هجمات لتنظيم القاعدة شرقي اليمن.. لماذا الآن؟

: 9/2/22, 5:10 PM
Updated: 9/2/22, 5:25 PM
بعد تفجير سيارة في عدن (أرسيفية)
 (AP Photo/Wail al-Qubaty)  TT
بعد تفجير سيارة في عدن (أرسيفية) (AP Photo/Wail al-Qubaty) TT

التنظيم يعيد ترتيب أوراقة ويوجه رسائل دامية

المبعوث السويدي يسعى لضمان موافقة الأطراف على تجديد الهدنة

تحليل إخباري: بعد العام 2019 فقد تنظيم القاعدة الجهادي في اليمن تماسكه إلى مستوى انخفضت تهديداته المميتة لدرجة لم يعد بمقدوره تنفيذ أي هجمات منظّمة كما اعتاد من قبل، لكن مؤخرًا أعاد التنظيم ترتيب أوراقه في معاقل جديدة ما لبث أن بدأ توجيه رسائل دامية، آخرها في محافظة شبوة جنوب شرق البلاد.

أدت عمليات عسكرية شاركت فيها الإمارات في حضرموت وشبوة وأبين جنوبي اليمن في الفترة 2016- 2019، إلى تحجيم دور التنظيم المتطرف وشل قدراته، ما دفع قياداته المطاردة إلى اللجوء نحو محافظة البيضاء، وسط اليمن وأطراف محافظة مأرب وتشكيل معاقل جديدة هناك اُستدعي إليها أعضاء التنظيم المُشتتين، لكن يبدو واضحاً اليوم إن انسحاب القوات الإماراتية من اليمن قبل نحو ثلاث سنوات وانحسار دور أبوظبي مكن التنيظمات الإرهابية من إعادة لملمة صفوفها، رغم وجود قوات محلية كافية العدد على الأقل ملتزمة بمكافحة الإرهاب كانت الإمارات أسستها ودربتها لهذا الغرض قبل انسحابها.

خلال أغسطس شهدت محافظة شبوة الواقعة شرقي اليمن والغنية بالنفط مواجهات عسكرية بين قوات موالية لمجلس القيادة الرئاسي وأخرى موالية لحزب الإصلاح الإسلامي، رفضت قرارات رئاسية بتغيير عدد من قادتها، وأدت المواجهات إلى انحسار رقعة سيطرة الإخوان المسلمين في المحافظة الاستراتيجية، ووفقا لمعطيات وتجارب سابقة في مناطق الجنوب اليمني على وجه الخصوص فإن كثيرين توقعوا حدوث سلسلة عمليات إرهابية ضد القوات الأمنية في المحافظة خصوصاً بعد نشر تنظيم القاعدة تسجيلاً صوتياً توعد فيه تلك القوات والتحالف الذي تقوده السعودية وعبر عن وقوف التنظيم إلى جانب حزب الإصلاح الإسلامي.

يوم الأربعاء اغتالت عناصر مجهولة قائداً محلياً شهيراً في قوات دفاع شبوة والمرافق الشخصي لمحافظ المحافظة بكمين مسلح، بعد أيام من محاولة اغتيال فاشلة بعبوة ناسفة دُبرت للمحافظ عوض الوزير في الطريق ذاته، وهي هجمات يتوقع الصحفي اليمني رئيس تحرير موقع يافع نيوز، ياسر اليافعي، أنها مجرد بداية لمخطط إرهابي تبدو ملامحه واضحة من اغتيالات لقيادات أمنية وسياسية بينها محافظ المحافظة الذي توعده تنظيم القاعدة أكثر من مرة بالتزامن مع حملة إعلامية واسعة تستهدف الرجل وتتولاها وسائل الإعلام المحسوبة على التنظيم الدولي للإخوان المسلمين داخل وخارج اليمن، حيث “تسعى الجماعات الاسلامية أيضاً لمنع أي استقرار في المحافظة المُطلة على سواحل بحر العرب والغنية بالنفط”، وفق الصحفي اليافعي الذي يضيف أن مناخاً ملائماً توفر للتنظيمات الجهادية في مناطق نائية بمحافظتي البيضاء ومأرب، الخاضعتين لسيطرة القوات الحكومية وجماعة أنصار الله الموالية لإيران، يسمح لها باستجماع قواها لإطلاق هجمات في مناطق سيطرة القوات الحكومية في الجنوب والشرق.

اغتيال التنظيم لأبو بكر العولقي أعقب خطاباً بث في مواقع إنترنت للقيادي في تنظيم القاعدة “أبو علي الحضرمي” دعا خلاله إلى مهاجمة التحالف الذي تقوده السعودية، والقوات الجنوبية الموالية للمجلس الرئاسي، ووجه دعوة للجماعات الإسلامية مسمياً حزب الإصلاح -الفرع المحلي لتنظيم الإخوان المسلمين- للتحالف مع التنظيم في مواجهة الخصوم المشتركين.

هجمات التنظيم الجهادي تنطلق بدرجة أساسية من محافظة البيضاء، إذ سبق وتعرضت مواقع في هذه المحافظة ومحافظة مأرب المجاورة لهجمات نفذتها طائرات أمريكية مسيّرة استهدفت أعضاء وقادة من تنظيم القاعدة. حالياً لا يستطيع التنظيم التخطيط لهجماته من المحافظات الجنوبية كما في السابق، لكنه ما زال يعتبر هذه المحافظات مسرحاً لعملياته التي يتم ترتيبها في معاقله بالبيضاء ومأرب”.

في الـ23 من يونيو الماضي، قتل خمسة جنود وأصيب 7 آخرين من قوات “دفاع شبوة” (قوات مؤلفة من مقاتلين محليين من أبناء محافظة شبوة) في هجوم نفذه متطرفون من تنظيم القاعدة استهدف حاجزاً أمنياً شرق مدينة عتق، بالتوازي مع عملية مماثلة للتنظيم في اليوم نفسه أسفرت عن مقتل 3 جنود وإصابة 3 آخرين من قوات الحزام الأمني في محافظة أبين.

وطبقاً للصحفي اليمني أنور التميمي، فإن هذه القوات شكلت “شوكة في حلق التنظيم” على حد تعبيره، بخلاف القوات الأخرى التي تماهت مع تحركاته في مناطق سيطرتها وتجنبت الدخول معه في أي مواجهات، مضيفاً “في فبراير الماضي اختطف التنظيم 5 موظفين أممين من منطقة في أبين تسيطر عليها القوات الموالية للإخوان المسلمين التي اتخذت موقفاً محايداً مما حدث”.

وقال التميمي “ما زال هناك غموض يلف أنشطة تنظيم القاعدة”، مرجحاً وجود تنسيق سري بين التنظيم وقوى أخرى سهلت له تحركاته، واستفاد من حيادها في بناء وتشييد معاقله الجديدة التي يدير ويوجه منها اليوم عناصره وعملياته الدامية في المحافظات الجنوبية، خاصة محافظة شبوة المرتبطة بحدود إدارية مع محافظتي مأرب والبيضاء.

على الجانب الآخر توجد حركة أنصار الله الحوثية التي تسيطر على العاصمة صنعاء ومحافظات شمالي البلاد، التي يسعى التحالف العربي والقوات الحكومية الدعومة منه لهزيمتها، وهو في قتال معها منذ نحو ثمان سنوات. وتراقب الحركة الأحداث في شبوة وإبين والجنوب عموماً وتحاول تحقيق أقصى استفادة منها، خصوصاً بعد هزيمتها غربي محافظة شبوة على يد القوات الجنوبية الموالية للمجلس الرئاسي الذي يتخذ من مدينة عدن مقراً له، باتت خصماً مشتركاً للحوثيين وللإخوان المسلمين ولتنظيم القاعدة بطبيعة الحال، وهي أطراف باتت تجمعها قواسم مشتركة كثيرة، أهمها أنها ترى أن التحالف الذي تقوده السعودية يسعى عبر القوات االحكومية للقضاء عليها وعلى ما يعتبره خطراً تمثله على المنطقة بشكل نهائي، وهنا يبدو التقارب بين تلك القوى أمراً لا مفر منه لها خصوصاً بعد هزائم تلقتها كل واحدة منها منفردة.

في ظل هذا المشهد شديد التعقيد يضاعف السويدي هانس غروندبيري مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن جهوده للحفاظ على الهدنة التي يرعاها منذ أبريل الماضي بين القوات الحكومية من جهة وحركة أنصار الله الحوثية من الجهة الثانية، ويسعى غروندبيري إلى ضمان موافقة الأطراف على تجديد الهدنة لشهرين آخرين عند نهاية الشهر الجاري، وهو الأمر الذي نجح فيه مرتين على الأقل حتى الآن ليحقق تقدماً ملحوظاً متفوقاً على ثلاثة مبعوثين سابقين.

علي حمزة

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.