المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
الكومبس – مقالات الرأي: قد يخفى على الكثيرين أبعاد وأسباب الحرب القائمة حالياً في اليمن ولعلي أجدها فرصة حسب وجهة نظري التي تحتمل الصواب والخطأ لشرح ما حدث وما يحدث في اليمن الذي كان سعيداً وأصبح جريحاً محاصراً يئن اليوم.
كانت ثورة فبراير الشبابية شرارة الثورة في اليمن والتي أدت إلى تنازل اضطراري من الرئيس السابق علي عبدالله صالح بوساطة ما يسمى المبادرة الخليجية لنائبه عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية اليمنية حالياً لفترة انتقالية.
حاولت الحكومة الانتقالية ومعها رئيس الجمهورية جاهدة على إقامة مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي جمع فيه كافة الأطياف السياسية ومنظمات المجتمع المدني والأقليات الدينية والطائفية وتركزت مخرجاتها على أن البلد لابد أن تخرج من قوقعة الحكم المركزي في صنعاء وسيطرة مشايخ القبائل في مناطقهم إلى منح أبناء كل إقليم حرية انتخاب واختيار أعضاء وممثلين عنه يديرون مناطقهم سياسياً واقتصادياً، وحرِص المؤتمر الوطني وأعضائه ورئيس الجمهورية والحكومة الانتقالية برئاسة دولة الأستاذ محمد سالم باسندوة على الاعتراف والاعتذار للحوثيين عن الحروب الستة السابقة أيام الرئيس السابق صالح وكذلك الاعتذار للأخوة اليمنيين في جنوب اليمن على ما لحق بهم من ظلم وتعسف وفساد والذي لم يكن يعانيه الجنوبيين فقط بل كل الشعب اليمني.
كان الشارع اليمني يترقب مخرجات الحوار الوطني الشامل لكن فرحة اليمنيين لم تكتمل بسبب رفض الحوثيين وبإيعاز ودعم الرئيس السابق صالح مما أدى في آخر المطاف إلى اختطاف الأستاذ أحمد عوض بن مبارك أمين عام مؤتمر الحوار الوطني وقتها لمنعه من تقديم مسودة للدستور الجديد خلال اجتماع رئاسي وبرر الحوثيين هذه الخطوة التي أسموها “توقيف” بأنها تهدف لإيقاف انقلاب على اتفاق السلم والشراكة لأن الدستور الجديد مخالف لمخرجات الحوار ولأنهم لم يوافقوا عليه لأنه “إرضاء للخارج ضمن مشروع يهدف إلى تفكيك البلاد إلى كيانات صغيرة متقاتلة”، في إشارة لرفضهم تقسيم البلاد لستة أقاليم ضمن دولة اتحادية.
تصاعدت حدة التوتر حتى أدى ذلك إلى محاصرة قصر رئاسة الجمهورية واضطرار الرئيس إلى تقديم استقالته احتجاجاً على الإقامة الجبرية التي فرضها الحوثيون عليه، وهروبه لاحقاً إلى مدينة عدن وإصراراً في الملاحقة قصفت طائرات الجو اليمني مبنى القصر الرئاسي في عدن وزحفت القوات الموالية للحوثيين والدولة العميقة في مؤسسات الدولة التابعة للنظام السابق لاعتقال أو قتل الرئيس الانتقالي عبدربه منصور هادي وتواصل هروب الرئيس اليمني من عدن إلى السعودية وبقي فيها حتى اللحظة وطلب من السعودية التدخل وفقاً – كما يقال – لإتفاقية أمنية دفاعية مشتركة.
في نهاية مارس 2015 بدأت مقاتلات التحالف العربي بقيادة السعودية غاراتها التي استهدفت في المقام الأول أنظمة الدفاع الجوي اليمني التي كانت تحت سيطرة الحوثيين وأنصار صالح، لكن مع مرور الوقت أصبح هذا القصف يستهدف المعسكرات والمقرات الحكومية والطرقات والجسور وحتى المدارس والمستشفيات، تسبب ذلك كله في أسوأ أزمة إنسانية يعيشها اليمنيون اليوم وحصار أطبق على كل مطارات البلاد ويعيش اليمنيين في ظلام دامس بسبب انقطاع الكهرباء العمومية منذ ما يقارب الأربع سنوات وصعوبة بل وانعدام الغذاء والدواء وانهيار أكثر من 85 %من القطاع الخاص، بالإضافة إلى تصاعد الجماعات المسلحة والأحزمة الأمنية المدعومة من الإمارات شريكة السعودية في عاصفة الحزم ثم عاصفة الأمل كما سميت لاحقاً!
كل هذه المسببات التي حدثت حولت الصراع من محلي إلى إقليمي طرفاها السعودية والإمارات من جهة وإيران من جهة أخرى وضحاياها يمنيين شباباً وأطفالا وكبار سن ونساء.
سيكون من الغباء أن نتفاءل بالمشاورات السياسية المقامة حالياً في ستوكهولم بين فرقاء لا يملكون حق اتخاذ قرار واحد أو تأييد أو رفض أي مقترح بدون العودة إلى القيادات التي ينتمون لها، وبالتالي ينبغي على المجتمع الدولي الضغط على أطراف النزاع لإرسال قيادات حقيقية وفاعلة تستطيع اتخاذ القرار والالتزام به للخروج بمفاوضات ينتج عنها قرارات حقيقية تساهم في حل الكارثة الإنسانية الأكبر في العالم التي حلت على الشعب اليمني وليتركوا للشعب اليمني أحقية العيش في سلام كما يحبون أن تحيا أوطانهم.
عبد الله سعيد
المسؤول الإعلامي في الجالية اليمنية جنوب السويد