“لا تقللوا من أهمية المشكلات التي يواجهها المهاجرون مثل تداعيات حرق المصحف والحملات المتعلقة بالأطفال”.. ولا تتركوهم لمن يريد أن يستغل الاحداث لزيادة الانقسام في المجتمع”. “المهاجرون أو الوافدون الجدد أو االلاجئون أو السويديون الجددد، أياً كانت التسمية، باتوا الحلقةَ الأضعف في مسألة الفصل المجتمعي نتيجة تأجيل مناقشة قضاياهم”. كان ذلك فحوى رسائل طرحتها الكومبس اليوم بصوت عالٍ وتحت قبة البرلمان السويدي أمام خبراء وصناعِ قرارٍ وسياسيين رفيعي المستوى، في مقدمتهم زعيمةُ المعارضة مجدلينا أندرشون. وبينما كان البرلمان السويدي يصوّت على عضوية الناتو، كانت قاعة أخرى في البرلمان تشهد مناقشات مطولة حول المشهد الإعلامي الجديد، وحملات المعلومات المضللة وتأثير منصات التواصل على الديمقراطية، وكذلك مدى أهمية بقاء إعلام الخدمة العامة. وكان المهاجرون أو السويديون الجدد في المركز من هذه المناقشات. “الحملة ضد الخدمات الاجتماعية قيدت من خارج السويد وازدادت توتراً بعد ربطها بأحداث حرق المصحف”، يقول ممثل هيئة الدفاع النفسي متحدثاً أيضاً عن محاولات التأثير الخارجية على الانتخابات. استفز الموضوع مجدلينا أندرشون لتقاطع المقدم بسؤال مباشر: هل أثّر هذا التدخلُ على نتائج الانتخابات، وماذا عن الحملات التي ساندت حزباً مثل نيانس؟ لم تحصل مجدلينا على جواب شافٍ يبرّد ربما نار خسارة كتلتها الانتخابات، غير أن السؤال وحدَه يكشف عن عمق الأزمة التي بات سياسيو السويد يشعرون بها إزاء المعلومات، خصوصاً منها الكاذبة أو الناقصة، في بلاد لا يعتبر فيها الكذب جريمة، على حد قول أحد الحقوقيين المداخلين.

الدعاية، والمعلومات المضللة، ونقص المعلومات، وحملات التأثير، والأزمات.. كلمات تكررت كثيراً في ندوة البرلمان اليوم. خبراء من الهيئات السويدية ومسؤولون في وسائل إعلام كبرى، وسياسيون، جميعهم يسألون ما العمل حتى نضمن حصول سكان السويد، كل سكان السويد، على المعلومات الصحيحة، خصوصاً في الأزمات. الرئيسة التنفيذية للكومبس يوليا آغا أجابت على سؤال ما العمل بالقول إن الهيئات وأصحاب القرار بحاجة إلى التواصل مع الناس ومناقشة هواجسهم وقضاياهم، وزيادة ثقتهم بالمؤسسات، وفي الوقت نفسه مواجهة الجهات التي تهدف إلى زيادة حدة الاستقطاب وإضعاف المجتمع السويدي. وبوضوح، سمّت يوليا هذه القوى بجهتين، الإسلامويين المتطرفين الذين يريدون أن يبعدوا المسلمين عن مجتمعهم، وقوى اليمين المتطرف التي لا تريد أيضاً أن ترى المهاجرين مندمجين في السويد، ولذلك تكره مؤسسة إعلامية تشجع على الاندماج مثل الكومبس. يوليا أكدت أن كثيراً من المهاجرين بحاجة إلى الأدوات والظروف المناسبة ليصبحوا جزءاً حقيقياً من المجتمع وينبغي عدم تركهم فريسة سهلة لحملات التأثير والمعلومات المضللة.

رئيسة الاشتراكيين الديمقراطيين مجدلينا أندرشون أكدت الحاجة إلى استمرار مناقشة كل هذه القضايا التي أصبحت تشكل خطورة على المجتمع، متعهدة بتقديم اقتراحات محددة للبرلمان في نهاية المناقشات المتعلقة بهذه القضايا. طريق التغيير في السويد إذاً يبدأ من هنا، من البرلمان، وعبر خلق نقاش في المجتمع حول القضايا التي تهم الناس. الحراك حول القضايا ينتج أفكاراً جديدة وتغييراً لا يحتكره السياسيون فقط رغم أنهم يكبسون زر التصويت، لكن من ورائهم مجموعات عمل ضاغطة تستطيع إيصال صوتها إن عرفت كيف يُسمع المنادي الأحياء.