محكمة ستوكهولم تحكم على الإيراني حميد نوري بالسجن المؤبد

: 7/14/22, 2:10 PM
Updated: 7/14/22, 2:31 PM
من أمام محكمة ستوكهولم اليوم بعد الحكم على حميد نوري بالسجن المؤبد
Foto: Chris Anderson / TT
من أمام محكمة ستوكهولم اليوم بعد الحكم على حميد نوري بالسجن المؤبد Foto: Chris Anderson / TT

المحكمة اعتبرت الاتهامات جرائم حرب لأنها كانت متعلقة بالحرب العراقية الإيرانية

الكومبس – ستوكهولم: أصدرت محكمة ستوكهولم قبل قليل حكمها على الإيراني حميد نوري البالغ من العمر 61 عاماً. وحكمت عليه بالسجن المؤبد لمشاركته في إعدام عدد كبير من السجناء السياسيين في إيران صيف العام 1988.

وقال عضو المحكمة توماس زاندر في مؤتمر صحفي بعد الحكم “هذه عمليات إعدام لمتعاطفين مع حركة مجاهدي خلق ومتعاطفين مع مختلف الجماعات اليسارية. واعتبرت المحكمة نفسها مختصة بالإدانة بالجرائم المنسوبة إليه”.

وأضاف زاندر أن الأدلة في القضية كانت واسعة النطاق، واعتبرتها المحكمة “قوية”. وكان الدليل الرئيسي استجواب المدعين والشهود. كما ظهرت أدلة أخرى داعمة.

تابع “حُرم عدد كبير جداً من السجناء من الحياة. وتعرضوا لتعذيب شديد. وتنطوي الحوادث على انتهاكات جسيمة للقانون الدولي”.

92 يوماً من المحاكمة

وكانت محاكمة حميد نوري واحدة من أكبر المحاكمات من نوعها في السويد، حيث استمرت 92 يوماً من جلسات الاستماع في محكمة ستوكهولم وأدلى حوالي 70 مدعياً وشاهدا من مختلف أنحاء العالم بشهاداتهم حول تجاربهم، كسجناء في سجن غوهردشت خارج طهران في الثمانينيات.

وجرت المحاكمة في ستوكهولم رغم أن نوري مواطن إيراني وأن الجرائم المشتبه بها ارتكبت في إيران، لأن السويد تطبق مبدأ الولاية القضائية العالمية، وهو مبدأ يمنح الدولة الحق في محاكمة شخص من جزء آخر من العالم عندما تتعلق الشكوك بجرائم دولية خطيرة.

وقال المدعون العامون إن عمليات الإعدام تمت كجزء من حرب إيران والعراق، لأن المجموعة السياسية التي تعاطف معها العديد من السجناء الذين أعدموا تعاونت مع العراق. في حين قال محامي الدفاع إن عمليات الإعدام لا يمكن ربطها بالحرب، وبالتالي لم يكن للسويد الحق في المحاكمة.

وكانت الشرطة السويدية اعتقلت حميد نوري، الذي تصفه بعض وسائل الإعلام السويدية بلقب “الجلاد”، في نوفمبر 2019 في مطار أرلاندا وفق مبدأ الولاية القضائية العالمية الذي يتيح محاكمة مرتكبي الجرائم الخطيرة بغض النظر عن مكان وجودهم.

وقبل أكثر من 30 عاماً كان صوت حميد نوري يتردد صداه في “ممر الموت” داخل سجن غوهاردشت في إيران ليعلن أسماء من صدرت بحقهم احكام الإعدام، حسب الشهود. وكان السجناء السياسيون يستمعون من زنزاناتهم بإمعان على أمل ألا تكون أسماؤهم في قائمة الذين وجدت السلطات الإيرانية حينها أن معتقداتهم الأيديولوجية والدينية تتعارض مع دولة إيران الثيوقراطية (الحكم الديني). وكان مصيرهم التعذيب ثم الموت.

واليوم، يسمع نوري صدى اسمه يتردد في الحكم الذي صدر بحقه وعاقبة بالسجن المؤبد.

ويمكن أن يكون للحكم اليوم تداعيات دولية خصوصاً في ما يتعلق بعلاقة السويد مع إيران.

هكذا بدأت القصة

منذ الثورة الإسلامية 1979 تغيرت إيران جذرياً، ولم تعد البلد نفسها التي نشأ فيها كثير من المواطنين. ضمن الخميني المرشد الأعلى للثورة منصبه في السلطة وواجه معارضيه بعنف.

دخلت إيران في 1981 حرباً مع العراق التي كان يحكمها صدام حسين. وفي المرحلة الأخيرة من الحرب تعرضت إيران لهجمات متعددة من قبل الجناح العسكري لمنظمة “مجاهدي خلق الشعب الإيراني”. فأصدر الخميني فتوى ضد الشباب الذين انضموا إلى مجاهدي خلق والمتعاطفين مع الجماعات اليسارية الأخرى والأشخاص الذين اعتبر أنهم تخلوا عن عقيدتهم الإسلامية. فجرى اعتقال آلاف الأشخاص والحكم عليهم بالسجن. وبعد هجوم وقع في صيف عام 1988، أصدر الخميني أمراً بإعدام جميع السجناء الذين تعاطفوا مع مجاهدي خلق.

ووفقاً للمدعين العامين والشهود، فإن حميد نوري كان مساعداً لنائب المدعي العام في سجن غوهاردشت، وعمل بشكل وثيق مع مجموعة الأشخاص الذين أصدروا أوامر الإعدام، وهي المجموعة التي أصبحت تعرف فيما بعد باسم “لجنة الموت”. وقال الشهود إن حميد نوري كانت له مكانة قيادية في السجن.

ووفقاً للائحة الاتهام، فإن نوري استجوب السجناء وعذبهم واختار من سيواجه لجنة الموت. ونادى بأسماء الأشخاص الذين سيقتلون قبل أن يعصب أعين السجناء المدانين ويأخذهم إلى موقع الإعدام. كما أشرف على فرق الإعدام رمياً بالرصاص والإعدام شنقاً.

ووفقاً للشهادات، اعتاد حميد نوري أن يقول لأولئك الذين سيتم شنقهم أنه يحب أن يركل شخصياً الكرسي من تحت أقدامهم حين شنقهم.

وفي بعض الحالات احتفل موظفو السجن بعمليات الإعدام عبر توزيع الحلويات على بعضهم، ووفقاً لشهادة سجناء سابقين، كان حميد نوري يتجول في الردهة حاملاً الحلويات.

الشرطة السويدية

في 5 نوفمبر 2019 وصلت رسالة إلكترونية للشرطة السويدية، كانت تحوي معلومات محددة ومعنونة بـ”سري للغاية”.

كان المرسل مكتب محاماة بريطاني شهير يديره أستاذ سابق في جامعة أكسفورد. ناشدت الرسالة الإلكترونية الشرطة السويدية فتح تحقيق ضد حميد نوري بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

وبدا أن القضاء السويدي لن تكون لديه فرصة حقيقية للتحقيق في الجرائم المرتكبة منذ 30 عاماً في إيران دون وجود مشتبه به رهن الاحتجاز. غير أن الرسالة تضمنت أيضاً النص التالي “تلقينا معلومات تفيد بأن المواطن الإيراني، حميد نوري، المشتبه به في “مجزرة السجن” في العام 1988، سيسافر إلى السويد في 8 أو 9 نوفمبر 2019″.

وبالفعل جاء نوري إلى السويد في 9 نوفمبر واعتقلته الشرطة في مطار أرلاندا بمجرد أن وطأت قدماه الأراضي السويدية.

وتولت المدعيتان العامتان كريستينا كارلسون ومارتينا فينسلو القضية. وبعد حوالي عامين من التحقيق، وجه الادعاء العام الاتهامات، واندرج التحقيق في عدة آلاف من الصفحات متضمناً شهادة مفصلة بشأن إدانة حميد نوري في عمليات الإعدام الجماعية.

ورأى المدعون العامون أن السويد ملزمة بتنفيذ المحاكمة لأن الاتهامات خطيرة جداً.

ومنذ بدء المحاكمة في أغسطس من العام الماضي، نفى حميد نوري التهم الخطيرة الموجهة إليه الآن ويقول إنه لم يكن حتى في مسرح الجريمة. وقال محامو الدفاع إن قصص الشهود ليست ذات مصداقية وإن السويد يجب ألا تنظر في القضية.

اتهامات للرئيس الإيراني

وحظيت القضية باهتمام دولي كبير، وتابعتها وسائل إعلام عربية باهتمام، خصوصاً بعد أن تولى إبراهيم رئيسي منصبه رئيساً لإيران، حيث يتهمه عدد من الشهود ومنظمات حقوق الإنسان بأنه كان واحداً من أربعة قضاة أعضاء في ما يسمى “لجنة الموت”، المجموعة التي قررت أحكام الإعدام بحق السجناء السياسيين.

وأكد رئيسي براءته مراراً وتكراراً. ومع ذلك، قال إنه خلال تلك الفترة تلقى الأوامر من زعيم إيران الخميني، واعترف أيضاً بأن عمليات القتل الجماعي كانت مبررة عندما صدرت الفتوى. وفق ما ذكرت صحيفة أفتونبلادت في وقت سابق.

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.