواصل الاجتماعي والتأثير المتبادل بينها. ولا نستطيع القول إنه لا تأثير لمنصات التواصل، لكن ليس كل ما يقال هناك مقبول صحفياً، أو يمكن تغطيته والكلام عنه، والعكس صحيح. أحياناً هناك أشياء موجودة بالأعلام لكن لا تلقى قبول على مواقع التواصل. هذا التأثير المتبادل له إيجابيات أحياناً، حيث أن وسائل التواصل هي مصدر للأخبار وللتحقيقات الاستقصائية والبحث والتقصي. على سبيل المثال قصة الطفل مرهف، بدأت بالسوشيال ميديا وبعدها انتقلت للإعلام. أحيانا تبدأ القصص في الإعلام كما حدث في برنامج ثلاثين دقيقة، عندما تحول سؤال المقدم لرئيس حزب ديمقراطي السويد حول “هل تعتبر لاعب كرة القدم ووزيرة الثقافة سويديين؟” فتحول النقاش من الشاشة إلى وسائل التواصل الاجتماعي.

التأثير لحد ما جيد، لكن يحتاج أحياناً من المتلقي ألا يأخذ طرف، ألا يتبنى وجهة نظر وسائل التواصل الاجتماعي حتى التأكد أن كل ما قيل حقيقي وكامل، لأن الاقتطاع من السياق هو تهديد لحرية التعبير. يجب علينا رؤية الصورة كاملة إلى حد ما. يجب أن نفهم أن هذا القانون هو قانون وفوق دستوري، ومهمته الأساسية حمايتي وحمايتك وحماية أي أحد. وهذا مهم أيضا لنا كمهاجرين، فاعتقد أن هناك حاجة ولا أريد أن أقول نقص، بل حاجة لفهم أهمية هذه القوانين التي جعلت من السويد البلد التي نريد اللجوء إليها. بغض النظر إن كنا نتوافق مع القوانين أو نختلف معها. فالقوانين لم توضع للاتفاق عليها. لذلك دائماً ما نرى نقاشاً سياسياً حول القوانين. هذا هو النقاش الديمقراطي. يمكن ألا نتفق مع القوانين لكن واجبنا احترامها واتباعها.

مع ذكر السوشيال ميديا وتأثيرها، ظهر منذ سنوات مصطلح “الصحفي المواطن”، فما تأثيره على الصحافة وعلى حرية الصحافة؟

الفرق بين الصحفي المواطن والصحفي هو أننا كصحفيين مثلاً، درسنا هذه المهنة. ولدينا كالطبيب مثلاً، ميثاق شرف المهنة. كما أن لدينا قواعد أخلاقية وتحريرية ومدونة سلوك. في حين أن الصحفي المواطن متحلل من هذه الأمور، فهو يستطيع نشر أي شيء في أي زمان وأي مكان وبأي طريقة، ولا يتبع قواعد المهنة، إن صح القول. مثلاً في حالات الكوارث الحروب وغيرها، هناك قواعد يجب أن يتبعها الصحفي، كعدم ذكر اسم الضحية، أو إظهار وجه الضحية. وهنا يمكن أن يتحول العمل الصحفي إلى عملية تشهير بالأشخاص أحياناً، دون مناقشة الحدث نفسه. وهناك الكثير من الأمثلة الأخرى.

كما أن كثيرين من الصحفيين المواطنين نجحوا وتحولوا لصحفيين محترفين، لأنهم تدربوا أنفسهم وتعلموا. المشكلة الاساسية في مهنة الصحافة أنها مهنة غير محمية، على عكس الطب مثلاً فهو مهنة محمية بالقانون. حيث أنك لا تستطيع أن تقول عن شخص طبيب إن لم تبرز مستنداً يثبت ذلك. لكن في الصحافة اليوم يمكن لأي شخص أن يقول أنه صحفي أو إعلامي أو كاتب.

من الناحية الأخرى وجود الصحفي المواطن مهمّ في بعض السياقات. أحيانا كصحفي لا إمكانية لي للوصول إلى موقع الخبر. فوجود شخص على الأرض قادر على التصوير وعلى نقل الاحداث والاجابة على الاسئلة الاساسية مع توخي الموضوعية والحياد، يساعدني أنا على إكمال المهمة.

ما رؤيتك لمستقبل الصحافة حالياً مع تزايد حالات إغلاق الصحف بالسويد؟

التحدي الأساسي للصحافة هو تحدي اقتصادي، حيث يجب علينا كصحفيين عاملين بوسائل إعلام أو مدراء وسائل إعلام أن نبدأ بالتفكير بمصادر دخل للدعم الاقتصادي لصحفنا. لا أرى اليوم أن الذكاء الاصطناعي أو وسائل التواصل الاجتماعي ستأخذ مكان الصحفي، لكن يجب أن نكون مرنين، ونتذكر دائماً أننا بمرحلة انتقالية ومرحلة تعلم ومرحلة تجريب وبحثٍ عن الأفضل.

قبل عشر سنوات لم يكن هناك هذا الكم من المحتوى المتاح أونلاين اليوم. ما ينتج في عام اليوم يعادل أضعاف ما أنتج قبل عشر سنوات. هذا يخلق تحدياً من نوع آخر، وهو نوعية ما تكتب والتحقق والتثبت من المعلومة.

موضوع الاستدامة أيضاً هو تحدِّ. البحث عن مصادر دخل أخرى غير الاعلانات. مثل الاشتراكات أو الاشتراكات الموجهة لمجموعات معينة سواء مجموعات لغوية أو مهنية أو غيرها. وممكن أن نرى اليوم وسائل الإعلام السويدية مثلاً، حيث بدأت بتحقيق أرباح من الاشتراكات أعلى من أرباح الإعلانات.

أيضاً تنويع المادة الإعلامية، حيث يمكن لنفس المادة أن تكون مقروءة أو مصورة أو بودكاست. هذه كلها أشكال جديدة تمكننا من الحفاظ على استدامة العمل.

ما هو دور النقابات والاتحادات في حماية الصحفيين السويديين؟

الدورات التعليمية التي نقدمها، المنح، الدعم المهني. أي صحفي سواء مستقل أو يعمل في وسيلة إعلام داخل السويد لديه خط ساخن للتواصل معنا، وطرح أسئلته والحصول على الإجابات اللازمة. كما أننا نساعدهم في كافة المسائل المهنية.

طبعاً كاتحاد نحن خط الدفاع الأول عن الصحفيين وحرية التعبير بالسويد. وذلك عن طريق اعضائنا.

هل يسمح للصحفي المواطن بالانتساب لنقابة الصحفيين؟

نعم، لكن هناك ضوابط يجب أن يلتزم بها، حتى يحقق شروط الانتساب الواضحة. كما يوجد “دليل الصحفيين” الذي يمكنهم من توسيع دائرة الانتشار وتسجيل طرق التواصل معهم ومجالات علمهم ولغاتهم.

في اليوم العالمي لحرية الصحافة، ما الكلمة التي توجهها للصحافة العربية في السويد؟

يجب علينا كصحفيين غير سويديين أو ناطقين بالسويدية، أن نفهم اهمية دورنا، أهمية وجودنا هنا والفائدة منها. وكيف يمكن أن نعزز وجودنا في السياقات السياسية والاقتصادية والمجتمعية. هناك الكثير من التحديات أمامنا، ويجب أن نعمل أكثر حتى نعزز وجودنا ونشكل صوتاً حقيقياً في المجتمع.
ليس بالضرورة دائماً أن نقدم الأخبار التي ترضي القارئ العربي، ويجب أن نركز على المحتوى على حساب الوصول. ليس بالضرورة أن نكون “ترنداً” إن لم يكن لدينا محتوى يستحق ذلك. ويجب أن نهتم بالمتلقي، الذي يشكل جزءا من هذا المجتمع ويعاني تحديات يجب أن نتحدث عنها ونواجهها ونفككها.
كذلك يجب أن نطور علاقتنا بحرية التعبير، وأن نتجاوز الخطوط الحمراء التي كانت مرسومة لنا. وأن نعلم أن مهمتنا هي محاسبة السلطة ومن في السلطة.

علاء يعقوب

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.