المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

الكومبس – رأي: يُناقش اندماج المهاجرين في السويد غالباً من زاوية اقتصادية أو ثقافية أو سياسية، لكن نادراً ما يتم التعمق في العوامل النفسية والاجتماعية التي تؤثر في هذه العملية. هناك أربعة عوائق رئيسية تقف أمام الاندماج الناجح: التعصب، والتحيز، والتشويش المعلوماتي، وأوهام العقل الباطن. من خلال فهم هذه العوامل ومعالجتها، يمكن لكل من المهاجرين والمجتمع السويدي بناء عملية اندماج أكثر نجاحاً.

التعصب: حاجز أمام الفهم المتبادل

التعصب ظاهرة إنسانية عالمية تؤثر على السويديين والمهاجرين على حد سواء. قد يكون لدى السويديين تصورات مسبقة عن المهاجرين، متأثرة بالإعلام أو بتجارب محدودة. في المقابل، قد يكون لدى المهاجرين تصورات مسبقة عن المجتمع السويدي، نابعة من تجاربهم السابقة أو من القصص المتداولة في محيطهم. هذا التعصب المتبادل يخلق حذراً وانعدام ثقة يعرقل عملية الاندماج.

التحيز: إدراك انتقائي للواقع

التحيز يجعلنا نفسر المعلومات بطرق تؤكد قناعاتنا السابقة. فالمهاجر الذي يواجه موقفاً سلبياً قد يعممه ليعتقد بأن “السويديين باردون ومتجنبون”، بينما قد يرى السويدي في خبر سلبي عن المهاجرين تأكيداً على أن “الاندماج لا يعمل”. هذا الإدراك الانتقائي يعمّق الاستقطاب ويمنع فهم الواقع بصورة متوازنة.

التشويش المعلوماتي: عندما تهيمن السرديات الزائفة

في عصر الإنترنت، نتعرض يومياً لكمّ هائل من المعلومات، لكن العديد منها منحاز أو مبسط أو حتى مضلل. وسائل التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام تكرّس الصور النمطية، مما يغذي الخوف وسوء الفهم بين الطرفين، ويؤثر على تصورات كل طرف عن الآخر.

أوهام العقل الباطن: التأثير الخفي على الاندماج

قد تكون لدى الناس قناعات لا واعية تؤثر على سلوكهم دون إدراكهم. فالمهاجر قد يشعر دائماً بأنه “غريب” حتى لو تم قبوله، والسويدي قد يرى أن “المهاجرين سيظلون غرباء” حتى بعد عقود من الاندماج. هذه الأنماط الفكرية قد تخلق نبوءات تحقق ذاتها، حيث يتصرف الأفراد بطرق تعزز مخاوفهم.

الطريق إلى الأمام: مسؤولية مشتركة نحو سويد أقوى

لنجاح الاندماج، يجب أن يكون هناك وعي متبادل. على المهاجر أن يفهم الثقافة السويدية بعمق دون أن يقع في الفخاخ الذهنية، وعلى المؤسسات السويدية ووسائل الإعلام أن تدرك دورها في تشكيل الرأي العام والعمل بوعي ضد الصور النمطية.

يجب أن يفهم صناع القرار أن الاندماج ليس مجرد لغة أو عمل، بل هو عملية نفسية واجتماعية تحتاج إلى سياسات تأخذ في الاعتبار هذه العوامل بعد مناقشتها على طاولة البحث العلمي. من خلال ذلك، يمكن أن تصبح السويد بلداً لا يُنظر فيه إلى الاندماج كواجب، بل كفرصة لمجتمع أكثر أماناً وازدهاراً وإنسانية.

منيس جعفر