كورونا ولعبة الأرقام

: 1/7/21, 9:52 AM
Updated: 1/8/21, 12:42 PM
كورونا ولعبة الأرقام

المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

السويد في المرتبة 25 عالميا من حيث عدد الوفيات لكل مليون شخص

مقالات الرأي: من السهل على أي محلل او إحصائي التلاعب بالأرقام واستخراج منها ما يريد إظهاره أو التركيز عليه، وذلك ممكن بأدوات الإحصاء والتحليل. فعلى سبيل المثال ما رأيك بخبر أن شخصاً قد غرق في بحيرة متوسط عمقها 10 سم؟! قد يبدو هذا للوهلة الأولى مستحيلا، ولكن المتوسط الحسابي هو بالفعل قادر على خداع تصورنا وفهمنا للواقع. ولكن من جهة ثانية فإن الإحصاء والرياضيات تظهر الحقائق والوقائع أفضل من أي طريقة أخرى.

جهات سياسية وإعلامية عديدة لعبت على أرقام وإحصاءات وفيات كورونا عن قصد أو عن غير قصد، خاصة من خلال إظهار الأرقام بشكل أصم دون وضع هذه الحسابات ضمن سياقها الصحيح وفي موقعها المطلوب. دعونا نضع بعض الأرقام والاحصائيات عن وفيات جائحة كورونا في السويد بشكل خاص والعالم بشكل عام لعام 2020 ضمن صورة أكثر تكاملا ووضوحا، ولنترك للقارئ حرية الاستنتاج.

بلغ عدد من توفوا بسبب مرض كوفيد- 19 بالسويد خلال عام 2020 بأكمله 8917 شخصا (تم تسجيل اول حالة وفاة ب 11 مارس/آذار) أي بمتوسط 30 وفاة يوميا، ولكن لكي نستطيع استيعاب هذا الرقم بشكل أفضل لنقم بمقارنته ببعض الأرقام والاحصائيات عن الوفيات بالسويد:

يتوفى سنويا بالسويد حوالي 90 ألف شخص، أي بمعدل 1731 شخص أسبوعيا و247 يوميا

عدد من توفوا بالسويد عام 2018 بأسباب تتعلق بالكحول 1941 شخص

عدد من توفوا بالسويد عام 2018 بسبب مرض السرطان 23 ألف شخص

مرتبة سويسرا هي 24 من حيث عدد الوفيات لكل مليون شخص، وفرنسا 18 واسبانيا 14 والولايات المتحدة 13 وبريطانيا 11 وإيطاليا 5 وبلجيكا 2

يقدر عدد من توفوا بالسويد سنويا بأسباب تتعلق بالتدخين بحوالي 12 ألف شخص سنوياً من بداية العقد الماضي

هذه الأرقام تعطي فكرة واضحة عن حجم ونسبة وفيات كورونا مقارنة بحجم الوفيات بشكل عام سنويا في السويد (مع التأكيد على أن موت كل شخص هو شيء مؤسف ومأساة كبرى لعائلته والمقربين منه بغض النظر عن سبب الوفاة).

ولكن كيف هي أرقام السويد مقارنة بالعالم؟

لكي نستطيع تقييم تأثير جائحة كورونا على عدد الوفيات في السويد، لنقم بمقارنتها بأرقام الدول الأخرى.

السويد بالمرتبة 32 عالميا من حيث عدد الوفيات الإجمالي بكورونا، وفي المرتبة 25 عالميا من حيث عدد الوفيات لكل مليون شخص (والذي يعطي فكرة أفضل عن نسبة الوفيات بغض النظر عن عدد السكان في البلد، وسيتم التركيز عليه لتقصير المقالة وتبسيطها). هذه المرتبة أفضل من العديد من الدول المتطورة والمتقدمة والتي قامت بإجراءات مشددة بالمقارنة مع السويد، فعلى سبيل المثال فإن مرتبة سويسرا هي 24 من حيث عدد الوفيات لكل مليون شخص، وفرنسا 18 واسبانيا 14 والولايات المتحدة 13 وبريطانيا 11 وإيطاليا 5 وبلجيكا 2

أي أن جميع هذه الدول المذكورة أعلاه لديها معدلات وفاة أعلى من السويد لكل مليون شخص مع كل الإجراءات والتشديدات التي قامت بها. هذا مع التذكير بأن السويد تمتلك نظام إحصاء سكاني هو من الأفضل عالميا (وأنا متطلع على ذلك من خلال عملي وأقوم بنفسي بجزء من هذه الاحصائيات)، بالإضافة الى حرص السويد على تسجيل كل حالات الوفاة بشكل صحيح. والجدير بالذكر أن أساليب قياس وفيات كورونا تختلف وتتباين بشكل واضح بين الدول، مع وجود دول تتلاعب بأرقام الوفيات بشكل مقصود لأسباب مختلفة، و وجود دول أخرى لديها أرقام افضل من السويد.

يمكن بعد عرض هذه الأرقام والاحصائيات القول بأن هناك تصور خاطئ وحكم مغلوط على أداء السويد خلال هذه الجائحة سواء من الداخل أو الخارج مع عدم انكار وجود أخطاء وقصور بشكل عام. وفي رأي المتواضع أنه من المبكر الحكم على أداء السويد بشكل كامل لحين انتهاء الجائحة وعودة الحياة الطبيعية، مع التشديد على عدم التقليل من خطورة الجائحة والتساهل معها وضرورة والالتزام بتعليمات هيئة الصحة.

في العودة إلى مثال البحيرة، نرى أن الخبر صحيح لأن متوسط عمق البحيرة هو فعلا 10سم ولكن هناك مناطق في البحيرة بعمق أكثر من مترين، وهناك تحديدا غرقت الضحية مع كون عمق باقي البحيرة بعمق بضع سينتمترات فقط، لذلك دعونا ألا نغرق بسطحية لعبة الارقام ونحاول دائما وضع الحسابات في سياقها الصحيح.

ريان رسول

مهندس مالي

ستوكهولم

المصادر

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.