تبدو اقتراحات سحب الإقامات والجنسية المكتسبة في السويد كرةَ ثلج تتدحرج. الاقتراحات في الأيام الأخيرة تظهر أن ذلك باب إن انفتح فلن يكون ممكناً إغلاقُه ولن يقف عند حد. أمس دعت النائبة في البرلمان الأوروبي عن حزب المسيحيين الديمقراطيين أليس تودوريسكو موفه (Alice Teodorescu Måwe) إلى فرض شرط على من يسعى للحصول على الجنسية السويدية يقضي بالاعتراف بحق إسرائيل في الوجود، وتبني ما أسمته “القيم اليهودية المسيحية”. فيما قال حزبها المشارك في الحكومة إن هذا المطلب قد يصبح جزءاً من سياسة الحزب. موفه دعت إلى إمكانية سحب الجنسية ممن لا يلتزمون “بالتعهدات” المرتبطة بالجنسية السويدية. وقبلها أعلن وزير الهجرة يوهان فورشيل أن الحكومة تعمل على تقديم اقتراح يمكّن السلطات من إلغاء تصريح الإقامة للأشخاص الذين يشيدون بالمنظمات الإرهابية.الحديث عن سحب الجنسية بدأ باتفاق العام الماضي بين حزب ديمقراطيي السويد SD وأحزاب الحكومة اليمينية على اقتراح سحب الجنسية في حالات معينة، ما يعني عملياً طرح تعديل القوانين الأساسية السويدية المسمى اصطلاحاً الدستور الذي يفرض شبه حظر حالياً على إسقاط جنسية المواطنين. حينها كان الحديث عن سحب الجنسية ممن يرتكبون أعمالاً إرهابية أو جرائم خطيرة، أو يحصلون عليها عن طريق الرشوة، أو المعلومات الكاذبة. غير أن الاقتراحات قد تتسع الآن لتشمل من يعبرون عن رأي متعاطف مع تنظيمات تصنف إرهابية مثل حماس وحزب الله. وتتجنب الاقتراحات حالة انعدام الجنسية للأشخاص، ما يعني أنها موجهة لمزدوجي الجنسية وبعبارة أدق “السويديين من أصول مهاجرة”.

الجنسية محمية بالقوانين الأساسية في السويد، لذلك لا يمكن تشريع سحبها إلا بتعديل الدستور. وذلك يتطلب أغلبية برلمانية لدورتين متتاليتين

تبدو العملية طويلة، غير أنها ليست مستحيلة فيما لو حصلت أحزاب اليمين الأربعة على الأغلبية البرلمانية بعد الانتخابات المقبلة. حينها قد يُفتح باب سحب الجنسية من الأشخاص الحاصلين عليها لأسباب تبدو ضرورية للمجتمع، غير أن إيقافها عند هذا الحد لا يبدو أمراً عملياً مع تكاثر الاقتراحات التي تريد تطبيق ذلك حتى بسبب تعليقٍ على وسائل التواصل. في ذلك ما يضع حقوق الإنسان على المحك ويجعل المهاجرين تحت سيف مسلط دائماً على رقابهم اسمه “إلغاء المواطنة”.

مواطنون من الدرجة الثانية، إحساس بدأ يترسخ لدى كثير من المهاجرين وسط خطاب سياسي يقوده حزب SD الطامح لأحادية ثقافية في البلاد. خطاب بات يغري أحزاب الحكومة سعياً لجذب أصوات اليمين، فهل تقدم الحكومة فعلاً حلولاً لمشكلات ملحة أم تخلق بسياساتها مشكلات أخرى أكثر عمقاً وشمولية؟