الكومبس- خاص: “ألو ماما إنت منيحة؟” أربع كلمات أصبحت رائدة (اسم مستعار) تقولها يومياً لأمها “أم محمد” التي كانت تقيم سابقاً هي وعائلتها في مدينة حلب السورية، قبل أن تتزوج رائدة وتأتي إلى السويد وتخرج أم محمد وزوجها من منزلهما الواقع في منطقة حلب الجديدة بسبب التصعيد المفاجئ الذي شهدته المدينة مؤخراً على حد وصف رائدة.
وفي حديثها عن الوضع الإنساني لعائلتها، قالت رائدة للكومبس في اتصال هاتفي “والدي ووالدتي كبار في السن، والوضع في منطقة حلب الجديدة تغيّر بغمضة عين. أنا لا أحب أن أتكلم في السياسة لكن الوضع الإنساني سيئ جداً، بالبرد والمطر العالم غادرت منازلها بسبب الخوف والقصف من كل الجهات. أهلي لا يزالون في حلب ولكن كل فترة ينزحون من منطقة إلى أخرى”. تنهي رائدة المكالمة بعدها دون أي تعليق إضافي.
مخاوف من انقطاع الإنترنت
شهادة أخرى تلقتها الكومبس من عائلة مقيمة في مدينة يوتيبوري ولديها أقارب في مدينة حلب. تحدثت العائلة عن خشيتها من انقطاع شبكات الاتصال والإنترنت عن المدينة، بعد الانقطاع الجزئي للإنترنت عن بعض أجزاء المدينة وريفها بسبب تعرض أبراج الاتصالات للتضرر جراء المعارك، وفقاً لما تداولته صفحات محلية من مدينة حلب على مواقع التواصل الاجتماعي. وقال محمد (اسم مستعار) “أتواصل مع إخوتي الذين يقيمون في حلب بالقرب من منطقة الحمدانية عبر تطبيق الواتسآب كونه لا يستهلك إنترنت كثيراً، لكن أخشى أن أفقد التواصل مع عائلتي مرة أخرى كما حصل في 2016 حين بقيت أجزاء كبيرة من مدينة حلب دون إنترنت بسبب تعطل خدمة الراوتر (ADSL) لمدة عام ونصف تقريباً، وبطاقات الإنترنت الأخرى مرتفعة الثمن جداً في سوريا”.
وفقاً لـ”شبكة أخبار المعارك” الرسمية المعارضة على تلغرام، فإن شركة “سيريافون” لخدمات الهاتف المحمول بدأت عملها في مدينة حلب، حيث بدأت تركيب أبراج تغطية في بعض أجزاء المدينة التي سيطرت عليها ومنها: الجميلية، مبنى الإذاعة، إضافة إلى منطقة حلب الجديدة. وكانت الشركة أُسست العام 2022، ونشرت العديد من أبراج التغطية وخدمات الاتصال عبر الإنترنت في محافظة إدلب السورية.

وفي الجانب المقابل، قدمت شركتا “سيرياتيل” و”إم تي إن” العاملتين في منطقة سيطرة الجيش السوري باقات إنترنت مجانية لسكان حلب وريفها، مع تقديم باقات إنترنت مجانية خاصة بمقاتلي الجيش أسمتها “حماة الديار”.
لا مكاتب صرافة لتحويل الأموال
هيام (اسم مستعار) تحدثت عن مشاعر القلق التي عاشتها في السويد عند فقدان التواصل مع أختها المقيمة في منطقة الزبدية في حلب، بسبب سوء شبكة الإنترنت وانقطاعها المتكرر. وأضافت هيام “جميع مكاتب الصرافة متوقفة في سوريا، ولا أحد من عائلتي يستطيع استلام الأموال من أي جهة سواء أكانت حكومية أم خاصة.” وعن محاولة هيام مساعدة أختها بهذه الحالة قالت “لحسن الحظ أعرف عائلة مقيمة هنا في السويد لديها أيضاً أقارب في المنطقة ذاتها التي تسكن فيها أختي مع أطفالها، ولهذا أعطيهم مبلغاً مالياً بسيطاً بالكرون حسب استطاعتي، ويطلبون من أقاربهم إعطاء أختي أموال بنفس القيمة لكن بالدولار، وذلك لأنه لم يعد أحد يتعامل بالليرة السورية داخل بعض مناطق حلب، كل هذا من أجل أن تتمكن أختي من شراء بعض الطعام لأطفالها”. ونقلت هيام عن أختها المقيمة في حلب أن عدداً من مقاتلي المعارضة الموجودين في مدينة حلب قدموا الخبز مجاناً في بعض الأحيان، على حد تعبيرها.
وعن حركة النزوح في مدينتي حلب وإدلب السوريتين خلال الأيام القليلة الماضية، ذكر تقرير تابع لـ”مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية” (أوتشا) أنه خلال هذ الأيام نزح ما يقرب من 50 ألف شخصٍ من هاتين المدينتين وحدهما، وأكثر من نصف هؤلاء هم من الأطفال، كما ذكر تقرير نشره التلفزيون السويدي، أنه بسبب الوضع غير الآمن والحرب الأهلية المستمرة في سوريا منذ العام 2011 هناك عدة ملايين من السوريين الذين لا يزالون في حالة فرار وعدم استقرار إلى حد الآن.
وسيطرت فصائل معارضة يقودها إسلاميون على مدينة حلب الأسبوع الماضي بعد أن شنت هجوماً يوم الأربعاء ضد القوات الحكومية.
فيما شنت طائرات مقاتلة روسية وسورية هجوماً مضاداً على شمال غرب سوريا حيث تتقدم فضائل المعارضة.
وينقسم السوريون على وسائل التواصل بحدة إزاء ما يجري، بين من يعتبر تقدم فصائل المعارضة “تحريراً من نظام ديكتاتوري”، ومن يعتبره “حرباً على الدولة من قبل فصائل متطرفة لمصلحة تركيا”، فيما يظهر كثيرون مخاوفهم على المدنيين دون إظهار انحيازهم لأحد الطرفين.
وتحكم القوات النظامية بقيادة الرئيس السوري بشار الأسد أجزاء واسعة من البلاد بعد سنوات من الحرب الأهلية التي بدأت بثورة شعبية، وفقد خلالها حوالي نصف مليون شخص حياتهم. وحصل الرئيس السوري على دعم عسكري من روسيا وإيران وميليشيات عراقية وإيرانية.
بينما تتألف فصائل المعارضة في الشمال من تركيبة متنوعة من جماعات جهادية متطرفة، وجماعات أكثر اعتدالاً مدعومة من تركيا تسيطر على منطقة في شمال غرب سوريا.
وكانت القوات الكردية التي تسيطر على منطقة كبيرة في شمال شرق سوريا، بدعم من الولايات المتحدة، قالت إنها تعمل على إجلاء الأكراد الموجودين في حلب والمنطقة المحيطة بها.