الكومبس – خاص: أيقظت حادثة أوربرو الأخيرة مخاوف سناء (اسم مستعار) 68 عاماً، حيال ما تسمعه من ابنها يزن (اسم مستعار)، البالغ 37 عاماً، الذي يعاني من اضطراب نفسي حاد، بعدما ردد أمامها “لو كان معي سلاحاً لقتلت الناس وبعدها قتلت نفسي”.
قدمت سناء مع عائلتها من العراق إلى السويد عام 2001 وكان عمر يزن حينها 14 عاماً وبدأ في ذلك السن، بتعاطي المخدرات رغم محاولات والدته لمنعه بشتى الوسائل دون أي فائدة. كان يزن يدرس ويعمل حتى عمر الـ 24 عاماً حيث بدأت التغيرات تظهر عليه، إذ أصبح عصبياً عنيفاً هجومياً ولا يتحكم في مشاعره حتى أنه حاول الانتحار ثلاث مرات.
وأمام ذلك قامت الأم بعرضه على الأطباء وتبين أنه مصاب بمرض يدعى “اضطراب الفصام العاطفي” “Schizoaffektiv sjukdom”. تابعت سناء مع الأطباء المختصين، علاج يزن وتم وضعه في مصح لمساعدته ولكنه أصبح أكثر عصبية وأكثر عنفاً في ردود فعله، لذلك تم إخراجه ووضعه في منزل خاص به مع فرز موظفين مساعدين له.
كيف يتعامل يزن؟
لا يكون يزن عنيفاً دوماً بل مسالماً في كثير من الأحيان. ويتفوه بجمل كالتالي بحسب ما تقول والدته:” أنا أريد مساعدة الآخرين ولو كان معي نقود لساعدت المحتاجين لذلك أريد أن أعمل”. وتحدثت أمه عن استغلال طيبته من قبل أحد الأشخاص، حيث وقع على قرض باسمه بغرض مساعدته، وهو غير مؤهل ليفعل ذلك، مما اضطر المسؤولة عنه في خدمات الرعاية الاجتماعية بوضع مرافق يساعده بأموره المادية منعاً من استغلاله.
الأمور لا تسير على ما يرام دوماً، بل “يتعرّض يزن أحياناً لمعاملة عنيفة من قبل حارس الأمن في المستشفى” على حد قول والدته، ويخرج من المستشفى وهو في حال سيئة ويذهب إليها ويتعامل معها بطريقة عنيفة، مما يسبب لها الخوف والذعر. فتقوم بالاتصال بالشرطة لطلب المساعدة ولتحمي ابنها أيضاً، فتحضر الشرطة وتأخذ يزن ولكنها تتركه بعد نصف ساعة، كما تقول.
تواصلت سناء مع الشرطة أكثر من مرة وشرحت عن وضع ابنها وكيف أنه يهددها وممكن أن يشكل خطراً على الآخرين، وطلبت منهم المساعدة. وكانت إجابة الشرطة لها بحسب قولها هو أنه كلما شعرت بالذعر منه أو أنه ارتكب فعلاً ما فبإمكانك الاتصال بنا.
لا تخلو أيام سناء من الأحداث المفاجئة، بسبب ابنها فكثيراً ما يتعرّض للناس أو لأصحاب المحلات ويتصرف بطريقة عنيفة ولكنها لا تستطيع فعل شيء.
تقول سناء:
“من الصعب جداً أن أشاهد ابني بهذا الشكل ولا شيء يساعده حتى الأدوية. فأنا أم لا أريد بالطبع أن يكون ابني مسجوناً ولكن أريد فقط من المعنيين أن يقوموا باحتواء هؤلاء الأشخاص بفتح مراكز تدريب للقيام بأي عمل فعّال يشعر الشخص المريض نفسه من خلالها منتجاً وذي فائدة وبالتالي من الممكن أن يخفف من وطأة العنف التي تصطحب حالات كهذه.”
مرض “اضطراب الفصام العاطفي” من وجهة نظر طبية
الطبيب رياض البلداوي، استشاري في الطب والتحليل النفسي يعرّف مرض اضطراب الفصام العاطفي على أنه اضطراب نفسي خطير يبدأ في عمر المراهقة، يحدث نتيجة تغيرات في الدماغ و يجمع بين أعراض الفصام (مثل الهلوسات والأوهام) واضطرابات المزاج (مثل نوبات الاكتئاب أو الهوس).
الأعراض الأولية للمرض تظهر في عمر المراهقة حيث يصبح لدى المريض أفكار سوداوية وأفكار انتحارية وأصوات يسمعها توجهه لفعل أشياء معينة لا يرغب بفعلها، ولكن هذه الأصوات تجبره على فعلها ومن الممكن أن تتطور حالة الشاب وبالتالي يبدي عدم تفاعل مع المحيط من حوله، ويسبب ذلك حيرة للشاب لأنه لا يعرف ماذا سيفعل وخاصة أن الأهل كذلك لا يدركون ما يحدث معه، وبالتالي يصبح الشاب ضحيةً لاستخدام المخدرات لأجل العلاج الشخصي.
يقول البلداوي: “يكمن الخطر في حال عدم العلاج وبالتالي يبقى المريض مستمراً في سماع الأصوات المسيرة ويتعايش معها ويعتبرها واقع وحقيقة ومن الممكن أن تدفعه أن يقوم بأعمال هو فعلياً لا يريد فعلها ولكنه يجد نفسه بعد حين قد فعلها. أو تبدأ التخيلات لديه بأن الآخرين لا يستطيعون فهمه ويريدون قتله وبالتالي يقوم بتحرير نفسه من ذلك بالمبادرة أولاً والتعامل بعنف”.
ما العلاج بحسب الطبيب رياض البلداوي؟
العلاج مهم جداً لمرضى اضطراب الفصام العاطفي لأنه من دون العلاج سيكون المريض مصدر خطر على نفسه وعلى الآخرين وإذا أعطي المريض العلاج المناسب مع ضرورة المواظبة عليه فسوف يتحسن ولكن في حال عدم المواظبة على العلاج فسوف تصبح حالة المريض أكثر سوءاً من ذي قبل.
هناك أنواع كثيرة من العلاج في الطب النفسي، فبعض المرضى يحصلون على حبوب وتكون الاستجابة جيدة من قبل المريض كما أن العلاج قد تطور الآن فهناك نوع من الإبر الذي يعطى مرة واحدة في الشهر ويستخدم في كثير من الحياة للمرضى، الذين لا يواظبون على العقاقير بشكل يومي وكذلك يعطي نتائج جيدة.
تتطلب العديد من الحالات إجبار المريض للدخول إلى مركز خاص للرعاية الصحية. والطبيب النفسي هو الذي يقدّر حالة المريض وبالتالي يقرر إخضاعه لذلك.
اكتشاف المرض النفسي مبكراً عند المراهقين
يقول الدكتور البلداوي: “من الصعوبة اكتشاف المرض فعلياً في عمر المراهقة من قبل الوالدين وخاصة أن معظم المراهقين لديهم نفس الأعراض والتي تنطوي تحت الارتداد الاجتماعي ونوع من الكآبة أو التفاعل الحاد مع الآخرين وذلك بسبب تغيّر الهرمونات لذلك يتم تفسير كل الحالات من قبل الوالدين أو المؤسسات الصحية على أنها طبيعية بحكم أنه مراهق وتتغير الهرمونات ولكن فعلياً يجب الانتباه أكثر و محاولة اكتشافها مبكراً قبل استفحالها في سن ال 18 عاماً وتصبح حالة مرضية”.
ريم لحدو