المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
بصدور هذا العدد في نهاية نوفمبر 2020 تحتفل جريدة الكومبس الورقية بعامها السابع، سبع سنوات على استمرار جريدة ورقية ناطقة بالعربية بعد سنة فقط من الإعلان عن انطلاق مشروع الكومبس الإعلامي، يمكن أن يعد إنجازاً بارزاً، ولكن هو أيضا مؤشراً على كبر المسؤولية التي قطعها على نفسه هذا المشروع، في مواجهة تحديات كبيرة.
لعل أهم هذه التحديات هو كيف تكون مؤسسة صحفية سويدية ناطقة بالعربية، مستقلة ومحايدة وقريبة من الناس، وتبحث عن الحقائق لتقدمها لهم بأسلوب سهل وغير ممل ومبسط، وبنفس الوقت تؤكد انتمائها للمجتمع وقيمه ومبادئه؟
لعل صحة الإجابة على هذه الأسئلة كان هو الضامن لموضوع الاستدامة والتطور.
هناك ممن عارض الكومبس، فقط لأنه يريد أن يتابع ما يحبه ويروق له
خلال مسيرة الكومبس المهنية استطاعت أن تنال ثقة المتابع الناطق بالعربية وثقة المجتمع ككل، وهذا ما حصدته في السنوات الأخيرة عندما جرى الاعتراف بها كوسيلة إعلامية سويدية، مثلها مثل وسائل الإعلام الأخرى، من خلال حصولها على جائزتين للصحافة في الأعوام 2018 و2019 على التوالي، ومن خلال استضافتها لوزراء ومسؤولين ضمن برامجها التلفزيونية والإذاعية ومن خلال اعتمادها لإيصال عدة رسائل للمجموعة الناطقة بالعربية حول مختلف الخدمات التي تقدمها مؤسسات حكومية وخاصة. كما تحدثت عدة صحف سويدية وغير سويدية عن الكومبس كمؤسسة إعلامية مستقلة ناطقة بالعربية في السويد. وجرى ويجري تعاون مع عدة مؤسسات سويدية وأوروبية لإنتاج برامج مشتركة، ولعل إطلاق برنامج “الكومبس ماركناد” بالتعاون مع مؤسسة الفيسبوك بالسويد هي إحدى المحطات الهامة على طريق النجاح بالانفتاح على مؤسسات كبرى، وأخيرا من خلال حصول الكومبس، هذا العام 2020 لأول مرة على مساعدة حكومية خاصة بالإعلام السويدي، ومع أن المبلغ متواضع بالنسبة لحجم الكومبس حاليا، إلا أن قيمته المعنوية كانت كبيرة لكل العاملين بالمؤسسة.
لم تكن مهمة الكومبس منذ البداية سهلة، خاصة في التعريف على هويتها المهنية ورسالتها الإنسانية، وقد واجهت العديد من رسائل التشكيك خاصة من أشخاص، غير معتادين على رؤية وسماع إعلام ناطق بالعربية في بلد اغتراب يحافظ على استقلاليته وعدم انحيازه إلى أي مكون أو طائفة أو دين أو أيديولوجيا أو إثنية أو حتى إلى أي خط سياسي.
وهناك ممن عارضوا الكومبس، فقط لأنهم يريدون أن يتابعوا ما يحبونه ويروق لهم.
ولكن كان ولا يزال أحد أسباب نجاحنا النسبي على الأقل واستمرارنا هي ثقة المتابعين، لأن هذه الثقة هي رأس المال الذي نعمل ونستثمر به.
الجريدة الورقية ليست بديلا عن الموقع الالكتروني بل مساندة له ومساعدة على انتشاره وتقويته. هناك فئة تهتم بالورقية لأنها تجدها بمتناول اليد، خاصة لكبار السن، وممن لا يتصفحون المواقع الالكترونية
عند إطلاق الجريدة الورقية وبمثل هذه الأيام قبل 7 سنوات طرح موقع الكومبس على قرائه سؤالا ضمن قسم “التصويت” لمعرفة رأيهم بإصدار جريدة ورقية باللغة العربية في السويد، وتوزع على تجمعات وجود الأجانب القادمين من دول عربية. نتائج التصويت جاءت إيجابية ومشجعة في أغلبها، لكن اللافت كان وجود بعض الآراء التي قد تستحق التوقف عندها، آراء نحن لا نعتبرها سلبية بل يمكن أن نسميها آراء على النقيض.
بعض هذه الآراء جاء على صيغة تساؤلات من نوع: من يقرأ؟ العرب خاصة هنا في السويد لا يهتمون بمتابعة الأخبار وما يجري حولهم، فالمثقفون منهم يعرفون اللغة السويدية، وغير المثقفين لا يجيدون القراءة حتى بلغتهم العربية. وهناك تعليقات وتساؤلات حول فعالية الجريدة الورقية امام ميزات وانتشار الصحافة الالكترونية ومواقع الإنترنت الاعلامية.
خاصة أن كلفة ومحدودية انتشار الصحف الورقية، قد تجعل الخوض بها بدون فائدة وبلا مردود.
طبعا نحن شكرنا جميع المشاركين بالتصويت وكل من أرسل تعليقات إيجابية مشجعة كانت أم غير مشجعة، وكتبنا وقتها التأكيدات التالية:
الجريدة الورقية ليست بديلا عن الموقع الالكتروني بل مساندة له ومساعدة على انتشاره وتقويته. هناك فئة تهتم بالورقية لأنها تجدها بمتناول اليد، خاصة لكبار السن، وممن لا يتصفحون المواقع الالكترونية، كما أن الجريدة وجدت قبولا ورواجا بمعظم المكتبات العامة السويدية، حيث يشترك بها الآن أكثر من 200 مكتبة.
كما أن القارئ للصحيفة الورقية مختلف عن القارئ للصحيفة الإلكترونية، الأول يقرأ بطريقة عمودية، بمعنى أنه ينتقل من الخبر ثم يذهب إلى التفاصيل، أما في الصحيفة الإلكترونية فالقارئ متصفح أكثر منه قارئ بالتالي ينتقل من خبر إلى آخر، ولذلك فإن إعداد الصحيفة الإلكترونية يختلف، أي أن الصحافة الإلكترونية لها لغة مختلفة عن الصحافة الورقية.
كان ولا يزال أحد أسباب نجاحنا النسبي على الأقل واستمرارنا هي ثقة المتابعين، لأن هذه الثقة هي رأس المال الذي نعمل ونستثمر به.
كنا على ثقة أن الجريدة ستجد رواجا بين من يجيد أو لا يجيد السويدية، على حد سواء، وليس صحيحا أن الجريدة لم تجد من يقرأها ومن يتابعها لأن طبيعة المواضيع والأسلوب وطريقة التناول إضافة إلى معرفة المجموعات المستهدفة بهذا التناول هي من أهم العوامل التي تفرض نفسها لتأمين شروط نجاح وانتشار جريدة الكومبس الورقية.
وأخيرا نحن نرى أن الجاليات الناطقة بالعربية في السويد، تستحق أن يكون لها جريدة ووسائل إعلام تتناسب مع حجمها ومع مبادئ وقيم المجتمع الذي يضمن حق الجميع بالحصول على المعلومة الصحيحة.
ونحن لا نزال نرحب بكل التعليقات والآراء واقتراحات التعاون ضمن هذا المشروع القائم، من قبل أشخاص أو شركات أو منظمات مدنية أو حكومية.
في العيد السابع لإصدار ورقية الكومبس، نشعر أننا لا نزال في بداية الطريق، وأن أمامنا المزيد من العمل لتحقيق رؤيتنا في أن نكون الوسيلة الإعلامية الناطقة بالعربية، الأكثر انتشارا ومصداقية في السويد وحتى في أوروبا، ومن أجل تحقيق مهمتنا في تقليل الفجوة المعلوماتية في المجتمع، فنحن نحترم أولا عقل المتلقي وخصوصياته الثقافية، وبنفس الوقت نحن نحرص على قيم الديمقراطية والمساواة التي يكافح المجتمع في ترسيخها والحفاظ عليها.
رئيس تحرير الكومبس
د. محمود آغا