الكومبس – ستوكهولم: بعد نحو عامين على الانتخابات البرلمانية الأخيرة في السويد، والتي أسفرت عن فوز أحزاب اليمين وتشكيل الحكومة الحالية، ألقى رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترشون الضوء على إنجازات حكومته في منتصف ولايتها.

وكتب كريسترشون في مقال نشره في صحيفة DN أن حكومته التي تولّت السلطة في ظل أزمة اقتصادية وارتفاع كبير في معدلات التضخم والفوائد، “بدأت بتصحيح المسار وباتت السويد اليوم أقوى في مواجهة التضخم، وذلك بفضل السياسات المالية والنقدية المتزنة وتعاون أطراف سوق العمل”.

وقال إن السويد تتطلب بعد الأزمة الاقتصادية إصلاحات سياسية لإعادة بناء رفاهية الدولة، واستثمار المال العام في أكبر حزمة من مشاريع البحث والبنية التحتية في العصر الحديث.

الهجرة والاندماج

كما تطرق كريسترشون إلى الهجرة قائلاً إن السويد تواجه تحولاً تاريخياً مع انخفاض أعداد طلبات اللجوء، وتراجع الهجرة لأدنى معدل منذ 50 عاماً، واصفاً ذلك بـ”تحول ضروري لكي تتمكن السويد من التعامل مع الاندماج”.

ولفت إلى أن حكومته تتخلى عن السياسة القديمة حول الاندماج وتفرض متطلبات حول العمل واللغة، وتشدد قواعد الإقامة والجنسية. وقال “يجب أن تصبح السويد مرة أخرى بلداً للحراك الاجتماعي، وليس بلداً يتم فيه توريث العزل المجتمعي.

وفي مجال مكافحة الجريمة، ذكر كريسترسون أنه تم اتخاذ خطوات قوية لمكافحة اقتصاد العصابات وتضييق الخناق عليها. ولفت إلى أن السويد تشهد الآن تحسناً في معدلات الأمن بعد فرض قوانين جديدة مثل مضاعفة العقوبات على الجرائم الخطيرة.

كما تطرق إلى ما حققته السويد بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو) العام الماضي.

وأدناه تجدون المقال مترجماً إلى العربية:

“عندما تولت الحكومة التي أقودها السلطة قبل ما يقرب من عامين، ورثنا مسؤولية بلد يعاني من عدة أزمات متوازية. أسعار الفائدة المرتفعة وتضخم يقترب من 10 بالمئة ذكّر العديد من الأسر بالأوضاع الاقتصادية خلال أزمة التسعينيات. أسعار الكهرباء والوقود الباهظة. جرائم خطيرة واستبعاد اجتماعي نما على مدى عقود. طرق وسكك حديدية في حالة سيئة لدرجة أن الناس يجدون صعوبة في الوصول إلى أعمالهم.

كان هناك الكثير من الأمور المتأخرة التي بحاجة للإصلاح. كانت السويد قد أصبحت أفقر وأقل أماناً.

يستغرق الأمر وقتاً لحل المشكلات الكبيرة التي تطورت على مدى فترة طويلة. لكننا الآن نغير المسار بشكل منهجي. ونحن ننجز المهام. مع دخولنا النصف الثاني من فترة الولاية، نبدأ في رؤية النتائج.

● أولاً: السويد تغلبت على التضخم. السياسة المالية المتزنة، والسياسة النقدية للبنك المركزي، والمسؤولية التي أظهرتها أطراف سوق العمل، كلها أثرت بشكل إيجابي. الآن يمكننا استخدام المالية العامة القوية في السويد للقيام بأكبر الاستثمارات في البحث والبنية التحتية في العصر الحديث.

● ثانيًا: قمنا بتغيير سياسة الطاقة. أزالت الحكومة العقبات القانونية أمام بناء محطات جديدة للطاقة النووية وسرعت عملية الحصول على التراخيص. النموذج الجديد لتقاسم المخاطر سيوضح كيف ستتقاسم الدولة والقطاع الخاص التكاليف والمخاطر المرتبطة بالاستثمارات الضخمة في الطاقة النووية الجديدة. الآن تتعلق المهمة بوضع جدول زمني محدد للبرنامج النووي السويدي الجديد، بهدف مضاعفة إنتاج الكهرباء النظيفة بحلول عام 2045.

على المعارضين لاستمرار الاستثمار في الطاقة النووية أن يقدموا بديلاً. كيف ستحصل السويد على كميات كبيرة من الكهرباء المستقرة والخالية من الوقود الأحفوري اللازمة للانتقال المناخي؟ الجميع ينتظر الإجابة من المعارضة.

● ثالثًا: سياسة المناخ تدخل مرحلة جديدة. تم إقرار حزمة المناخ الكبيرة للاتحاد الأوروبي خلال الرئاسة السويدية، مما يوفر إطاراً مشتركاً لأغلب الانبعاثات. الآن، المهمة هي تحقيق الأهداف الوطنية السويدية في إطار الاتحاد الأوروبي بفعالية وعدالة اقتصادية. بعد احتساب الكهرباء من محطات الشحن العامة ضمن التزامات التخفيض، يمكننا خفض الضرائب على البنزين والديزل، في الوقت نفسه الذي نزيد فيه من استخدام الوقود الحيوي. بهذا، يمكننا الحفاظ على اقتصاد الأسر وفي الوقت نفسه الوفاء بالتزاماتنا المناخية.

● رابعًا: شهراً بعد شهر، أصبح من الصعب على المجرمين الاستمرار في أنشطتهم في السويد. في بداية العام، تضاعفت العقوبات على الجرائم الخطيرة المتعلقة بالأسلحة. منذ فبراير، دخل قانون جديد لحظر الإقامة حيز التنفيذ، وفي أبريل، حصلت الشرطة على الحق في فرض مناطق أمنية (مناطق تفتيش)، مما يهدئ من النزاعات بين العصابات ويكسر دوائر العنف.

الشرطة الآن بإمكانها التنصت على المحادثات بين العصابات والقيام بتفتيش قبل وقوع الجرائم، مما يمنع إطلاق النار والتفجيرات. تقدر الشرطة أنه تم إحباط 200 حادثة عنف حتى الآن في عامي 2023 و2024. بالإضافة إلى ذلك، سيتم إدخال نظام جديد للشهود المجهولين لكسر ثقافة الصمت التي تحيط بالعصابات.

التركيز الأكبر الآن سيكون على مكافحة الاقتصاد الإجرامي، الذي يعد واحداً من الدوافع الرئيسية وراء الجريمة. منذ بداية العام، توجد هيئة وطنية جديدة مسؤولة عن منع الاحتيال والمدفوعات غير الصحيحة من أنظمة الرفاهية. في نوفمبر، سيصبح من الأسهل مصادرة مكاسب المجرمين ورموزهم الاجتماعية مثل الأموال والسيارات والساعات الفاخرة.

● خامسًا: بانضمام السويد إلى حلف الناتو، أصبحنا أكثر أماناً، والناتو بات أقوى. المهمة الكبيرة الآن هي تشكيل الناتو الجديد الذي يتطور في منطقتنا من العالم. السويد، التي تعد دولة كبيرة نسبياً في الناتو، تجلب معها جغرافيا مهمة وقدرات عسكرية فريدة، لا سيما في قطاع الصناعات الدفاعية الكبير.

● سادسًا: الهجرة في السويد في انخفاض ملحوظ، والبلاد تتجه نحو أقل عدد من طلبات اللجوء منذ أكثر من 25 عاماً. تشير البيانات الأولية إلى أن السويد، لأول مرة منذ 50 عاماً، ليس لديها أي هجرة صافية – وهذا تحول ضروري لضمان نجاح الاندماج في المجتمع السويدي.

في النصف الثاني من فترة الولاية، سنواصل العمل على تنظيم الأمور في السويد. ولكن في الوقت نفسه، نبدأ أيضاً استثمارات مستقبلية كبيرة لتحقيق النمو في السويد مرة أخرى.

عندما يتم التغلب على التضخم، ستفتح فرص جديدة. وكما كان الحال بعد أزمة التسعينيات والأزمة المالية، هناك حاجة إلى تنفيذ إصلاحات سياسية.

يجب تجديد الطرق والسكك الحديدية حتى تتمكن القطارات من نقل الركاب إلى أماكن عملهم والشاحنات لنقل بضائع الشركات إلى وجهاتها في الوقت المناسب. ستستثمر السويد في أبحاث من الطراز العالمي، مما يضع الأساس لشركات ناجحة. هذه استثمارات ضخمة تؤدي إلى النجاح والازدهار على المدى الطويل.

في الوقت نفسه، سنخفض الضرائب على الادخار ولجميع الذين يعملون أو سبق لهم العمل.

يجب أن يكون الانتقال من الدعم والمساعدات إلى العمل مجدياً، ويجب ألا يكون من الممكن العيش على المساعدات إذا كان بالإمكان العمل. سنتخلى عن سياسة الاندماج التي لا تطلب شيئاً: سنضع سقفاً للمساعدات ونقوم بتأهيل تدريجي للدخول إلى نظام الرفاهية السويدي بدلاً من الحصول على كل شيء فوراً. وسنشدد المتطلبات للحصول على تصاريح الإقامة والجنسية السويدية. وسنقوم بإدخال تعليم إلزامي في رياض الأطفال للأطفال الذين لا يتعلمون السويدية بشكل جيد في منازلهم. يجب أن تصبح السويد مرة أخرى بلداً للحراك الاجتماعي، وليس بلداً يتم فيه توريث العزل المجتمعي.

في النصف الثاني من فترة الولاية، سنواصل العمل على تنظيم الأمور في السويد، وفي الوقت نشد العزم لتصبح السويد أكثر ثراءً وأماناً.