المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
الكومبس – رأي: في قلب مدينة هلسنبوري، وفي لحظة تُسطّر فصلاً جديدًا في مسيرة الأقلية المسلمة في السويد، يقترب موعد افتتاح وقف هلسنبوري بالكامل مع نهاية شهر يونيو القادم. هذا الصرح الذي شُيّد بسواعد وهمم الأقلية المسلمة ليس مجرد مسجد؛ بل هو مشروع حضاري متكامل يعكس القيم السامية للإسلام ويعزز روح الانتماء والمشاركة في المجتمع السويدي.
حلمٌ تحقق بسواعد الشباب المسلم
انطلقت فكرة الوقف من إيمان عميق بأهمية بناء مركز إسلامي يُعبّر عن الصورة الحقيقية للإسلام دين الرحمة والسلام، ويكون منصة لتعزيز الاندماج الإيجابي داخل المجتمع السويدي. تكاتفت النخب الشبابية المسلمة في المدينة لتحقيق هذا المشروع، واضعين نصب أعينهم هدفًا ساميًا: بناء جسر حضاري يربط بين الإسلام وقيم المجتمع السويدي العريقة – قيم العدل والمساواة والتسامح.
تحولٌ في نظرة المسلمين لمكانتهم في المجتمع
لم يكن هذا المشروع مجرد مبنى، بل كان علامة فارقة غيّرت نظرة كثير من المسلمين حول انتمائهم للسويد. لطالما شعر البعض بأن وجودهم في البلاد مؤقت، وأن أبنائهم لن يجدوا مكانًا يُعبّر عن هويتهم. لكن مع الدعم الكبير الذي لقيه الوقف، بما في ذلك تأييد العديد من الأحزاب السياسية والمؤسسات المحلية، أدرك الكثيرون أن الأقلية المسلمة جزء أصيل من النسيج السويدي، وأن مساهمتها في المجتمع مرحب بها كغيرها من المكونات.
الوقف.. منطلقٌ لمشاريع تخدم الأقلية المسلمة
تنظر النخب المسلمة في المدينة إلى وقف هلسنبوري على أنه ليس مجرد مسجد، بل هو نقطة انطلاق لمشاريع متعددة تخدم الأقلية المسلمة وتعزز مساهمتها في تطوير المجتمع. فقد أصبح الوقف ملاذًا للجمعيات والهيئات التي تسعى لخدمة المسلمين، ومركزًا للأنشطة الثقافية والاجتماعية والتعليمية، مما يعزز حضور الأقلية في المشهد العام ويمنحها منصة فعالة للإسهام في نهضة المدينة.
دور الوقف في حماية الشباب وبناء مستقبلهم
لم يقتصر تأثير الوقف على توفير مكان للعبادة، بل امتد ليكون بيئة آمنة يجد فيها الشباب المسلم متنفسًا لأنشطتهم، بعيدًا عن البيئات التي قد تقودهم إلى مسارات سلبية تؤثر على مستقبلهم. وقد أدركت العائلات المسلمة في هلسنبوري أهمية هذا المشروع وحثّت أبنائها على الانخراط في برامجه، مما ساهم في خلق فضاء إيجابي يعزز الهوية والانتماء ويحصّن الشباب من الانجراف وراء المؤثرات السلبية.
دعوة لزيارة هذا المعلم الحضاري
مع اقتراب موعد الافتتاح الكامل للوقف، تُوجّه دعوة لكل من آمن برسالته ولأصدقاء الوقف لزيارة هذا الصرح والاستمتاع بروحانياته. إنه ثمرة جهد أقلية مسلمة طموحة صنعت بعملها وإصرارها نموذجًا يُحتذى به في بناء المؤسسات الناجحة والمستدامة.
نحو مستقبل أكثر إشراقًا للمسلمين في السويد
إن وقف هلسنبوري لم يكن مجرد مشروع منفرد، بل كان الشرارة التي أيقظت الوعي لدى الكثير من الجمعيات المعنية بالأقلية المسلمة، حيث أدركت إمكانية بناء صروح حضارية تليق بهم وتكون مصدر فخر واعتزاز. لقد كشف الوقف عن حاجة ملحّة لإنشاء مراكز إسلامية تخدم الأقلية وتساهم في تعزيز اندماجها الإيجابي داخل المجتمع.
وفي ظل التحديات التي يواجهها المسلمون في السويد، يأتي هذا الوقف ليعلن للعالم: “نحن هنا، نؤمن بالعدالة والمساواة، نحب هذا الوطن ونبني جسور الحوار والتفاهم، لا طريق الهدم والفرقة.” وما حدث في أوريبرو من اعتداء عنصري – الذي يعد من أبشع الحوادث في تاريخ السويد – لم يكن ليحدث لو وُجدت مراكز تسهم في توعية المجتمع وإظهار الإسلام على حقيقته كدين للسلام والتعايش.
مع اقتراب الافتتاح، ندرك أن هذا المشروع لم يكن سوى بداية لمستقبل أكثر إشراقًا، حيث يحمل المسلمون في السويد راية البناء والتطوير ويساهمون في صنع وطن متنوع وعادل يجتمع فيه الجميع على قيم المحبة والتآخي.
أحمد الأسمر