هل قانون حظر سفر البنات لتزويجهن قسراً ولد ميتاً؟

: 8/27/21, 1:59 PM
Updated: 8/27/21, 1:59 PM
Foto: Janerik Henriksson / TT
Foto: Janerik Henriksson / TT

ليس سراً القول إن عدداً من المهاجرين، يقومون بتسفير بناتهم خاصة القاصرات، إلى خارج السويد، لتزويجهن رغماً عن ارادتهن. ولكن السر هو في اكتشاف مدى فعالية الإجراءات القانونية التي تتخذها الدولة للحد من هذه الظاهرة
وقبل 1 تموز/ يوليو 2020، لم يكن قانونيّاً مسموحاً للسلطات السويدية منع تسفير الفتيات، لكن اعتباراً من هذا التاريخ، دخل قانون جديد، حيّز التنفيذ، يسمح بمنع إخراج من هم تحت السن القانونية من السويد بهدف تزويجهم أو إجراء عمليات ختان للإناث.

ورغم مرور أكثر من عام على ذلك، أظهر تقرير نشره التلفزيون السويدي أن القانون الجديد ليس له تأثير كبير حتى الآن. ومنذ بدء العمل به مُنعت 28 فتاة فقط من الخروج من السويد، وفقاً لأرقام المحاكم.

وقالت سابينا لاندستيد من جمعية GAPF المعنية بمكافحة العنف المرتبط بالشرف “في الأسابيع الأخيرة بتنا نتلقى مكالمات شبه يومية عن فتيات جرى تسفيرهن خارج البلد”. ورأت أن القانون الجديد لا يحقق الغرض منه وأن البلاغات عن الفتيات تبعث على القلق، مضيفة “نرى أن الفتيات يتم إخراجهن من البلد باستمرار، مع علم السلطات للأسف”.

وحاول الفريق الوطني لمكافحة العنف والقمع المرتبطين بالشرف معرفة عدد الأطفال الذين يتم إخراجهم من البلاد بهدف تزويجهم. وقالت الخبيرة في الفريق سارة بيكستروم “ما نعرفه هو أن ما لا يقل عن 170 طفلاً أخرجوا من البلاد في العام 2019 وحده، والأمر يتعلق فقط بالبلديات التي رصدت الأرقام. العدد الحقيقي أكبر من ذلك بكثير”.

Foto: Janerik Henriksson / TT

تشديد عقوبات “جرائم الشرف”

التعديلات القانونية التي دخلت حيّز التنفيذ العام الماضي، تمنح دائرة الشؤون الاجتماعية ( السوسيال) حق حظر سفر الأطفال فوراً إن اشتبهت بخطر نقلهم إلى الخارج بغية تزويجهم أو الاعتداء الجنسي عليهم.

وكانت التعديلات جزءاً من اتفاق الحكومة مع حزبي الوسط والليبراليين. وتعني أن المحاكم ستعتبر الدوافع المتعلقة بالشرف ظروفاً مشددة عند إصدار أحكامها في القضايا الجنائية.

وأظهر تقرير لماتيلدا إريكسون، الخبيرة في القضايا المتعلقة بالعنف المرتبط بالشرف، في آذار/مارس 2019 وجود حوالي 200 طفل جرى تسفيرهم من السويد، ويشتبه في إخضاع العشرات منهم للتزويج القسري. ووجدت حالات قليلة من بلاغات الشرطة عن حالات الزواج القسري طريقها إلى القضاء، وصدرت إدانة بحق عدد أقل. لكن مع التعديلات الجديدة، يمكن للمحكمة أن تعاقب ولي الأمر حتى إن لم يجبر الأطفال على الزواج أو أي أشكال شبيهة به.

وستمكّن التعديلات التشريعية الجديدة اللجان الاجتماعية في أن تتخذ قراراً سريعاً في الحالات الطارئة إذا اشتبهت في أن الطفل على وشك أن يُؤخذ إلى الخارج للزواج أو للاعتداء الجنسي.

وهذا يعني أنه يمكن إيقاف إصدار جوازات السفر للأطفال والبالغين في محيط الطفل. ويمكن أن يعاقب البالغون بالحبس مدة تصل إلى عامين حال انتهاكهم حظر المغادرة.

الناشطة السياسية والاجتماعية دعاء تللو صادق من أوبسالا

على المراهقين أن يشعروا بالأمان إذا طلبوا المساعدة

الناشطة السياسية والاجتماعية دعاء تللو صادق من أوبسالا تقول لـ “الكومبس”: ” إن الموضوع يجب مناقشته مراراً وتكراراً، ووجود قانون في الدرجة الأولى أمر جيد، لكن ما مدى فعالية هذا القانون؟

نحن كنشطاء نطالب بقانون أكثر صرامة، لأن حسب الإحصائيات الحالات غير المعلن عنها أكثر بحوالي 6 أضعاف من الحالات المعلنة، وهذا الأمر بالتأكيد يدعو للقلق على مصير هؤلاء الأطفال والشباب.

أرى أن تشديد العقوبات على جرائم تزويج القاصرين والختان أمر في غاية الأهمية، بالإضافة الى إدخال دورات توعوية للأطفال ضمن المناهج الدراسية حول حقوقهم والقوانين التي تحفظ أمنهم وسلامتهم داخل السويد وخارجها.

بالإضافة الى التعاون بين المجتمع ككل وبين السياسيين في البلديات حيث يجب أن يأخذوا على عاتقهم المسؤولية في تطبيق القانون وزيادة التوعية، بحيث يكون الأطفال على معرفة انهم ليسوا وحدهم عندما يتعرضوا لذلك، وانهم سوف يتلقون الدعم المطلوب عند ابلاغهم عن الوضع.

“القانون ليس السبيل الوحيد للتخلص من المشكلة”

أما الباحث الاجتماعي فريد الشاني الذي يعمل منذ سنوات طويلة كمدير لدائرة الشؤون الاجتماعية ( السوسيال) في عدة مناطق من مدينة يوتوبوري، يرى أن “القانون ليس السبيل الوحيد لحل المشكلة، وانما وعي الإنسان ومعرفته بما يلزم عليه من أجل تطبيق القانون وصيانة الطفل والمرأة، هما العامل المهم في التخلص من عواقب المشكلة.

لذا من المهم جداً القيام بحملة واسعة وعلى جميع المستويات من منظمات المجتمع المدني والسلطات الاجتماعية والمدارس من أجل خلق حوار شامل حول هذا الموضوع ودراسته بشكل علمي بهدف التخلص من هذه المشكلة الاجتماعية.

الارادة السياسية لمعالجة المشاكل الاجتماعية عامل مهم جداً، ويتم ذلك من خلال خلق فرص كافية للعمل من اجل انجاح عملية الاندماج في المجتمع السويدي.

مدى تعاون المواطنين مع السلطات الاجتماعية هو عامل مهم أيضا في إنجاح العملية، ويعــد تمتــع الشــرطة بالثقـة علـى مسـتوى المجتمـع المحلـي، أمـراً بالـغ الأهمية كذلك، مـن أجـل تعزيـز قـدرة الناس علـى مواجهـة خطـاب الجماعـات الخارجة عن القانون.

كذلك فإن تعاون المواطن مع الشرطة والسلطات الاجتماعية في مكافحة هذه الظاهرة يعتبر من أهم العوامل لإنجاح تطبيق القانون، وخلق مجتمع قائم على أساس المساواة، واحترام حقوق الجميع بما فيها صيانة حقوق الأطفال.

يجب محاربة شائعة ” إنهم يريدون السيطرة على أولادنا”

ولتسليط الضوء على وجهة نظر قانونية تحدثت الكومبس مع المحامي مجيد الناشي الذي قال: “في الحقيقة، في مثل هكذا قوانين، يُتوقع أن تكون النتائج ضعيفة، والسبب هو أن القاصر نفسه هو الشخص المعني بإيصال المعلومة، وعادة يكون القاصر تابعاً لأهله ويرضخ لإرادتهم. وكان من المعروف عند تشريع القانون أنه لن يكون له تأثير كبير.

برأيي أن التغلب على المعوقات التي تعيق تطبيق القانون تكون من خلال زيادة الوعي بين القاصرين والأهل، حتى تنعرف أسباب تشريع هذه القوانين من قبل الدولة، وماهي الأسباب التي تمنعهم من هذا الأمر، حتى لا يتم نشر معلومات خاطئة، وشائعات “إنهم يريدون السيطرة على أولادنا”، بل إن هذه القوانين هي لحماية الطفل بالأساس.

زيادة الوعي تدفع بالناس إلى أن تكون أقل رغبة في تسفير بناتهن وتزويجهن خارج السويد أو حتى إجراء عمليات ختان الإناث.

وكمحامي رغم أني لست دائما مع زيادة العقوبة، لإن لا تعطي دائما نتائج فعلية، لكن في مثل هذه الحالات بالتأكيد عندما يعلم الشخص ان هناك عقوبة قاسية تنتظره، سنين طويلة، مقارنة بعقوبة أقل ستصبح العقوبة رادعة. وهنا تلعب وسائل الإعلام دورا مهما، فكلما تنشر مثل هذه الحالات سيزداد الوعي بحيث تكون رادعاً للشخص الذي يفكر القيام بذلك. وكذلك القاصرين من الممكن ان يسمعوا أكثر ويعرفون ان لديهم مثل هذه الحقوق.

في النهاية أريد القول إنه لا يمكن منع كل الحالات.

المشكلة مرتبطة بمعوقات الاندماج

أما الناشط السياسي والاجتماعي عباس الجنابي فيقول إنه “على الرغم من دخول القانون حيّز التنفيذ إلا أن مؤسسات الدولة المعنية بتنفيذه، لم تستطع بعد تلافي الخروقات التي تكتنف هذا النوع من الجرائم، وأعتقد ان القضية ينبغي ان تُدرس على نحو أشمل في تكامل مع قضايا ذات صلة وفي ترابط وثيق مع مستوى الجريمة المنظمة المتنامي واتساع نطاق استخدام جرائم القتل والمخدرات.

نحن نواجه محنة ناتجة عن المعوقات الحقيقية لسياسة الاندماج التي ورغم كل الجهود المخلصة لم ترتقِ بعد الى مستوى الآمال التي عُقدت عليها بسبب ان الكثير من العوائل المهاجرة ظلت تعيش بذات النمط الذي اعتادوا عليه في بلدانهم الأصلية من وضع المرأة داخل الأسرة باعتبارها مسؤولة فقط عن شؤون المنزل المعيشية. وكذا الحال بالنسبة لاختيارات الاطفال في الأسرة الأبوية حيث سلطة اتخاذ القرار فيها حصراً بيد الوالد. هذا النسيج الاجتماعي من القهر ومصادرة حرية اتخاذ القرار يكون بيئة تلقائية لتناقضات وجنوح من هذا النوع.

مسؤولية المجتمع اليوم تتحدد وفق معطيات أهمها تولي البلديات بحكم مهامها الإدارة اللامركزية متابعة هذه الحالات بآليات استباقية، وتسريع إجراءات الاندماج، حتى لو بدت غير شعبية، والحيلولة دون إسكان العائلات المهاجرة من الأقارب الى جانب بعضها البعض، لأن ذلك يساعد على تكوين شباب هذه العائلات ما تسميه الشرطة بعصابات الأقارب”.

قسم التحقيقات

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.