كيف يبدو مشهد صراع الإسلام السياسي في اليمن؟

: 9/15/22, 4:40 PM
Updated: 9/15/22, 4:40 PM
الحرب في اليمن أدت إلى كارثة إنسانية 
 (AP Photo/Hani Mohammed)  TT
الحرب في اليمن أدت إلى كارثة إنسانية (AP Photo/Hani Mohammed) TT

جهود المبعوث السويدي مستمرة وسط صراع اتخذ طابعاً دينياً خطيراً

الكومبس – تحليل إخباري: بشكلٍ أو بآخر تراجع نفوذ الجماعات الدينية في معظم البلدان العربية، وانتهى في دولٍ أخرى كما هو الحال في مصر، لكن الجماعات الدينية في اليمن، وهي امتداد لجماعات دينية خارجية، لا تزال تتواجد إلى درجة ما في البلد الغارق في الحرب منذ ثمان سنوات، ويشهد أسوأ أزمة إنسانية.

ويعتقد يمنيون بأن الحرب أصلاً قامت بسبب مشاريع جماعات دينية كجماعة أنصار الله الحوثية المدعومة من إيران، وحزب الإصلاح الفرع المحلي لجماعة الإخوان في اليمن. واندلعت الحرب العام 2015 في أعقاب انقلاب جماعة الحوثي على السلطات في البلاد.

أتاحت الحرب لجماعة الحوثي وحزب الإصلاح التغلغل داخل المؤسسات الحكومية. وسيطر الحوثيون على جميع المؤسسات الحكومية في المناطق التي يسيطرون عليها شمالي البلاد بما في ذلك العاصمة صنعاء، بينما سيطر الإخوان على المؤسسات الحكومية في الحكومة المعترف بها دولياً قبل تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في أبريل الماضي.

حزب الاصلاح (إخوان مسلمين) سيطر على كامل مفاصل المؤسستين الأمنية والعسكرية في الحكومة اليمنية. وأدت سيطرة حزب الإصلاح إلى حدوث انتكاسات كبيرة سياسية وعسكرية للحكومة اليمنية. وسقطت العديد من الجبهات مع الحوثيين من قبضة القوات الحكومية في محافظات صنعاء ومأرب والجوف والبيضاء خلال العامين الماضيين.
يقول الصحفي اليمني ياسر اليافعي “العلاقة بين الحكومة اليمنية ومعظم الدول العربية شهدت فتوراً كبيراً في أعقاب تغلغل حزب الإصلاح داخل المؤسسات الحكومية، ويصنف مشروع حزب الإصلاح معظم الأنظمة العربية أعداء له. لقد سخر تواجده داخل الحكومة اليمنية للهجوم على الدول العربية خصوصاً بعض دول مجلس التعاون الخليجي كالسعودية”.

ويضيف اليافعي “فكر الإخوان يقوم على معاداة الحكام العرب. ويتعامل حزب الإصلاح وفق هذا المنظور، ولم يكن هذا العداء وليد اللحظة، إذ تعرضت السعودية ودول خليجية مراراً لهجمات إعلامية مستمرة من قبل الوسائل الإعلامية المملوكة لحزب الإصلاح في اليمن وحتى من قبل التنظيم الأم لجماعة الإخوان الدولية منذ عقود، ونحن نشهد حالياً مرحلة جديدة في حرب قديمة”.

وتابع “الواضح أن حزب الاصلاح وجماعة الحوثي يدفعان باتجاه إطالة أمد الحرب حتى يتمكنان أكثر من التغلغل داخل المؤسسات وترسيخ وجودهما”، موضحاً أن استمرار تواجد الجماعات الدينية في المشهد السياسي والحكومة قد يؤدي في النهاية إلى تأثر العلاقة بين اليمن وجيرانه.

وتقود السعودية تحالفاً عربياً منذ العام 2015 يقاتل إلى جانب السلطة المعترف بها دولياً، ضد جماعة أنصار الله الحوثية التي نفذت انقلاباً في نفس العام وسيطرت على العاصمة صنعاء ومعظم محافظات الشمال اليمني ولاتزل تسيطر عليها.
وكان الإخوان المسلمون يسيطرون حينها على مفاصل السلطة التي فرت إلى خارج البلاد ولجأت إلى السعودية التي لم تجد بداً من التعامل مع المر الواقع والتعاون معهم في سبيل درء خطر التمدد الإيراني على حدودها، لكن العداء بين الطرفين كان حاضراً دائماً خصوصاً من ناحية الإخوان الذي غادر قادتهم الرياض إلى دول أخرى تباعاً ورفضوا العودة الى العاصمة السعودية.

يقول الصحفي اليمني أنور التميمي “لقد اتخذ الصراع طابعاً دينياً خطيراً جداً على المجتمع منذ 2011 على الأقل بفعل جماعات الإسلام السياسي وأذكر هنا الحركة الحوثية وجماعة الإخوان المسلمين، وهذا الأمر عقد كثيراً المشهد في البلد المتخم بالأزمات والصراعات، وفي رأيي أن هذا التمترس الديني من الطرفين يشكل العائق الأكبر أمام محاولات المجتمع الدولي لإنهاء الصراع في اليمن”.

ويضيف التميمي “كل المحاولات التي تبذل لن تفلح في إنهاء صراع يعتقد طرفانه أنهما ينفذان أوامر إلهية، وهو ما يحتم على المجتمع الدولي أن يدرك طبيعة المشهد هنا، ويدرك أن طريق الحل يبدأ أولاً بإخراج البلد من هيمنة الجماعات المتطرفة وحركات الإسلام السياسي، حتى يتسنى للأطراف السياسية الانطلاق من منطلق وطني بحت وإلا لن يكون هناك حل على المدى القريب وحتى المتوسط”.

الحديث عن تعقيدات المشهد اليمني لا ينتهي، لكن محاولة فهم هذا المشهد أمر لا بد منه لكل من يحاول إخراج هذا البلاد من دوامة الحرب والصراعات، وهي الجهود التي يتولاها حالياً الدبلوماسي السويدي هانس غروندبيري كمبعوث خاص للأمين العام للأمم المتحدة، وهو الرجل الذي نجح في تحقيق بعض التقدم، حيث يحاول البناء على هدنة مستمرة منذ نحو ستة أشهر كان مهندسها الأول، وهو حتى الآن ينجح في الحفاظ على استمراريتها رغم الصعوبات الكبيرة. ويبدو أن الرجل تغلغل في الملف اليمني وفهم كثيراً من زوايا المشهد ما مكنه من تحقيق الهدنة ووقف إطلاق وإقناع الأطراف باهمية إطلاق عملية السلام، وهي أمور لم يتمكن منها أربعة مبعوثين سبقوه إلى اليمن.

علي حمزة

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.