المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
الكومبس – مقالات الرأي: إن المُتأمّل في النظام السويدي سواء كان نظام الحكم أو سياسات المصالح الحكوميّة المختلفة المُطبّقة على الجميع سيجد بشكل واضح بأنه تقريباً ليس هناك فرقٌ بين ما هو نظريٌّ مكتوب و ما هو مُنَفّذٌ على أرض الواقع.
وذلك في اعتقادي يرجع إلى تراكم المحاولات وتجديد
القوانين من فينة لأخرى لتناسب ما تم كتابته في الدستور و ليتم في النهاية تطبيقه.
و من لم يُلقِ نظرةً ولو سريعة على تاريخ السويد فإنه لن يستطيع رؤية الأحداث
الفاصلة التي تراكمت و تسبّبت نتائجها ( المتراكمة ) في نسج النموذج السويدي في
الوقت الحاضر والذي تقارب فيه المكتوب النظريّ مع المُنفّذ الواقعي إلى حدٍّ كبير،
و لن أقول حدّ التطابق لأنه ما من نظامٍ إنسانيٍّ كامل، و سيظلّ جديد العلوم و
الاكتشافات يبيّن دائماً للإنسان ما هو جديد في المعارف.
فإن كان الأمر كذلك فيما يتعلّق بالنظام الديمقراطيّ و آلية و أهداف عمل المؤسسات الحكومية و الغير حكومية، إلا أنه و من وجهة نظري تُعتبر خُطّة الترسيخ ( و المراد منها إدماج المهاجرين في المجتمع ) غير كافيةٍ بشكلها الحاليّ، و ما يثبت ذلك هو التغيير الذي طرأ مؤخراً على مكتب العمل من قبل الحكومة الائتلافيّة.
تُعتبر خُطّة الترسيخ ( و المراد منها إدماج المهاجرين في المجتمع ) غير كافيةٍ بشكلها الحاليّ
وفي اعتقادي
بأن القصور لا يكمن بالكليّة في كفاءة تطبيق و تنفيذ خطّة الترسيخ من قِبل مكتب
العمل، بل قد يكون المكتب هو أهمّ جزئية فعليّة و تفاعلية في الخطّة على الرغم من
وجود بعض العناصر العاملة لديهم و التي تركت انطباعاً سلبيّاً عند بعض المسجلين في
الترسيخ كما سمعت من بعضهم شخصيّاً، و على الرغم من ذلك فإني أرى القصور في
المحتوى النظريّ للخطّة و ليس في الجانب التنفيذي بها.
إنّ الإمكانيات
و الموارد الماديّة و البشريّة التي دُعِمت بها خطّة الترسيخ كبيرة جدّاً و هو ما
يعني و يؤكد جدّيّة الحكومة و دعم الركسداغن ( البرلمان) للمهاجرين لتأهيلهم و
مساندتهم طيلة فترة الترسيخ و التي تمتدّ لثلاث سنوات كاملة.
و في الوقت ذاته أرى انخراط المهاجرين في هذه
الخطّة و محاولة معظمهم الجادّة في إنهاء مرحلة Sfi في اللغة السويدية و كذلك للانخراط في سوق
العمل بأسرع ما يمكن.
و ما جعلني في
الحقيقة أكتب وجهة نظري هذه هو أنني قرأت بأنّ أعداد الباحثين عن العمل كثيرة و هو
أمر منطقي موجود في كل دول العالم ولا مجال لمناقشته الآن، إلا أن الذي صدمني
فعليّاً هو عدد الوظائف الشاغرة الذي يعلن عنه مكتب العمل على صفحته الرسمية و
الذي يفوق 80,000 وظيفة شاغرة، و هذا ما أدى بي إلى استنتاج الفرق الشاسع بين
المحتوى النظري للخطة و بين نتائج تطبيقها.
يركّز تحليلي هذا على أهم جزئية في الجانب النظري المكتوب في خطّة الترسيخ ألا وهو جانب التقييم لكلّ فرد. فهو من جانبٍ يتعامل مع القادم الجديد كونه ينقصه الكثير جدّاً ليدخل سوق العمل و ذلك بناءً على أهمية اللغة و معرفة بيئة العمل، فتُلزِمُه الخطّة بدخول مسار قد يكون طويلاً و يطفئ حماسة هذا المهاجر الذي قد لا يملك مهارات إتقان اللغة ، و من ناحية أخرى تتعامل معه الخطّة بتوسيع رقعة اختيار شكل العمل وفقاً لما يتناسب مع خبراته القديمة في بلده الأم و مع ذلك سيلتزم بفترة الممارسة العملية أو الفترة التجريبيّة إذا وجدت.
اللوم يقع أيضاً على المهاجر الطموح الذي قدم إلى السويد و لم يخلق فرصة عمل لنفسه بدون مساعدة أي جهة
بالطبع لا يقع
اللوم على الجانب الحكوميّ فقط الذي يحتاج إلى تطوير خطة الترسيخ من حين لآخر
بناءً على دراسات ميدانية و واقعية ، بل اللوم يقع أيضاً على المهاجر الطموح الذي
قدم إلى السويد و لم يخلق فرصة عمل لنفسه بدون مساعدة أي جهة، و الذي في الوقت
نفسه قد يتأثر سلباً ببعض المطالب في سوق العمل و التي تعتبر مناسبة لأولئك الذين
ولدوا و ترعرعوا و درسوا في السويد حيث تحصّلوا على مهارات و إمكانيات فضلاً عن
عدم شعورهم بعائق اللغة.
فالمهاجر أو القادم الجديد بغضّ النظر عن مستواه الدراسيّ فقد يكون محترفاً و صاحب مهنة في بلده الأم. و أحياناً كثيرة لكي يتمكّن من ممارسة مهنته في بلد كالسويد يحتاج إلى دراستها من جديد ، مما يثبّط عزيمته و يبدأ رحلته في البحث عن مهنة أخرى تناسبه في ظل الخيارات المطروحة من مسؤول/ة مكتب العمل مما يسبّب عزوفاً عما هو معروض و شاغر من الوظائف.
علي الأثرم
مقالات الرأي تعبر عن أصحابها وليس بالضرورة عن الكومبس