“كنا نشعر ونحن صغار أننا في أمان وأنه مرحب بنا أما الآن فلا”
“لدي شعور بأنني أعيش في دولة بوليسية أو ديكتاتورية”
الكومبس – خاص: يخطط المؤثر عمر الملي (27 عاماً) والمولود في السويد للهجرة من البلاد مع عائلته، متحدثاً عن اختلاف الوضع في البلاد في السنوات الأخيرة، وافتقار العائلة للشعور بالأمان.
يزداد الحديث في السويد في الفترة الأخيرة عن “الهجرة العكسية” من البلاد، أي عودة المهاجرين إلى أوطانهم الأم أو إلى بلاد أخرى. بينما تزداد التساؤلات بين مجموعة الناطقين بالعربية على وسائل التواصل عن إجراءات الانتقال لبلدان أخرى.
يقول عمر للكومبس “ولدت في السويد وقضيت حياتي في هيلسنبوري وكنت أشعر دوماً بالرضا أنني في السويد. درست علم الجريمة والعلوم السياسية في لوند وعملت العام 2022 بعد تخرجي من الجامعة في بلدية هيلسنبوري في منطقة سودر حتى يناير 2024. وسافرت بعدها لمساعدة الشباب في المناطق الفقيرة في لبنان”.
ويضيف “كانت أحلامي كبيرة في البداية لكني الآن أفكر بالهجرة بسبب نقص الأمن والأمان وازدياد الجريمة خصوصاً أن معظم الشباب الذين يقتلون (في الحرب بين العصابات) هم من خلفية أجنبية وما من أحد يحمينا. أعيش في منطقة مصنفة خطرة في هيلسنبوري وعندما يحدث أي شيء معي فأنا لا ألجأ للاتصال بالشرطة لأن الشرطة لن تحميني. لم يعد لنا نحن أبناء هذه المنطقة الثقة بالشرطة خصوصاً أنه كان لديهم الوقت الكافي لجعلنا نثق بهم لكن للأسف هم يحاولون فقط تصيد أخطائنا”.

تأثير خطاب SD
يلفت عمر إلى تأثره شخصياً بمشاركة حزب ديمقراطيي السويد (SD) في الحكومة بعد انتخابات العام 2022. وعن ذلك يقول “بدأت أشعر بالتمييز العنصري خصوصاً أن خطابات SD تعتبر أن الدين الإسلامي والمسلمين يتصادمون مع قوانين السويد ولا يستطيع الشخص أن يكون مسلماً في السويد”.
ويتابع “لم نكن نسمع سابقاً بهذه العبارات ولم يكن أحد يجرؤ على التكلم بمواضيع كهذه في الصحف وكان الناس يرفضون ذلك أما الآن فأصبح الأمر عادياً جداً. ولذلك بدأت أشعر أن السويد تغيرت من عبارة “افتحوا الأبواب وافتحوا قلوبكم” إلى عبارة “أغلقوا الأبواب ولا تقبلوا بدخول أحد””.
“لم أعد أشعر بحرية التعبير”
يقول عمر إن أحد أسباب هجرته أيضاً أنه لم يعد يشعر بأن لديه حرية تعبير، ويضرب على ذلك مثلاً بعدم جرأته في الحديث عن قضية فلسطين.
ويلفت عمر أيضاً إلى أن الصورة النمطية للإجرام خلقت مفاهيم وتحيزات مسبقة ضد المهاجرين، متسائلاً “ما علاقتنا نحن البشر العاديين بهؤلاء المجرمين حتى ولو كانوا مسلمين؟!”.
ويضيف “يتم تفتيشي باستمرار من الشرطة وهذا يجعلني أشعر بالسوء. بتنا نتجول بشعور سيئ لأن الشرطة لا تميز بين المجرم والصالح. باختصار نحن نخضع دوماً للمراقبة لأن الناس لديهم أحكام مسبقة بأن من يشبهوننا مجرمون (..) أشعر أنني أعيش في دولة بوليسية أو دكتاتورية”.
إلى أين الوجهة؟
يجيب عمر “أفكر في الهجرة للدول العربية مثل الإمارات أو قطر أو السعودية. بدأت التواصل مع أصدقاء لي هناك وأعمل جاهداً لأستطيع الحصول على عمل حتى لو لم يكن في مجال تخصصي”.
ويضيف “أريد الهجرة للدول العربية لأنهم يتقبلونني هناك وأشبههم. لا أريد الدول الأوروبية لأن الإجرام موجود في كل الدول الآن ولا أمان فيها إضافة إلى التمييز العنصري، ففي كل دولة أوربية هناك حزب يميني متطرف في الحكم لا يرغب بوجود المسلمين في دولته”.
والد عمر: أصبحنا عالقين
مصطفى الملي والد عمر يبلغ من العمر 47 عاماً وهو من أصل سوري ومن سكان لبنان سابقاً، هاجر إلى السويد في العام 1998. وعن تلك الفترة يقول “كنت مرتاحاً جداً وسعيداً في السويد. تزوجت وربيت أطفالي مع زوجتي بصعوبة في منطقة تعتبر خطرة في هيلسنبوري، وأصبحوا شباباً يحتذى بهم وتخرجوا من الجامعات لكنهم لا يستطيعون بسهولة الحصول على عمل. على سبيل المثال أنا وابني حسن عاطلين عن العمل ولا نجد فرصة عمل الآن، بينما تضطر زوجتي للعمل مع أنها مريضة لسد احتياجات العائلة، هذا يشعرنا بالضغط النفسي والخوف على زوجتي ونحن غير قادرين على فعل شيء”.
ويضيف “بدأت أشعر بالتمييز العنصري في السنوات الأخيرة خصوصاً حين أرى أولادي ورفاقهم يتقدمون لعدة أعمال ولكن أرباب العمل ينتقون الأشخاص بحسب أسمائهم”.
سافر مصطفى إلى لبنان عله يستطيع فعل شيء لنقل عائلته إلى هناك، لكن وضع الحرب في الجنوب اللبناني أعاده إلى السويد.
يقول مصطفى “هربت إلى السويد العام 1998 لأقوم بتأمين حياة آمنة لأطفالي بعيداً عن أصوات الصواريخ وأشكال الدمار التي لا تزال مرافقة لي في أحلامي منذ العام 1982 أثناء العدوان الإسرائيلي على لبنان، لكن للأسف أولادي هم من يريدون الهجرة الآن”.
ويضيف “أريد وعائلتي الهجرة من السويد ولكن لا أعلم الوجهة حتى الآن. لا يوجد لدينا بلاد نعود لها وأنا مدمر نفسياً وأشعر بأنني أموت في كل يوم”.
ريم لحدو