جدل حول تدريس اللغة الأم في السويد

: 1/12/23, 11:30 AM
Updated: 1/12/23, 11:30 AM

أُثير مؤخراً في السويد جدل حول حق تعلم اللغة الأم في المدارس. بعض الاحزاب تريد إلغاء هذه الامكانية والبعض الآخر يدافع عن بقائها. لكن ما هو حق تعلم اللغة الأم؟ وأي الأحزاب تدافع عنه وأيّها تريد إلغاءه؟ وهل هناك خطر يتمثل في حرمان الأطفال من تعلم أسس وقواعد لغة أهاليهم في أوقات الدوام المدرسي؟

قبل الخوض في دروس اللّغة الأم، دعونا نعرّف اللغة الأم أو ما يعرف بالـ modersmål.

اللغة الأم أو اللغة الأولى هي اللغة التي يتعلمها أو يتكلمها الشخص للمرة الأولى عند الطفولة. يمكن لشخص أيضاً أن يكون لديه عدة لغات أم، إذا تعلم لغات متعددة في الوقت نفسه، على سبيل المثال من خلال وجود والدين يتحدثان لغات مختلفة.

ما هو حق تعلم هذه اللغة في السويد ومتى يحق للطالب استخدام هذا الحق؟

وفقاً لمصلحة إدارة المدارس skolverket فإن التلاميذ الذين يتحدثون لغة أم غير اللغة السويدية يحصلون على فرصة لدراسة لغتهم الأم كمادة في المدرسة. وترى مصلحة المدارس أن الهدف من تدريس المادة هو “إعطاء الطالب الفرصة لتطوير المعرفة في لغته. كما أن للغة الأم أهمية كبيرة في تنمية لغة الأطفال وهويتهم وشخصيتهم وتطورتفكيرهم. وتوفر اللغة الأم المتطورة ظروفاً جيدة لتعلم اللغة السويدية ومواضيع أخرى.

يستطيع الطالب في السويد تعلم اللغة الأم في المراحل الدراسية الإبتدائية والإعدادية والثانوية، حيث يتم التقييم وإعطاء الدرجات في المادة بنفس الطريقة كما في المواد الأخرى وفقاً للخطط التعليمية السويدية.

ويجب التنويه إلى أن حق تعلم اللغة الأم ليس تلقائياً، بل يجب على أولياء الأمور تقديم طلب ليحصل طفلهم على الدروس في المدرسة. ويجب أن يستوفي الطفل الشروط التالية:

١. أن يكون لأحد الوالدين أو كليهما لغة أخرى غير السويدية كلغة أم.

٢. أن تشكل اللغة لغة التواصل اليومية للطالب في المنزل.

٣.أن يكون لدى الطالب معرفة بأساسيات اللغة.

والإستثناء الوحيد هو أن يكون الطفل متبنى وفي هذه الحالة يحق له تعلم لغة البلد الذي تٌبني منه.

أما المدرسة فمن واجبها أن تقدم فرصة تدريس اللغة الأم فقط في حال استوفت هذه الشروط:

١. يوجد خمسة طلاب على الأقل يحق لهم دراسة تلك اللغة.

٢. الطلاب يريدون أن يتعلموا اللغة.

٣. وأن يكون هناك مدرّس مناسب لتعليم اللغة.

وإضافة إلى حق تعلم اللغة الأم، للطلاب ذوي الأصول الأجنبية في بعض الحالات حق الحصول على مدرس مساعد في المواد الأخرى يتكلم اللغة الأم.

وفقا لوصف مصلحة المدارس السويدية فإن إمكانية تعلم اللغة الأم حق منظم وله قوانينه وقواعده، فما هي مشكلة بعض الاحزاب مع هذا النوع من الدروس وأيّ الأحزاب تهدد هذا الحق من الأساس؟

مبدئياً جاء الاقتراح من حزب ديمقراطيي السويد SD الذي ألهم الحكومة الجديدة بقيادة حزب المحافظين أن يدرجوا “إعادة النظر” في هذا الحق كأحد بنود إتفاق تيدو Tidöavtalet وكان نص الإتفاق على النحو التالي: “يجب إطلاق تحقيق بمهمة مراجعة تدريس اللغة الأم بهدف ألا يؤثر سلباً على الاندماج أو تطور معرفة الطالب باللغة السويدية مع مراعاة الوضع الخاص للغات الأقليات القومية في القانون.”

ومع ذلك فإن التعليمات الدقيقة للمحققين ليست واضحة، ويأمل حزب ديمقراطيي السويد أن يكون قادراً على التأثير على التوجيهات باتجاه التحقيق في إمكانية إلغاء تدريس اللغة الأم بالكامل في جميع اللغات باستثناء لغات الأقليات القومية. وقال ممثل حزب ديمقراطيي السويد SD في البرلمان باتريك ريسلو إنه ينبغي ألا يكون تعليم اللغة الأم ممولاً من الضرائب بل يجب استبداله بالتعليم السويدي.

أستاذة علم التربية المتخصصة في تعدد اللغات في جامعة أوبسالا آن ريث وارن انتقدت الاقتراح، وقالت انه لا يوجد أيّ بحث علمي يشير إلى أن تدريس اللغة الأم سيكون له تأثير سلبي على تعلم الطالب للغة السويدية. النقد الثاني جاء من وزيرة المدارس لوتا إدهولم التي أكدت أن هذا الطلب ليس جزءاً من اتفاقية تيدو التي تشكلت على أساسها الحكومة اليمينية في البلاد.

وبخلاف حزب ديمقراطيي السويد SD كان لحزب المسيحيين الديمقراطيين هو الآخر رأي مماثل في موضوع إلغاء تدريس اللغة الأم قبل عامين تقريباً، حيث اقترحت قيادة الحزب برئاسة إيبا بوش إلغاء تعليم اللغة الأم بسبب وجود ما اعتبرته “أوجه قصور في تدريسها، منها أن 40 بالمئة من المعلمين ليسوا مؤهلين وأن ربع المدارس لا توافق مفتشية المدارس على أدائها في هذا المجال”. قوبل اقتراح رئاسة الحزب حينها بانتقادات حادة، أهمها من وزيرة التعليم السابقة آنا ايكستروم التي قالت حينها “نعرف أن الطلاب الذين يدرسون اللغة الأم يكون أداؤهم أفضل في المدرسة ويحصلون على درجات أعلى من الطلاب الذين لم يدرسوها”. حزب المسيحيين الديمقراطيين تراجع عن اقتراحه في النهاية، لكن مع شعور اليمين بنشوة الأغلبية في البرلمان، وإلحاح SD على الإلغاء يبقى الجدل قائماً حول حق أطفال المهاجرين في تعلم لغة آبائهم وأجدادهم.

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.