الكومبس- خاص: تضم مدينة يوتيبوري نحو 30 مكتبة عامة موزعة على امتداد مساحة المدينة التي تبلغ نحو 450 كيلومتراً مربعاً. المكتبات التي تحتوي عدداً هائلاً من الكتب المتنوعة على اختلاف أصناف العلوم والفنون، تفتح أبوابها للأطفال أيضاً، حيث توجد العديد من الكتب الموجهة إلى الأطفال منذ ولادتهم مثل (Julia hjälper till)، و(första 100 orden)، إضافة إلى (Hela fina jag) الشهيرة جداً بين أوساط الآباء والأمهات أو المهتمين في الاطلاع على “أدب الطفل” (Barnlitteratur).

كتابٌ مجاني

منذ أكثر من ربع قرن (25 عاماً) توزع محافظة فيسترا يوتالاند بطاقة مجانية للأهالي من أجل شراء أحد الكتب الموجهة للأطفال خلال عامهم الأول. ويتم توزيع الهدية في نحو 49 بلدية تتبع للمحافظة ذاتها، وتهدف المبادرة التي تعد جزءاً من التعاون بين مستوصفات الرعاية الصحية والمكتبات العامة في المدينة إلى إلهام الآباء لزيارة المكتبات من أجل القراءة ورواية القصص واللعب مع أطفالهم وتحفيز تطورهم اللغوي، حيث يتلقى هذا الكتاب ما يزيد على 19 ألف طفل في محافظة فيسترا يوتالاند خلال عامهم الأول من حياتهم، وفقاً للإدارة الثقافية في المحافظة.

جعل المكتبات جزءاً من الحياة اليومية

نشرت بلدية يوتيبوري خلال الفترة الماضية بعض البيانات الصحفية حول التغييرات والتحديثات الجديدة لعمل المكتبات خلال العام الجديد، حيث أعلنت البلدية عن افتتاح مكتبة جديدة في منطقة “يلبو” مع توفير مساحات خاصة للدراسة، ونشاطات الأطفال المتنوعة، وذلك بعد إجراء استطلاعات رأي استهدفت آراء السكان حول حاجاتهم في ما يتعلق بتحسين عمل المكتبات، وزيادة ساعات عملها، مع التركيز على النشاطات التي يرغب الأهالي بوجودها داخل المكتبات من أجل جذب الأطفال إليها.

ووفقاً للبلدية، أظهرت نتائج الاستطلاعات التي أجرتها بلدية يوتيبوري في مناطق مثل “يلبو”، و”فرولوندا”، و”تيناريد” ذات الغالبية المهاجرة أن السكان يرغبون بزيادة ساعات عمل المكتبات في هذه المناطق، والاستماع إلى ملاحظاتهم حول مكاتبهم المحلية. حيث قالت مديرة مكتبة “يلبو”، إليزابيث جورج تشاندي “إن المكتبة ساحة مهمة للمجتمع الديمقراطي ولذلك من المهم أيضاً الاستماع إلى رغبات الزوار. لقد قمنا بهذا لفترة طويلة، ولكننا الآن اتخذنا خطوة أخرى في تعميق وتوسيع تلك الطريقة في العمل (..) إنه شعور جيد للغاية”.

وفي بيان آخر أعلنت بلدية يوتيبوري أيضاً تمديد ساعات العمل في العديد من مكتبات المدينة بنسبة 20 بالمئة لتشمل مزيداً من الساعات في عطلات نهاية الأسبوع والفترات المسائية أيضاً، وذلك بدءاً من الثالث من فبراير المقبل. كل هذه التحديثات على عمل المكتبات في المدينة بهدف “جعل المكتبة جزءاً من الحياة اليومية لسكان مدينة يوتيبوري”. وفقاً للبيان.

ثقافة زيارة المكتبات العامة عند المهاجرين

رانيا هادي لبنانية الأصل وهي إحدى مؤسسات جمعية (Mama barn grupp) التي تُعنى بخلق نشاطات ثقافية وترفيهية للأطفال في منطقة “تيناريد” في مدينة يوتيبوري، قالت للكومبس” أنا أعلّم الأطفال اللغة العربية في مكتبة “أوبال توريت”، هذه المكتبة كانت متنفّساً مهماً للأطفال والأهالي، وبناء على تجربتي فإن المكتبة هي مكان مهم لصقل شخصية الطفل ومنعه من الانحراف”.

وعند سؤالها عما إن كان الذهاب للمكتبة هو أمر مكُتسب بناء على تشجيع المؤسسات السويدية، قالت”في بلدي لبنان وفي بعض البلدان العربية ثقافة القراءة عموماً موجودة لكن يجب تشجيع الأولاد على ذلك. على سبيل المثال أولادي يذهبون إلى المكتبة بعد انتهاء المدرسة من أجل البدء في إتمام واجباتهم أو قراءة الكتب الأخرى، ويجدون في المكتبة مكاناً للراحة”. وأضافت “القراءة ساعدت ابني جواد (12 عاماً) على صقل شخصيته، وقد تم اختياره من قبل المكتبة لأنهم لاحظوا أنه يهوى الكتب، ولم يرفض أحدٌ من الأهالي القدوم إلى هذه المكتبة بسبب الأسلوب الذي نتبعه في جذب الأطفال للقراءة وممارسة نشاطات أخرى”.

وأضافت رانيا أن مشكلة استخدام الأطفال للأجهزة الإلكترونية “دمرت” فكر الأطفال، لأنهم ابتعدوا عن القراءة. ولفتت إلى أن القسم العربي في مكتبة “أوبال توريت” متعاون جداً مع الأهالي ويسمع لاقتراحاتهم دائماً. في الوقت ذاته، أشارت رانيا إلى أنه “من الصعب علينا كأشخاص بالغين أن نبتعد عن استخدام الهاتف المحمول لأنه أصبح كمكتبتنا الخاصة، لاسيما عند البحث عن معلومة ما في محركات البحث، أو في استخدام القاموس الإلكتروني الذي أصبح بديلاً عن القاموس الورقي، لكن في الوقت ذاته لا شيء يلغي متعة القراءة”.

الطفل جواد طرابلسي ذو الـ12 عاماً قال للكومبس “أنا أحب القراءة جداً وأحب عملي متطوعاً في مكتبة “أوبال توريت” فأنا أساعد الآخرين وأعيد الكتب إلى مكانها الصحيح، كما أنني مسؤول عن تعليم بعض الأطفال بعض الأعمال أو النشاطات الإبداعية”. وقال جواد إنه كتابه المفضل هو (The Five Nights at Freddy’s)”.

امرأة أخرى التقتها الكومبس عبرت عن رأيها حول ثقافة ارتياد المكتبات العامة في السويد من قبل المهاجرين بالقول “المكتبة وفرّت علينا شراء الكتب باستمرار للأطفال، لأننا نستعير من المكتبة المحلية الكتب التي نحب أن نقرأها معاً، لكن غالباً ما يفضل الأولاد أن نقرأ في المنزل، وبالتالي لا يعنيعدم ذهابنا للمكتبة أننا لا نقرأ في مكان آخر، فقياس هذا المؤشر صعب من وجهة نظري”.

ووجهت الكومبس سؤالاً لبعض المكتبات العامة في المدينة حول الأقسام الأكثر زيارة لديهم، وعما إن كانت هناك إحصاءات رسمية حول زيارة القسم العربي مقارنة بالأقسام الأخرى. وما زالت الكومبس بانتظار الإجابة.

راما الشعباني

يوتيبوري